بريطانيا ترفض الاعتراف بسقوط ضحايا مدنيين في غاراتها في سوريا والعراق
الموقف الحكومي البريطاني لطالما شكّل موضع تساؤل لدى كبار ضباط الجيش المتقاعدين ومسؤولي الدفاع، فيما حدد تحقيق "ذا غارديان" 6 ضربات في مدينة الموصل العراقية، أسفرت عن مقتل مدنيين، ويبدو أن القوات البريطانية نفذتها.
تحدث تقرير في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، بعنوان "الضحية المدنية الرسمية الوحيدة لحملة القصف البريطاني ضد داعش اختفت من السجلات"، عن التناقضات حول المهمات العسكرية البريطانية في سوريا والعراق، وكونها "تعمق القلق بشأن حرب بريطانيا "الدقيقة والمثالية".
وأشارت "ذا غارديان" إلى أنّ الأمر "بدا وكأنه مساءلة، بعدما تعرّضت الحكومة لضغوط بشأن سجل المملكة المتحدة في عمليات القصف، التي شنتها ضد داعش في سوريا والعراق"، مذكرة بأنّ لندن "اعترفت في أيار/مايو 2018، بأنّ جيشها قتل مدنياً واحداً شرقي سوريا فقط".
وقالت إنّ "الضربة الجوية التي وصفها وزير الدفاع آنذاك، جافين ويليامسون، أمام البرلمان، لم تُسجَّل في سجلات الضحايا المدنيين، التي يحتفظ بها حلفاؤها في التحالف الدولي، عن ضحايا الطائرات القاذفة والطائرات المسيرة فوق سوريا والعراق".
وأكّدت الصحيفة البريطانية أنّ "المدني الذي سقط ضحية الغارات لا يظهر في قائمة هجمات المملكة المتحدة التي قتلت مسلحين، بالرغم من أنّ الهدف كان ثلاثة مقاتلين".
كما أوضحت أنّ "مجموعات حقوق الإنسان والصحافيين السوريين، الذين جمعوا قواعد بيانات أكثر شمولاً بكثير عن القتلى والجرحى المدنيين من جراء هجمات الجيوش الأجنبية، ليس لديهم أيّ سجل عن مقتل مدنيين في المنطقة في ذلك اليوم".
وعلى أقل تقدير، فإنّ غياب هذا المدني عن أيّ قواعد بيانات سورية، دليل على أنّ حكومة المملكة المتحدة لم تتواصل مع السوريين للتحقيق في مقتله.
اقرأ أيضاً: إيران: بريطانيا شريكة في جرائم التحالف السعودي ضدّ اليمن
حملة عسكرية "مثالية" مشكوك في صدقيتها
ويستنتج تقرير "ذا غارديان" أنّ الحكومة تعدّ حملة القصف الجوي التي استمرت 8 سنوات ضد التنظيم، "مثالية إلى درجة أنها لم تؤذِ أيّ شخص رسمياً.. فحتى الضحية الرسمية الوحيدة للغارات البريطانية لا وجود لها في السجلات".
إذ كانت حكومة المملكة المتحدة ادّعت، منذ سنوات، بأنّها "خاضت حرباً "كاملة" ضدّ داعش، قتلت خلالها أكثر من 3000 مسلّح، من دون إلحاق الأذى بمدنيّ واحد".
ولطالما شكّل هذا الموقف الحكومي موضع تساؤل لدى كبار ضباط الجيش المتقاعدين ومسؤولي الدفاع، وقد حدد تحقيق "ذا غارديان" 6 ضربات في مدينة الموصل العراقية، أسفرت عن مقتل مدنيين، ويبدو أن القوات البريطانية نفذتها.
ويؤكد اكتشاف هذه "التناقضات الخطيرة في الرواية الحكومية عن الضحية المدنية الوحيدة التي اعترفت بها سلطات المملكة المتحدة"، المخاوف بشأن قدرة بريطانيا، أو استعدادها، لتوثيق القتلى والجرحى المدنيين الذين سقطوا بسبب حملة القصف، تقول الصحيفة.
بريطانيا تجاهلت توثيق الخسائر في صفوف المدنيين
ويأتي التقرير فيما يتزايد الضغط على الحكومة البريطانية؛ بسبب ادعاء بريطانيا الدائم بأنّ حربها لم تؤذِ أيّ مدني عراقي أو سوري، حتى بالرغم من أنّ حلفاء بريطانيا قتلوا مئات المدنيين في حملة القصف.
وفي اليوم السابق، نقل تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، عن عضو بارز مجهول في التحالف العسكري، قال إنّ المملكة المتحدة تتجاهل مزاعم الضرر بالمدنيين من غاراتها الجوية.
وقدّم البيان عدة تفاصيل مهمة، واصفاً ضربة صاروخية بواسطة صواريخ "هيلفاير" استهدفت ثلاثة مسلحين، كاشفاً أنّ "دراجة نارية مدنية عبرت إلى منطقة الضربة في اللحظة الأخيرة، ويقدّر أنّ مدنياً قتل من دون قصد".
وذكرت "بي بي سي" أنّ الضربة كانت شرقي سوريا، ونفذت في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وقالت إنّ "الهجوم أحيل إلى الوحدة المتخصصة للتحقيق".
وقد قام التحالف بتقييم تقرير واحد فقط عن سقوط ضحايا مدنيين جراء قصف في شرقي سوريا في ذلك اليوم، مع تحديد موقعها في البوكمال، في منطقة الحدود العراقية السورية، وفي تلخيص النتائج التي توصلوا إليها، والتي صدرت بعد عدة أشهر من بيان ويليامسون أمام البرلمان البريطاني، استبعد المحققون مقتل أي مدنيين في غارة للتحالف في المنطقة.
وخلص محققون من التحالف، بحسب "ذا غارديان"، إلى أنه "بعد مراجعة المعلومات المتاحة، تمّ التقييم بأنه لم يتمّ تنفيذ أي ضربات للتحالف في المنطقة الجغرافية التي تتوافق مع تقرير الخسائر المدنية"، وذلك بالرغم من أن معايير التحالف لإثبات وقوع ضحايا أيسر من معايير المحاكم البريطانية.
ويوجد ثلاث ضربات بريطانية معترف بها عبر سوريا والعراق، وافق التحالف على أنها تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، بينما تواصل المملكة المتحدة الإصرار على عدم إصابة أي مدني في تلك الهجمات.