دول مجلس التعاون الإسلامي تتفق على إنشاء صندوق إغاثة إنساني لأفغانستان
وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي يؤكدون على ضرورة إنقاذ أفغانستان من انهيارها، ودعمها بالمساعدات الإنسانية العاجلة، ومحاولة إيجاد حكومة تضمن استقرارها.
شدد المشاركون في مؤتمر وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي الذي بدأ أعماله يوم الأحد بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد، على ضرورة إنقاذ أفغانستان من واقعها الحالي الذي ينذر بالانهيار.
دعم إيراني للمساعدات الإنسانية في أفغانستان
قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في كلمته خلال المؤتمر إن الأزمة في أفغانستان تزداد أبعادها مع مرور الأيام، والحل الوحيد هو الوصول إلى مرحلة من الاستقرار السياسي والاجتماعي عبر تشكيل حكومة أفغانية شاملة ومؤثرة بمشاركة جميع الأقوام والمذاهب في هذا البلد، مضيفاً أن هذا يصب في خدمة المصالح المشتركة للمنطقة ايضاً.
وتابع أن "التأخير في هذا الأمر سيتيح الفرص لأعداء الشعب الافغاني من أجل توسيع رقعة الإرهاب وتصعيد الأزمة الاقتصادية والصحية وشح المستلزمات الأساسية، كما سيؤدي إلى تعزيز نشاطات المجرمين وزيادة الفوضى والفقر والمجاعة، وذلك في ضوء انهيار البنى التحتية الناجم عن 20 عاماً من الاحتلال الأميركي للبلاد".
وعن الحلول، نوه أمير عبد اللهيان إلى ضرورة المصالحة الوطنية والتماسك بين جميع أطياف الشعب الأفغاني وإشراكهم في الحكومة الشاملة والسيادة، إلى جانب المبادرات الإنسانية من قبل دول الجوار والمنطقة والعالم الإسلامي، مشيراً إلى هواجس الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه تطورات أفغانستان.
كما أكد أن الشعب الافغاني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، داعياً لتأسيس "صندوق النقد بين دول العالم الاسلامي"، في سياق تحقيق هذه المبادرة.
دور تخريبي لأميركا في أفغانستان
بدوره، أشار حسن كاظمي قمي الممثل الخاص للجمهورية الإسلامية الإيرانية في أفغانستان إلى "دور أميركا التخريبي في هذه البلاد قائلاً: "الأميركيون لم يتركوا أفغانستان وشعبها اليوم، ونحن نشهد عدم استقرار وانعدام الأمن في هذا البلد بأدوات الحروب بالوكالة والجماعات التكفيرية مثل داعش، مضيفاً أن عقد هذا الاجتماع كان خطوة فعالة للخروج من هذه الأزمات".
وأضاف: "إن جمهورية إيران الإسلامية، كدولة مجاورة ومسلمة ودولة متأثرة بالتطورات الداخلية في أفغانستان، وبالطبع ليست إيران وحدها بل إن أمن واستقرار المنطقة يتأثران بالأوضاع في أفغانستان، وهي أكثر حساسية لقضية أفغانستان ومعاناة الشعب الأفغاني".
دعم تركي للحكومة الأفغانية الحالية
وفي سياق متصل، عبر الجانب التركي عن اهتمامه بقضية أفغانستان، حيث أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو ضرورة دعم البلد للحيلولة دون انهيار اقتصادها.
وقال تشاووش أوغلو في كلمته خلال المؤتمر أنه يجب الحيلولة دون انهيار الاقتصاد الأفغاني من خلال مساعدة ودعم النظام المالي وإيجاد الحلول المناسبة لمشكلة السيولة، مشدداً على ضرورة العمل مع حكومة طالبان من أجل تحقيق الاستقرار في أفغانستان.
ودعامنظمة التعاون الإسلامي للعب دور قيادي في تحريك مسألة الدعم الدولي لأفغانستان، مضيفاً أن "دعم أفغانستان واجب أخلاقي وديني ويجب أن تقوم منظمة التعاون الإسلامي بدور قيادي في حشد الدعم الدولي لأفغانستان".
ونوه إلى وجود 23 مليون أفغاني أي 60 بالمئة من الشعب مهددون بالمجاعة، قائلاً: " علينا مواصلة دعم الحكومة الحالية كي تستوعب وتصون حقوق الجميع وتوسع من دائرة وصول النساء والبنات للتعليم والعمل، وعلينا تقديم اقتراحات في هذا الخصوص".
أما باكستان فقد حذّرت من "عواقب وخيمة" على المجتمع الدولي إذا استمرّ الانهيار الاقتصادي في أفغانستان وحضّت قادة العالم على إيجاد سبل للتعامل مع قادة "طالبان" للمساعدة في منع حدوث كارثة إنسانية.
وقال وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي أن الأزمة المتفاقمة قد تؤدي إلى مجاعة شديدة وتدفق جديد للاجئين وتصاعد للتطرف مضيفاً أنه لا يمكن تجاهل خطر الانهيار الاقتصادي التام.
بيان يطرح حلولاً للأزمة الأفغانية
من جانبها، تعهّدت منظمة التعاون الإسلامي وفق بيان أوردته على موقعها الإلكتروني، بالتنسيق مع الأمم المتحدة في إطار الجهود الرامية إلى تحرير أصول أفغانية مجمّدة بمئات ملايين الدولارات، في محاولة للتصدي للأزمة الإنسانية المتفاقمة في أفغانستان، داعيةً إلى تعزيز دور بعثة المنظمة في كابول ودعمها بالموارد المالية والبشرية واللوجستية حتى تضطلع بمسؤولياتها الكاملة في تنسيق عمليات الدعم الإنساني والتنموي للشعب الأفغاني.
كذلك تعهدّت تشكيل هيئة إسلامية دولية للتواصل مع طالبان في قضايا من بينها التسامح والاعتدال في الإسلام، والمساواة في التعليم وحقوق النساء في الإسلام.
ومنذ سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان منتصف آب/أغسطس الماضي، جمّد المجتمع الدولي مساعدات وأصولاً مالية تقدّر بمليارات الدولارات، كما حذّرت الأمم المتحدة مراراً من أنّ أفغانستان تواجه أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم بسبب أزمات الغذاء والوقود والنقد.
كما أنّ الحكومة الأميركية أصدرت قراراً يقضي بحظر دخول شحنات الدولار إلى أفغانستان بعد سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة كابول ومعظم أراضي البلاد، بالتزامن مع إعلان البنك الدولي تعليق مساعداته إلى أفغانستان بعد سيطرة "طالبان" على السلطة.
يُشار إلى أنّ هذا الاجتماع يعتبر أكبر مؤتمر بشأن أفغانستان منذ سقوط الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في آب/أغسطس وعودة "طالبان" إلى السلطة، ويعقد الاجتماع في ظل إجراءات أمنية مشددة، مع إغلاق إسلام أباد وإحاطة مكان الاجتماع بأسوار من الأسلاك الشائكة وإقامة حواجز أمنية.