العالم 2023: أي مستقبل لمفاوضات الاتفاق النووي؟

تعثرت مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي بعد آخر جولة، كانت الأمور تسير باتجاه ذلك، إلا أن أحداثاً عالمية أخّرت إعادة إحياء الاتفاقية. فأيُّ مستقبل للمفاوضات في العام 2023؟

  • العالم 2023: أي مستقبل لمفاوضات الاتفاق النووي؟
    العالم 2023: أي مستقبل لمفاوضات الاتفاق النووي؟

الرئيس الأميركي جو بايدن: "الاتفاق النووي مات".

تتناقض الآراء الغربية بشأن إحياء الاتفاق النووي بين القوى الغربية وإيران. فتعقيباً على تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخراً حول "موت الاتفاق"، نفى المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، أن يكون الاتفاق النووي مات، وقال إنه "وصل إلى مرحلة في أيلول/سبتمبر الماضي ظنّنا خلالها أننا نسير باتجاه إحيائه، لكن إيران وضعت شروطاً جديدة".

وضعت خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، التي وقعتها إيران ومجموعة (5+1) عام 2015، قيوداً كبيرة على برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات، لكن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاقية عام 2018، مدعياً أنها فشلت في تقليص برنامج إيران الصاروخي ونفوذها الإقليمي، وإثر ذلك قامت إيران بتجاهل القيود المفروضة على برنامجها النووي، وتحدي العقوبات التي تستمر الإدارات الأميركية بفرضها منذ ذلك الحين.

مع توليه الرئاسة الأميركية، أعلن جو بايدن، عزمه التفاوض مع إيران للعودة إلى الاتفاق. ومنذ نيسان/أبريل 2021، سعت الأطراف الموقعة على الاتفاق إلى إحيائه.

أحرزت المفاوضات تقدماً على مدار 9 جولات في فيينا آخرها كان في آب/أغسطس 2022 بالإضافة إلى جولة عاشرة جرت في الدوحة في حزيران/يونيو، وكان سبق ذلك في آذار/مارس 2022 أن توصل الأطراف إلى نص نهائي. إلا أنه منذ آب/أغسطس تراجعت الأمور بعد التعديلات على النص النهائي، وقالت واشنطن في آخر جولة إنها لا تسعى إلى عقد جولة جديدة من المفاوضات.

اقرأ أيضاً: عكس التوقعات 2022: مفاوضات الاتفاق النووي بين إيران والغرب.. ما الذي حصل؟

مرندي: إيران تسعى لمعالجة الثغرات التي تسمح لواشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي

يقول مستشار الفريق الإيراني المفاوض محمد مرندي إن "إتمام الصفقة كان وشيكاً، إلا أن الأميركيين تباطأوا في إتمام الإجراءات الفنية السهلة بسبب انتخابات التجديد النصفي، ومنذ ذلك الحين نحن ننتظر".

وأوضح مرندي في حديث للميادين نت أن "الاتحاد الأوروبي قدم المسوّدة النهائية للأطراف المفاوضة التي وافقت واشنطن عليها، حينها دققت طهران في النص وقامت ببعض التغييرات وأعادته إلى الوسطاء الأوروبيين. وقال جوزيب بوريل إن المطالب الإيرانية "معقولة"، مؤكداً أن "النص بات جاهزاً والتوصل إلى اتفاق يتطلب أن تتخذ واشنطن قراراً سياسياً".

ورأى مرندي أن "إدارة بايدن كانت تواجه صعوبة في اتخاذ قرارها السياسي لتوقيع الاتفاقية قبل انتخابات التجديد النصفي، لأنها كانت تخشى أن يقول خصومها الجمهوريون، إنها أعطت تنازلات كبيرة لإيران وتستثمرها لصالحها وتؤثر سلباً على نتائج الانتخابات".

وأضاف أن "المسودة النهائية تقدم ضمانات لإيران، وسيتم بموجبها الاحتفاظ بالبرنامج النووي السلمي، بطريقة تضمن لإيران العودة إلى برنامجها النووي في حال انتهكت الولايات المتحدة الاتفاق النووي"، لافتاً إلى أن "هذا الأمر مهم لأنه يخلق رادعاً لأميركا من اختراق الاتفاق، ويجعل انتهاك الاتفاقية أمراً مكلفاً بالنسبة لها".

وبشأن مطالب الطرفين في إطار المفاوضات، رفض مرندي الإفصاح عن بنود الاتفاق، لكنه أكد أن إيران كانت شديدة الصلابة في المفاوضات، وسعت بشدة إلى معالجة الثغرات التي تسمح للولايات المتحدة بخرق الاتفاق أو الانسحاب منه، أو أن تمر في وقت عصيب في تبرير انتهاكاتها للاتفاقية".

