باسل بصبوص "الشهيد الحيّ".. عزيمة صلبة بانتظار الحرية
شرعت عائلتا خالد عنبر وباسل بصبوص باستقبال المهنئين باستشهاد ابنيهما، إلى أن جاء اتصال هاتفي من أحد الأشخاص مفاده أنَّ باسل حي، ولكنّه مصاب وموجود في المستشفى.
عاش 18 عاماً في كنف عائلته في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة رام الله. حمل اسم الباسل وَصِفتي الحنون والمحبوب بين أبناء جيله وعائلته. وفي الثالث من الشهر الحالي، أصبح اسمه الشهيد باسل بصبوص، بعدما أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي بشكل مباشر على مركبته التي كان يقودها برفقة صديقيه رأفت شرايعة وخالد عنبر في بلدة سردا الواصلة بين رام الله وبيرزيت، لتعلن فلسطين الحداد على روح الشهيد باسل بصبوص وخالد عنبر، فيما ظلت أخبار المصاب سلامة شرايعة طيّ الكتمان، بعدما قام جنود الاحتلال بسرقة جثمان الشهيدين واعتقال المصاب.
ظلّت عائلة سلامة شرايعة من بلدة بيرزيت تنتظر خبراً عن ابنها المصاب، فيما شرعت عائلتا خالد عنبر وباسل بصبوص باستقبال المهنئين باستشهاد ابنيهما، إلى أن جاء اتصال هاتفي من أحد الأشخاص مساء يوم الاثنين، مفاده أنَّ باسل حي، ولكنّه مصاب وموجود في المستشفى. ومنذ تلك اللحظة، تبادل الأصدقاء الشهادة، ليطلق اسم الشهيد الحيّ على باسل بصبوص.
الميادين نت قابلت والدة الأسير المصاب باسل، بعدما تمكنت العائلة من زيارة ابنها في مستشفى "شعاري تسيدك". وخلال المقابلة، توسطت الأم الجلسة فيما أحاطتها النسوة اللواتي أتين للمساندة ومعرفة أخبار باسل.
إحدى الزائرات أكثرت من طلب إزالة صورة تحمل نعي الأسير باسل، قائلةً للأم: "شيلي هذيك الصورة اللي على الحيط، والله إنها فال مش منيح، وبديش أرجع أشوفها عندكم على الحيط"، وأضافت: "المهم إنه باسل منيح وعايش حتى لو إنه مصاب".
تقول عطاف بصبوص، أم الأسير الجريح باسل، للميادين نت إنَّها تمكنت وزوجها من زيارة باسل في مستشفى "شعاري تسيدك" في القدس المحتلة بعد انتظار ساعات طويلة. وقد جاءت الزيارة في اليوم نفسه الذي عقدت فيه جلسة لمحاكمته في محكمة عوفر العسكرية.
وأضافت أنّها وجدت باسل في وضع سيئ وصعب، بعدما خضع لعدة عمليات في اليد والقدم. ورغم إصابته، كان مقيّد اليدين والقدمين، ويحيطه خمسة من جنود الاحتلال، مضيفةً: "الأم لما تشوف ابنها مصاب شو بدها تعمل! أبوه ما تحمل يشوفه".
وأشارت بصبوص إلى أنَّ ابنها علم أثناء الزيارة باستشهاد صديقيه سلامة شرايعة وخالد عنبر، بعدما مهّدت له الخبر، ولكنّه لم يصدق خبر استشهادهما، مضيفةً أنها قالت له: "لو حدّ قلك خالد موجود في المستشفى وهو جمبك ما تصدق".
وأضافت، نقلاً عن ابنها الأسير الجريح باسل بصبوص، فيما يتعلق برواية إصابته واستشهاد الشابين: "يما كان كل إشي مثل الحلم. شفت نوافير دم قدامي ورصاص"، مشيرةً إلى أنّ قوات الاحتلال تعمّدت إطلاق النار بشكل مباشر على السيارة التي كان الشبان يستقلونها، وأنهم كانوا يستطيعون إيقاف السيارة واحتجاز الشبان بدلاً من إطلاق النار عليهم، ولفتت إلى أنَّ باسل بعدما تلقى عدداً هائلاً من الرصاص، حاول حماية نفسه بالجلوس تحت المقاعد الأمامية للسيارة.
وقالت فيما يتعلق باعتقال ابنها بعد إطلاق النار عليه، إنَّ باسل خرج من المنزل بعدما تلقى اتصالاً هاتفياً من أصدقائه من أجل إيصالهم إلى منازلهم، ولكن سرعان ما انتشر خبر خاطئ باستشهاد باسل وخالد واعتقال رأفت. وأضافت: "في الليلة نفسها من إعلان استشهاد باسل، اتصل شخص مجهول بالعائلة، وأخبرنا بأن باسل مصاب وموجود في المستشفى".
وأشارت إلى أنَّ العائلة أجرت اتصالات عديدة، وانتظرت يوماً كاملاً حتى تأكّدت من أن ابنها على قيد الحياة، مضيفةً: "عندما علمنا أن باسل حي، ولكنه مصاب، تخيلت الشهيد رأفت شرايعة وخالد عنبر أمامي.. لم أفرح"، لافتةً إلى أن بيت العزاء استمر 3 أيام في مخيم الجلزون، حتى بعدما تأكدت العائلة من صحة ابنها، قائلةً: "احنا عايشين بنفس المخيم ووجعنا واحد".
يقبع الأسير الجريح الآن في مستشفى "شعاري تسيدك" في القدس المحتلة، مكبل اليدين والقدمين، وعزيمته صلبة وحرة، فيما ينتظر أن يعود إلى فضاء الحرية، ليلتقي عائلته وأصدقائه وأبناء مخيمه، ولكنه لن يرى مجدداً صديقيه الشهيد سلامة شرايعة والشهيد خالد عنبر، ولن يلقي نظرة الوداع على جثمانيهما اللذين احتجزهما الاحتلال.
المشهد في فلسطين يشبه الخيال وقصصه. نسمع عن بطل عاد منتصراً بعد معركة هزم فيها الأعداء. عاد حياً ليخبر أبناء بلده عن قصته البطولية.