"إنترسبت": كييف تقيّد حركة الصحافيين للتحكم في رواية الحرب
الحكومة الأوكرانية كثفت من جهودها للسيطرة على الرواية المرتبطة بالحرب حالياً، من خلال منع الصحافيين من الوصول الى الخطوط الأمامية من الصراع، بحسب تقرير لموقع "ذا إنترسبت" الأميركي.
-
الحكومة الأوكرانية كثفت من جهودها للسيطرة على الرواية المرتبطة بالحرب
تحدث تقرير مفصل في موقع "ذا إنترسبت" الأميركي، بعنوان "أوكرانيا تمنع الصحافيين من الوصول إلى الخطوط الأمامية مع رقابة متصاعدة"، إذ يتهم مراسلو الحرب المخضرمون المسؤولين الأوكرانيين بجعل الإبلاغ عن واقع الحرب، مع استثناءات نادرة، شبه مستحيل حالياً.
وأوضح التقرير، للكاتبة الإيطالية في الشؤون الدولية والقضايا العسكرية، أليس سبيري، أنّ "الحكومة الأوكرانية كثفت من جهودها للسيطرة على الرواية المرتبطة بالحرب حالياً، من خلال تشديد وصول الصحافيين الى الخطوط الأمامية من الصراع".
وذكرت سيبري بأنه "بعد استعادة القوات الأوكرانية السيطرة على مدينة خيرسون الساحلية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد 8 أشهر من السيطرة الروسية، دخل بعض الصحافيين المدينة المحررة في غضون ساعات، ولكن تمّت مصادرة أوراق اعتماد الصحافيين من قبل السلطات الأوكرانية، بحجة انهم "تجاهلوا القيود الحالية".
بدورها قالت كاترينا سيرغاتسكوفا، رئيسة تحرير صحيفة زابورونا ميديا الأوكرانية المستقلة، إنهم "حاولوا فرض مزيد من السيطرة على الصحافيين، والآن من الصعب حقاً تقديم تقارير من خيرسون، على سبيل المثال".
كما أفادت وكالة الأنباء "سيمافور"، في وقت سابق من هذا الشهر، أنه "منذ أن شنّت روسيا هجومها الشامل العام الماضي، هددت السلطات الأوكرانية، أو ألغت أو رفضت أوراق اعتماد صحافية، للصحافيين العاملين في 6 منافذ إخبارية أوكرانية وأجنبية، بسبب تغطيتها للأحداث".
اقرأ أيضاً: أوكرانيا تقصف الجسور بين خيرسون والقرم.. وحالة تأهب جوي في كييف
وتطرقت سيبري إلى أحد الأمثلة الحديثة، حيث "لم تجدد وزارة الدفاع الأوكرانية أوراق اعتماد الصحافة لمصور مقيم في أوكرانيا، اتهم أجهزة الأمن في البلاد بإخضاعه للاستجوابات واختبار كشف الكذب، والاتهامات بأنه كان يعمل ضد المصلحة الوطنية لأوكرانيا".
واضطر المسؤولون الحكوميون إلى إعادة اعتماد أوراق المصور أنطون سكايبا، الأسبوع الماضي، بعد حملة ضغط من قبل زملائه والمدافعين عن حرية الصحافة، الذين شجبوا تشديد القيود على وصول وسائل الإعلام في الخطوط الأمامية، ولكنّ الحادثة سلطت الضوء على التوترات بين السلطات الأوكرانية والصحافيين، الذين يغطون الصراع المتصاعد في الأشهر الأخيرة.
المراسلون الحربيون المخضرمون، من جانبهم، يتهمون المسؤولين الأوكرانيين بجعل تغطية واقع الحرب، مع استثناءات نادرة ، شبه مستحيلة.
إذ قال لوك موغلسون، الصحافي في موقع "نيويوركر"، إنّ "الحكومة الأوكرانية جعلت من المستحيل فعلياً على الصحافيين القيام بعمل صحافي حقيقي في الخطوط الأمامية.. لقد غطيت أربع حروب، ولم أر قط مثل هذه الهوة بين الدراما والحدة والأهمية التاريخية لواقع الصراع من ناحية، وبين سطحية توثيقه من قبل الصحافة من ناحية أخرى".
وأضاف موغلسون لموقع "إنترسبت" أنه "لمن الغريب أن القليل مما يحدث يتمّ تأريخه، والسبب الرئيسي، على الرغم من أنه ليس السبب الوحيد، هو أن الحكومة الأوكرانية جعلت من المستحيل فعلياً على الصحافيين عمل تقارير صحفية حقيقية".
وأوضح موغلسون أن القيود تأتي من القادة العسكريين والسياسيين، وتتعارض مع رغبة الجنود العاديين في مشاركة خبراتهم.
كما حذر بعض الصحافيين الأوكرانيين من أنّ "الرقابة الصارمة التي يمارسها العسكريون تحرف تغطية الحرب"، إذا قال جندي أوكراني لأحد الصحافيين: "أنا أكره هذه الحرب كثيراً"، ليطلب منه الضابط الصحافي الردّ بـ"نعم، الحرب صعبة، لكننا نحافظ على معنوياتنا".
وأكّدت سيبري أنّ "هذه هي الرواية التي يحصل عليها الكثير من الجمهور الأوكراني"، ففي أواخر العام الماضي، وقع زيلينسكي على قانون يمنح الحكومة سلطات واسعة على وسائل الإعلام، وكان الاتحاد الأوروبي للصحافيين وصف المسودة الأولية لمشروع القانون بأنها "تليق بأسوأ الأنظمة الاستبدادية".
وفي وقت سابق من هذا العام، أشار استطلاع للرأي إلى أن الثقة في وسائل الإعلام بين الجمهور الأوكراني تبلغ حالياً 57%.
وكانت تقارير غربية عدة تحدثت عن خسائر أوكرانية فادحة في الجبهة بعد إطلاق كييف لهجومها المضاد ضد القوات الروسية، وعكست ذلك تصريحات القادة الأوكرانيين والغربيين، فضلاً عن تأكيدات موسكو، ولكنّ الإعلام الأوكراني يمنع نقل أي مواد صحافية من الجبهات، وهو ما ترجم في قلة المواد التوثيقية لنتائج الهجوم.