المشهد | "البوصلة الاستراتيجية".. هل تحاول أوروبا الابتعاد عن حلف الناتو؟
تأتي الخطة الجديدة عقب الانسحاب الأميركي الأحادي من أفغانستان، إضافةً إلى تشكيل حلف "أوكوس" الذي استُثنيت أوروبا منه، ووسط دعوات إلى تخفيف الاعتماد الأوروبي على واشنطن في مجال الدفاع.
أعلن الممثّل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، أنّه سيقدّم مطلع العام المقبل، في اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، مسوّدة معدلة لمفهوم الدفاع الاستراتيجي الأوروبي المسمّى "البوصلة الاستراتيجية".
ووفقاً لبوريل، إنَّ التهديدات التي تواجهها أوروبا تُظهر أنّ "الاتحاد الأوروبي بحاجة ماسّة إلى تعزيز قدراته ووسائله في العمل الأمني".
المشهد
قُدّمت المسوّدة الأولى لوثيقة "البوصلة الاستراتيجية" في الـ 15 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهي استراتيجيّة للدفاع والأمن الأوروبي على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة.
وبحسب بوريل، إنّ "البوصلة" مصمّمة للإجابة عن 3 أسئلة: ما هي التهديدات التي تواجه أوروبا؟ وكيف يمكن جمع الإمكانيات وإدارتها بفعالية؟ وما أفضل طريقة لإبراز نفوذ أوروبا على المستويين الإقليمي والعالمي؟
تأتي الخطة الجديدة عقب الانسحاب الأميركي الأحادي من أفغانستان، إضافةً إلى تشكيل حلف "أوكوس" الذي استُثنيت أوروبا منه، ووسط دعوات إلى تخفيف الاعتماد الأوروبي على واشنطن في مجال الدفاع، إضافةً إلى محاولات فرنسيّة للدفع باتجاه "الاستقلال الاستراتيجي".
بين السطور
يحرص بوريل على تأكيد أنَّ "البوصلة" لن تتعارض مع التزام أوروبا بحلف الناتو، لكن ثمة خشية لدى البعض في الولايات المتحدة وأعضاء الناتو من خارج الاتحاد الأوروبي وحتى داخله، من أن يؤدي تعزيز دور أوروبا في الأمن والدفاع إلى إضعاف الحلف.
· يرد ذكر حلف الناتو في الوثيقة كجزء من قائمة الكيانات والدول التي يجب التعاون معها، ولا تقدّم "البوصلة الاستراتيجية" الكثير لتوضيح ماهية العلاقة بين دفاع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والولايات المتحدة، غير أنّها تضع "سدّ الثغرات الحرجة في القدرات بحلول العام 2025" هدفاً لها، وهو ما تمت قراءته في إطار تقليل الاعتماد على الأصول العسكرية الأميركية.
· تعكس الوثيقة حالة عدم الإجماع داخل الاتحاد الأوروبي على مسألة الصين وكيفية التعامل معها، إذ تضمّنت الوصف المعتاد لها مصطلحات مثل "شريك" و"منافس" و"منافس استراتيجي". كما تعكس حالة الاختلاف في وجهات النظر مع الولايات المتحدة، إذ تُواجَه المقاربة الأمنية الأميركية حيال الصين بمقاربة تجارية اقتصادية أوروبية.
· بحسب الوثيقة، يتعيَّن على الاتحاد الأوروبي بحلول العام 2025 تطوير "قوة تدخل سريع" قوامها 5000 جندي. وعلى الرغم من محاولة وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، طمأنة قيادة حلف الناتو إلى أنه "لا مخاوف من أداة دفاع أوروبية مشتركة"، فإنَّ مراقبين يتحدّثون عن قلق استراتيجي لدى الحلف من أن يكون هذا الجيش الأوروبي بديلاً له.
· الخشية من الابتعاد عن الناتو جعلت بعض دول شرق أوروبا ووسطها تتحفَّظ على بعض المقترحات والأفكار التي تتضمَّنها "البوصلة". وسبق لهذه الدول أن أعربت عن معارضتها مبدأ "الاستقلالية الاستراتيجية" الذي طرحه ماكرون، وهي لا تبدي رغبة في استبدال دفاع أوروبي بالمظلّة الأميركية الأطلسية.
· أحد أوجه القصور الأخرى الذي يشار إليه في الوثيقة يتعلَّق بشكل أساسي بعدم التوازن بين التهديدات التي تحدّدها والقدرات التي تقترح نشرها. ويطرح بعض الدول الأعضاء السؤال التالي: أمام هذه التهديدات، ما الذي يمكن لقوة قوامها 5000 جندي أن تفعله؟
ما هو المقبل؟
من المقرّر اعتماد النسخة النهائية من "البوصلة" في آذار/مارس العام المقبل. وعلى هذا الأساس، هناك 4 أشهر فقط أمام الدول الأوروبية للتفاوض والاتفاق على ما يبقى أو يضاف أو تتم إزالته من المسوّدة.
وبينما يرتفع الجدل بشأن قدرة أوروبا على العمل بشكل مستقل عن الناتو والولايات المتحدة، يجري التشكيك في اعتماد "البوصلة" بناءً على عدد من المعطيات، تتعلق برد فعل واشنطن وتعاطي دول شرق أوروبا ووسطها، إضافةً إلى إمكان تفاهم الدول الأعضاء على آليات تمويل "البوصلة" وحدود تدخّلها.