"تويتر ستعرّض ماسك لصدمة".. هل يتمكّن من تقويض الرقابة؟
على الرغم من أنّ رؤية الملياردير الأميركي إيلون ماسك الحقيقية بشأن مستقبل منصة تويتر لا تزال ضبابية، هناك قلق من أن يجعل ماسك المنصة ساحةً متفلّتة من الرقابة الفعلية.
"حرية التعبير هي الحجر الأساس لديمقراطية فاعلة، وتويتر هي ساحة المدينة الرقمية حيث تُناقش أمور مهمّة لمستقبل البشرية... أريد أن أجعل هذه المنصة أفضل من أي وقت مضى، من خلال تحسينها بميزات جديدة".
(الملياردير الأميركي إيلون ماسك عقب شرائه لمنصة "تويتر").
عمد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، في تصريحاته التي أدلى بها عقب شرائه لمنصة تويتر، إلى التوضيح للجمهور أنّه استحوذ على المنصة في مقابل 44 مليار دولار أميركي من أجل "الحفاظ على حرية التعبير"، باعتبارها أمراً أساسياً لتفعيل الديمقراطية، وفق تعبيره.
لكنّ شراء أغنى رجلٍ في العالم لمنصةٍ تعدّ من أهم المنصات على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكثرها تأثيراً في الرأي العام على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ليس بالأمر العابر، بل هو أمرٌ أثار مخاوف جديّة في الأوساط السياسية وبين مستخدمي "تويتر"، بشأن مستقبل المنصة في الأيّام المقبلة، وبشأن الأهداف الحقيقية وراء إقدام ماسك على مثل خطوة كهذه.
"تويتر" ستعرّض ماسك لصدمة
على الرغم من أنّ رؤية ماسك الحقيقية بشأن مستقبل المنصة لا تزال ضبابية، هناك قلق من أن يجعل ماسك تويتر ساحةً متفلّتة من الرقابة الفعلية، ساحة تسمح لمستخدميها نشر تغريدات تدعو إلى الكراهية والعنف، أو نشر المواد المضللة أو الإباحية.
وفي هذا الخصوص، ذكرت مجلة "التايمز" أنّ استحواذ إيلون ماسك على تويتر يمكن أن "يقوّض محاولات موظفي الشركة لسنوات جعل المنصة أكثر أماناً"، ونسف ما تعهّدت به الشركة من تقليل الوصول إلى المعلومات الضارة أو المضللة.
وأكّدت مجلة "ذا أتلانتيك"، في السياق، أنّ إدارة "تويتر" ستؤدّي إلى "إحباط إيلون ماسك" وستعرّضه لصدمة، "إذا رفض المشاركة في إزالة المحتوى المضلل والداعي إلى الانحراف".
وفي الأوساط السياسية، انتشرت آراءٌ مماثلة لما ذُكر، إذ عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن قلقه من شراء ماسك لتويتر، ومن احتمال انتشار المعلومات المضللة، مشيراً إلى أنّه مؤيد للإصلاحات التي "تهدف إلى تحقيق المساءلة عن مثل هذه الانتهاكات".
أمّا نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، فاعتبر أنّ شراء رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك موقع "تويتر" لن يغيّر شيئاً، وأنّ هذه المنصة لن تصبح ديمقراطية وعادلة.
بدورها، أعربت مجموعات تمثّل الصحافيين من جميع أنحاء العالم عن قلقها أيضاً إزاء الأمر، معتبرةً أن شراء ماسك لتويتر سيضرّ بالحريات الإعلامية على شبكة التواصل الاجتماعي.
ما هي أهداف ماسك الحقيقية وراء شراء تويتر؟
وتبعاً لذلك، فإنّ محاولات ماسك الحثيثة لتوجيه الرأي العام بأنه أقدم على شراء منصة تويتر من أجل الحفاظ على الحرية ومن أجل التحسين من قوانينها التي لا ترضي تطلعاته، لم تلق صدىً إيجابياً، وعرّضته أيضاً لاتّهاماتٍ بأنّه استحوذ على تويتر من أجل الحفاظ على مصالح شركاته الأخرى مثل "سبايس إكس" و"تسلا"، وبالتالي زيادة ثروته، من دون أن يخضع لأي قوانين أو مساءلة من أيّ أحد.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "الغارديان"، في تقرير، أنّ "أغنى رجال العالم مثل ماسك، يستخدمون ثرواتهم الهائلة لبناء عالم لا تقيّده القوانين أو المساءلة".
ولفت التقرير إلى أنّ "تبريرات رجال الأعمال مثل ماسك لدوافعهم باستخدام كلمة الحرية، هدفها في الواقع هو التحرر من المساءلة"، معتبراً أنّ "هدف ماسك الحقيقي لا علاقة له بحرية الآخرين، بل هدفه هو حريته غير المقيّدة".
كذلك، قالت صحيفة "نيويورك تايمز": "أسباب سيطرة ماسك على تويتر لا تتعلق بحرية التعبير، بل إنّ الأمر يتعلق بالتحكم في مكبّر الصوت".
وأوضح التقرير أنّه "مع عدد كبير من المعجبين به، سيصدر ماسك مكبّر صوت ضخماً، وسيكون حراً في توصيل استثماراته الخاصة للمساهمين والمنافسة في السوق، وهو لأجل ذلك مستميتٌ في الحصول على منصة كتويتر".
هذه الاتهامات ليست بالأمر المستغرب، فماسك الذي يتابعه ما يزيد على 82 مليون متابع على تويتر، كثيراً ما استغلّ حسابه وحجم متابعيه الكبير في إرباك أسواق المال والعملات المشفرة، أو توجيه آراء متابعيه نحو قضيةٍ معينة، وأيضاً في الترويج لشركاته التي يملكها، من خلال تغريدات ينشرها، واستخدامه عبارات مثل "Bitcoin is my safe word" أو "One word: Doge"، أو "use signal".
سطوة رجال الأعمال على وسائل الإعلام المؤثرة
وبمعزلٍ عن مستقبل منصة تويتر، وأهداف ماسك الحقيقية من وراء ذلك، فإنّ شراءه لمنصة استراتيجية كتويتر، أعاد إلى الواجهة قضية استحواذ رجال الأعمال على الوسائل الإعلامية المؤثرة، ووقوع العالم في قبضة مجموعةٍ صغيرة من المليارديرات الذين يستطيعون من خلال هذه المنصات التأثير فيه وفق أجنداتٍ خاصّة، وسرديات ينشرونها.
فماسك ليس أوّل من يملك منصة بهذا التأثير، إذ إنّ الملياردير ومؤسّس شركة "أمازون" جيف بيزوس، سبق أن استحوذ على صحيفة "واشنطن بوست" في العام 2013، وفي عام 2018 اشترى رجل الأعمال مارك بينوف وزوجته مجلة "التايمز " أيضاً.