بعد 40 عاماً.. "إسرائيل" تحقق من جديد في تفجير مقر الحاكم العسكري في صور

"إسرائيل" تقرّر إعادة التحقيق في عملية الشهيد أحمد قصير الاستشهادية، التي استهدف فيها مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور، في العام 1982.

  • بعد 40 عاماً:
    بعد 40 عاماً: "إسرائيل" تقرّر إعادة التحقيق في"أكبر كارثة في تاريخ الجيش الإسرائيلي"

أربعون عاماً والجرح الذي حفرته عملية الاستشهادي أحمد قصير في مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور لا يزال مفتوحاً. جرحٌ لم يسبّبه فقط حجم خسائر الاحتلال البشرية والمعنوية، بل أيضاً الرواية الركيكة التي حاكتها لجنة التحقيق العسكرية آنذاك للتعمية على حقيقة ما جرى.

صرح العناد والتعمية الذي لفّ القضية طول تلك السنوات انهار أخيراً أمام سيل المطالبات والانتقادات التي وجّهت للتحقيق الرسميّ، الذي تجاهل الاستنتاجات المبنية على شهود وقرائن ماديّة جُمعت حينها، والتي تشير بما لا شك فيه إلى أنّ ما حصل كان عملية استشهادية، وليس حادثاً عرضياً. 

إعادة التحقيق

بعد مرور 40 عاماً على عملية الاستشهادي أحمد قصير الذي استهدف فيها مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور في العام 1982، والتي أدّت إلى مقتل 91 من الضباط والجنود الإسرائيليين، أفادت تقارير إسرائيلية عديدة، من بينها تقرير أعدّته مراسلة الشؤون العسكرية في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، آنا أهرونهايم، أنّ "إسرائيل" ستقوم بإعادة التحقيق في العملية، باستخدام تكنولوجيا جديدة.

ولفتت أهرونهايم إلى أنّ بياناً مشتركاً لـ"الجيش" الإسرائيلي، الشاباك، والشرطة الإسرائيلية، أفاد أنّه في الذكرى الأربعين لِما سمّته "كارثة صور الأولى"، تمّ فتح القضية "احتراماً للذين سقطوا، وسعياً وراء الحقيقة".

وبحسب تقرير أعدّته القناة الـ13 الإسرائيلية، التقى رئيس الشاباك الحالي، رونن بار، يوم الخميس (17/11/2022)  أهالي قتلى عملية صور، وقال لهم: "لا يمكن أن نعد بشيء بشأن نتائج التحقيق، وقد لا ننجح في الوصول إلى نتائج حاسمة في أي اتجاه".

وفي تقرير لها عن العملية في ذكراها الأربعين، أشارت صحيفة هآرتس (11/11/2022)، إلى أنّ "قدامى محاربي الشاباك، وكبار المسؤولين السابقين في الجهاز فهموا مع مرور السنين أنّ استنتاجات لجنة زورع (لجنة تحقيق شكّلتها إسرائيل آنذاك برئاسة اللواء مئير زورع، توصّلت إلى أنّ سبب الانفجار في صور كان تسرّب غاز)، كانت خاطئة، وناشد العديد منهم رئيس الشاباك السابق نداف أرغمان، بطلب فتح تحقيق جديد في القضية". 

وفي التفاصيل التي وردت خلال الأيام الماضية في "إسرائيل" حول العملية، قال قائد الشرطة العسكرية في صور آنذاك، دوفي إيخنولد (أحد الناجين من العملية)، إنّ "هذه الكارثة لم يحقّق فيها أبداً، بالرغم من أنّهم في إسرائيل يعلمون بشكل أكيد أنّ سبب الكارثة هو سيارة مفخخة، مخرّب انتحاري دخل بسيارة بيجو 504 مليئة بالمواد الناسفة".

الدكتور شمعون شابيرا (عميد في الاحتياط، وخبير في الشأن اللبناني، ومؤلّف كتاب حزب الله بين إيران ولبنان)، قال من جهته (صحيفة هآرتس - 11/11/2022) إنّ عملية صور كانت "لحظة حاسمة في تاريخ حزب الله"، مضيفاً بأنّ اثنين من قادته، هما (الشهيدان) عماد مغنية وعلي ديب، شاركا في الإعداد للعملية، إضافةً إلى "شخص آخر" امتنع شابيرا عن ذكر اسمه، ووصفه بأنّه "قائد الجناح العسكري لحزب الله اليوم".

وبدوره، قال الخبير في الشؤون الاستخبارية، رونِن برغمان، وفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست"، إنّ (الشهيد) قصير الذي نفّذ عدة هجمات ضد الإسرائيليين، قاد سيارة بيجو بيضاء مليئة بالمتفجرات إلى داخل المبنى في الساعة السابعة صباحاً من يوم 11/11/1982.

الكارثة الأكبر في تاريخ "إسرائيل"

في معرض وصفه للعملية، قال البروفسور عوزي رابي، للقناة الـ13، إنّ عملية صور هي "أكبر كارثة في تاريخ الجيش الإسرائيلي"، لافتاً إلى أنّه بعد 40 عاماً من الجهود غير العادية من قبل العائلات وغيرهم، (من أجل كشف الحقيقة)، "أن تأتي متأخراً خير من لا تأتي أبداً، (في إشارة إلى إعادة التحقيق في العملية).

ووافقه في كلامه، قائد فرقة الجليل سابقاً، العميد احتياط غال هيرش، الذي رأى أنّه أمر جيد جداً أنّهم قرّروا التحقيق في الأمر من جديد، من أجل تثبيت التقدير أنّ الحديث يدور عن عملية، وليس عن انفجار قارورة غاز. ووصف هيرش العملية بأنّها "حادثة تشكل هزة". 

وإضافةً إلى الخبراء الإسرائيليين، قدّم معلقون إسرائيليون قراءات بشأن العملية، وطريقة التعاطي معها في "إسرائيل"، وبرز منهم معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس، عاموس هرئِل، الذي رأى في مقال كتبه بتاريخ 11/11/2022، أنّ ذكرى "كارثة صور" تحيي جرحاً مفتوحاً، بسبب إصرار "إسرائيل" على أنّ الكارثة حدثت على الأرجح نتيجة تسرّب غاز، وذلك على الرغم من "تراكم الأدلة على أنّه كان هجوماً انتحارياً هو الأوّل من نوعه الذي تعرّضت له إسرائيل".

ولفت هرئِل إلى أنّه في ختام تحقيق لجنة زورع، تمّ تثبيت رواية، "يبدو أنّها خاطئة"، تحدثت عن أنّ الأمر مجرد حادث. وأضاف هرئِل أنّ خلفية هذا الأمر قد تكون "محاولة من قِبل رئيس الشاباك في ذلك الوقت للتنصل من أي مسؤولية".

وأشار هرئل إلى أنّه في التحقيق الذي أجراه "الجيش" الإسرائيلي، كان هناك كلام لشاهد عيان لاحظ سيارة مسرعة إلى بوابة المعسكر، كما تمّ العثور على بقايا محرك سيارة بيجو 504 (استخدمها الشهيد قصير). 

وبدوره، قال مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ13، أور هيلر، إنّ كارثة صور هي الجرح المفتوح والكارثة الأكبر في تاريخ المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، منذ 40 عاماً. 

اخترنا لك