أما من الطرف الأميركي فقد كشفت وسائل إعلام أميركية أن من بين نقاط الخلاف بين الطرفين "مسألة رفع العقوبات عن حرس الثورة الإيراني، إذ إن الولايات المتحدة ترفض سحبه من قائمة المنظمات الإرهابية في إطار هذه المفاوضات"، إلا أن مرندي أكد في وقت سابق للميادين أن هذا الأمر "لم يكن شرطاً في فيينا".

مرندي شدد على أن "إيران ضغطت وساومت من أجل الحصول من خلال الاتفاق على تنازلات كبيرة، وهذه المرة لن تنفذ إيران التزاماتها إلا بعد أن ينفذ الأميركيون التزاماتهم حتى لا يغشّوا مرة أخرى"، مؤكداً أن كل خطوة تتخذها الولايات المتحدة ستقابلها خطوة من إيران وهكذا دواليك".

المسؤول الإيراني محمد مرندي قال إنه "ليس هناك الكثير الذي يمكن أن يفعله الأوروبيون والأميركيون ضد إيران حالياً، فهي ستستمر في توسيع برنامجها النووي السلمي وستواصل توسيع تعاونها مع دول جنوب العالم والدول الآسيوية مثل الصين والهند وروسيا وآسيا الوسطى والدول المجاورة لتقليل تأثير العقوبات ضدها".

اقرأ أيضاً: وفد برلماني روسي يلتقي أمير عبد اللهيان من أجل تعزيز التعاون بين البلدين

مرندي: أزمة الطاقة تدفع أوروبا بشدة إلى التوصل إلى اتفاق

بحسب مرندي، فإن الحرب في أوكرانيا والأزمة الاقتصادية العالمية وأزمة الطاقة التي "تؤذي أوروبا وأميركا على حد سواء" بحسبه، تدفع "الاتحاد الأوروبي بشدة إلى التوصل إلى اتفاق، لكن الأميركيين يتباطأون".

ورداً على سؤال حول مدى استقلالية القرار الأوروبي في حال قامت الولايات المتحدة بتكرار سيناريو ترامب والانسحاب من الاتفاقية مجدداً، قال مرندي إن "القرار الأوروبي ليس مستقلاً عن أميركا، بل هي التي تتخذ القرارات وهذا ما رأيناه أيضاً فيما يخص الحرب الدائرة في أوكرانيا"، مؤكداً أن "أوروبا خاضعة لأميركا وضعيفة بشكل متزايد".

وأضاف أن "سيناريو ترامب هو الحاصل حالياً، لم يتغير شيء بين الإداراتين اللتين لا تختلفان عن بعضهما البعض، إذ تواصل الولايات المتحدة انتهاك الصفقة تحت إدارة بايدن، وتفرض عقوبات وتتبع سياسة الضغط القصوى كسلاح".

مرندي: لولا أعمال الشغب في إيران لكنا توصلنا إلى اتفاق نووي 

وكشف مرندي أنه لو لم تحصل أعمال الشغب في إيران، "لكنا توصلنا إلى اتفاق نووي، لكن واشنطن اختارات الضغط على إيران في هذا الشأن، إلا أنها لم تنل مرادها، إذ أن أعمال الشغب في إيران لا تؤثر بشكل فعلي على البلاد".

وأضاف أنه "على الرغم من أن حالة الشغب انتهت في إيران، إلا أن الولايات المتحدة لم تقم بعد بأي خطوة أو اتخاذ قرار لاستئناف المفاوضات خاصة في ظل سعي الأوروبيين الحثيث للتوصل إلى اتفاق"، لافتاً إلى أن "أميركا كانت تأمل إضعاف إيران أكثر في هذا الوقت من خلال موجة الشغب فيها، وفرض ما تريده في المفاوضات لكنها فشلت".

مرندي: فوز نتنياهو في انتخابات الكنيست لا يؤثر في مجرى المفاوضات

وعن العلاقات الإيرانية الروسية والاتهامات الموجهة لطهران بتزويد موسكو بأسلحة تستخدمها الأخيرة في حربها في أوكرانيا، قال مرندي إن "الاتفاق النووي ليس متعلقاً بأي موضوع آخر بحسب وجهة نظر الإيرانيين، وإن هذا الأمر لم يؤثر في مجرى المفاوضات".

اقرأ أيضاً: إيران: أخذنا أسلحة من روسيا وقدمنا إليها.. لكن ليس في أثناء حرب أوكرانيا 

كذلك الأمر، رأى مرندي أن لا تأثير لتولي بنيامين نتنياهو رئاسة حكومة الاحتلال على مجرى المفاوضات، وقال إن "إسرائيل حاولت مراراً تغيير القرار الأميركي بالتفاوض والعودة إلى الاتفاق، لكنها فشلت، وليس هناك سبب ليكون للإسرائيليين أي تأثير الآن".

وختم حديثه بالقول: "إن عام 2023 سيشهد التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والدول الغربية، في حال قررت الإدارة الأميركية الوفاء بالتزاماتها واتخذت قراراً سياسياً بالمضي في ذلك".

اخترنا لك