بصمات غربية في هجوم موسكو.. ما المُعطيات التي تشي بالفاعل؟

الولايات المتحدة الأميركية تدفع إلى تبني رواية، مفادها أنّ تنظيم "داعش" هو الذي يقف خلف هجوم موسكو، وتستبعد نفسها ونظام كييف عن دائرة الاتهامات. ما الأهداف؟

  • بصمات غربية في هجوم موسكو.. ما هي المُعطيات التي تشي بالفاعل؟
    ما المُعطيات التي تشي بمنفّذ هجوم "كروكوس سيتي هول"؟

ترفض الولايات المتحدة الأميركية ربط هجوم "كروكوس سيتي هول"، الذي حدث في العاصمة الروسية موسكو، أمس الجمعة، بالصراع الروسي الغربي في أوكرانيا، وتصرّ على نظرية تبني تنظيم "داعش خراسان" للهجوم.

وصرّح البيت الأبيض بأنّ الولايات المتحدة على علمٍ بتقارير عن إطلاق النار في موسكو، وتَعُدّ اللقطات من مكان الحادث "مُرعبة"، لافتةً إلى أنّه "لا توجد إشارة، في الوقت الحالي، إلى تورّط أوكرانيا في إطلاق النار في موسكو".

وتشير أصابع الاتهام الروسية إلى أن أوكرانيا هي من يقف خلف هذا الهجوم الإرهابي، إذ أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّه جرى تهيئة مهرب لمنفذي الهجوم إلى أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنّ "أوكرانيا تحوّلت، على يد الغرب، إلى مركزٍ لنشر الإرهاب في أوروبا منذ أعوام".

لماذا تُبرّئ واشنطن كييف؟

إنّ تبنّي الولايات المتحدة رواية "داعش"، وتأكيدها أن هذا التنظيم يقف وراء هجوم موسكو، يفتحان الباب لكثير من التساؤلات، سواء عن الأهداف، أو الرسائل المرسلة إلى روسيا. 

ويُشير محلل الميادين للشؤون الأوراسية والدولية، مسلم شعيتو، إلى أنّ التحذيرات الأميركية من هجمات إرهابية في موسكو سبقت الانتخابات الرئاسية، معتقداً أنّ "الهجمات كانت مُعَدّة لتُنفّذ قبل الانتخابات.

ولفت شعيتو إلى أنّ "الولايات المتحدة الأميركية بدت، بصورة واضحة، أنّها تستخدم الشمّاعة داعش للقيام بأعمالها القذرة، سواء في روسيا أو في الشرق الأوسط".

وأكّد أنّ "إبعاد الولايات المتحدة التهمة عن أوكرانيا يأتي خوفاً من الرد الروسي الذي يتوقعونه، والذي سيتخطى كل الخطوط التي وضعتها روسيا لنفسها بالتصدي للقوات الأوكرانية والبنية التحتية التي يستخدمها حلف الناتو في أوكرانيا".

وأوضح شعيتو أنّ واشنطن أرادت أن توصل رسالة إلى موسكو، مفادها أنها تستطيع أن تعبث بالداخل الروسي. وبالتالي، فإن "التفاوض يجب أن يتمّ معنا لنتفق فيما بيننا على تقسيم أوكرانيا، ولاسيما بعد الإنجازات السياسية والميدانية التي حققتها روسيا في أوكرانيا".

كيف تعاملت واشنطن مع الاعتداء الإرهابي في موسكو؟

من جانبه، قال محلل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية، منذر سليمان، إنّه من الناحية العملية، بعد الهجوم الإرهابي المروّع الذي حدث في موسكو، فإنّ من المفترض أن يتصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، بنظيره الروسي، وهذا الأمر لم يحدث، بل إنّ البيت الأبيض صرّح بأنّ لا نية في أيّ اتصال بين الطرفين.

وأضاف سليمان أنّ "بايدن نفسه لم يُدلِ بأيّ تصريح. فعادةً، يحتاج حدث بهذا الضخامة إلى إظهار المواساة، أو على الأقل إصدار بيان رئاسي تنديداً بالهجوم الإرهابي المروّع، وهذا الأمر لم يفعله الرئيس الأميركي".

وأشار سليمان إلى أنّ "المواقف الأولية، التي صدرت عن واشنطن، تُبرئ ساحتها، وتبرئ كييف أيضاً، والتي من البديهي أن يكون لها علاقة بتلك الهجمات بسبب الصراع في أوكرانيا".

مُعطيات تشي بالفاعل 

من الناحيتين الأمنية والعسكرية، رأى محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية، شارل أبي نادر، أنّ هناك مُعطيات يُمكن من خلالها استبعاد مسؤولية "داعش" عن التفجيرات في موسكو، ووضع هذه المسؤولية على عاتق أطراف أخرى.

وقال أبي نادر إنّ أول تلك المعطيات هو العامل الجغرافي، لأن "أغلبية العمليات الإرهابية ضد روسيا كانت تأتي من المناطق الجنوبية، مثل القوقاز ودول آسيا الوسطى. أما هجوم أمس، فوقع في الشمال، في العاصمة الروسية موسكو، القريبة من دول أوروبا الشرقية، وخصوصاً أوكرانيا".

وبشأن المعطى الثاني، أوضح أبي نادر أنّ القدرات اللوجستية، التي ظهرت في مقاطع الفيديو، التي انتشرت عبر الإنترنت، هي قدرات لا يمكن نقلها من مسافات بعيدة، وهذا الأمر يُعَدّ سهلاً عن طريق الحدود الأوكرانية.

ومن ناحية الأسلوب، فإنّ مقاطع الفيديو أظهرت أنّ المجموعة المسلّحة كانت على درجةٍ عالية من التدريب، وربما هي مجموعات خاصّة، لأنّ البعد التكفيري المتشدد، والمدفوع بالغريزة الإرهابية المتشددة التي تطبع العمل، هو عكس ما رأيناه في عمل هذه المجموعات.

ولفت إلى أنّه لا نوجد نقطة اشتباك مباشر بين روسيا و"داعش"، واليوم كان الاشتباك المباشر مع الأميركيين، الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن قتلهم قادة "داعش" في الآونة الأخيرة.

وخلّف الهجوم المسلّح على مجمع "كروكوس سيتي هول" في موسكو، نحو 143 قتيلاً وعشرات الجرحى، وفق لجنة التحقيق الروسية.

اقرأ أيضاً: تضامن عالمي مع روسيا وحملة إدانات واسعة: الهجوم في موسكو إرهابي ووحشي

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.

اخترنا لك