المشهد | بعد قمة الرياض.. ما مستقبل مجلس التعاون الخليجي؟
تدرك السعودية التحولات التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية، وتحديداً لجهة تحرك مركز الثقل الخليجي بعيداً عن الرياض وتوزعه على عواصم أخرى، كالدوحة وأبو ظبي.
بعد ساعة فقط من انطلاقها، اختُتمت أعمال قمة دول مجلس التعاون الخليجي في دورتها الـ42 في العاصمة السعودية الرياض.
وجاء البيان الختامي للقمة بعد 3 كلمات مقتضبة، لتكون من بين أقصر الاجتماعات. وقد أكد البيان "تنسيق المواقف بين دول المجلس، بما يحافظ على مصالحها، وعلى تماسك مجلس التعاون ووحدة الصف وتحقيق التكامل".
المشهد
تأسس مجلس التعاون الخليجي بمبادرة كويتية في العام 1981. ومنذ تأسيسه، عُقدت قمة المجلس في دورتها العادية 41 مرة، إضافة إلى قمة استثنائية واحدة في السعودية في العام 2009.
وتُعقد الدورة الـ42 في الرياض في وقت يزداد عدم اليقين بشأن دور الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى وقع خلافات وانقسامات بين دول مجلس التعاون، ووسط تصاعد النقاش حول وحدة المجلس ومستقبله.
تبدو حاجة السعودية إلى هذه القمة أكبر من حاجة بقية الدول، إذ تنشغل الكويت بترتيب بيتها الداخلي، فيما تواصل سلطنة عمان التأكيد على نهجها، رغم الانفتاح السعودي الاقتصادي غير المسبوق. أما قطر، فتبدو غير مكترثة إلى حد كبير، بعد أن شقت طريقاً مستقلاً منذ الأزمة الخليجية، بينما تتبنى الإمارات مقاربة جديدة قوامها خفض التصعيد.
بين السطور
• جاء انعقاد قمة الرياض بعد 5 قمم أخرى عقدها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال جولته الخليجية. وقد جاءت هذه الجولة بغرض تهيئة الأجواء لقمة الرياض، وضمان أن لا تنعكس الخلافات الخليجية على مسارها.
• تريد السعودية إنهاء العزلة التي تعرضت لها خلال السنوات السابقة، واستعادة حضور محمد بن سلمان في المشهد السياسي بمباركة خليجية، مدركةً التحولات التي شهدتها المنطقة، وتحديداً تحرك مركز الثقل الخليجي بعيداً عن الرياض وتوزعه على عواصم أخرى، كالدوحة وأبو ظبي.
• منذ توقيع اتفاق "العلا" مطلع العام الجاري، لم تشهد علاقات الإمارات وقطر أي دفعة إيجابية. على هذا الأساس، أُريد من قمة الرياض تقريب وجهات النظر بين الدوحة وأبو ظبي، لكنها لم تستطع تحقيق اختراق على هذا المستوى. لذلك، يمكن القول إنها كانت قمة تحجيم الخلافات، وليس حلها.
• على الرغم من مخاطبة ولي العهد السعودي للقمة من أجل تبني "نهج فعال وجاد تجاه برنامج إيران النووي والصاروخي"، خلا البيان الختامي من أي عبارات تحمل طابع التهديد، مكتفياً بمطالبة طهران "بضرورة معالجة برنامجها النووي". يعبّر ذلك عن الفشل في تبني مقاربة مشتركة تجاه الملف الإيراني، ما يشي بأن تستمر كل دولة بنسج علاقتها وتبني مقاربتها الخاصة.
• يجري الحديث عن توجه سعودي جديد في إطار محاولات إعادة التموضع وحصر الخسائر. وتتوقع المصادر تنسيقاً إماراتياً سعودياً في المرحلة المقبلة، يتعلق بتحول قد تتبناه الرياض في إطار الواقعية السياسية، على أن تقوم أبو ظبي بتهيئة الأجواء الإقليمية، لكونها الأكثر مرونة وقدرة على الحركة من السعودية.
ما هو المقبل؟
ركّزت قمة الرياض على إظهار التضامن، من دون أن تتمكن من اتخاذ قرارات كبرى، فيما فشلت في إخفاء التباين الكبير بين أطرافها تجاه ملفات عدة.
سيظلّ البعد الاقتصادي هو الأساس في صيغة مجلس التعاون الخليجي. ومع تزايد التنافس الاقتصادي داخل التكتل، يتصاعد النقاش حول مستقبله مع ترجيح استمراره، لما يشكله من إرث ثقافي مشترك للمنطقة.