إردوغان يهاتف هرتسوغ.. ما هي دلالات التقارب التركي الإسرائيلي؟

على الرغم من بعض الفتور في العلاقات التركية الإسرائيلية، فإنه لم يتسبَّب في حدوث قطيعة فعلية بين الطرفين. فماذا عن الانفتاح التركي الأخير على "إسرائيل"، وما علاقته بالتوازن في المنطقة، وبمشاريع أنقرة المتعلقة بالغاز والبترول.

  • إردوغان يهاتف هرتسوغ.. ما هي دلالات التقارب التركي الإسرائيلي؟
    إردوغان يهاتف هرتسوغ.. ما هي دلالات التقارب التركي الإسرائيلي؟

اعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن علاقات بلاده بـ"إسرائيل" مهمة لاستقرار الشرق الأوسط، وذلك في اتصال هاتفي، اليوم الخميس، برئيس سلطة الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.

وقال المتحدث باسم رئيس الكيان الإسرائيلي، في بيان، إن "هرتسوغ شكر نظيره التركي على إطلاق سراح الزوجين الإسرائيليين اللَّذين جرى اعتقالهما قبل تسعة أيام بتهمة التجسس، عقب تصويرهما قصر إردوغان في إسطنبول".

وأضاف أن إردوغان شدَّد على الأهمية التي يوليها للعلاقات بـ"إسرائيل"، واعتبرها "ذات أهمية رئيسة للسلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، كما أكد ضرورة تقليص الخلافات بين الطرفين".

بينيت: قنوات الاتصال بين تركيا و"إسرائيل" تعمل بتكتم في أوقات الأزمات

بدوره، تحدَّث رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وذلك بعد ساعات على إطلاق سراح الزوجين أوكنين من الاعتقال في إسطنبول، وعودتهما إلى "إسرائيل".

ونشر مكتب بينيت بياناً أشار فيه إلى أن "رئيس الحكومة شكر الرئيس التركي على تدخله الشخصي في إعادة الزوجين". كما أعرب بينيت عن "تقديره معالجة القضية من الجانب التركي، في جميع المستويات، في الأيام الأخيرة، بهدف إيصال الموضوع إلى حلّ".

وبحسب البيان، فإنه خلال المحادثة، وهي الأولى بين الاثنين، أشار بينيت "إلى قنوات الاتصال بين الطرفين، التي تعمل بكفاءة وتكتم في أوقات الأزمات".

أنقرة تريد نوعاً جديداً من "التوازن" في المنطقة عبر "تل أبيب" 

اللافت في حديث إردوغان إلى هرتسوغ هو توقيته الزمني، والذي يصادف التحركات الإقليمية، ومحورها سوريا، حيث التحركات العربية للمصالحة معها. فبعد أن فشلت مساعي الرئيس التركي للمصالحة مع القاهرة والرياض، ولم يحقق اتصاله الهاتفي بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أهدافه المرجوة، على الأقل حتى الآن، يبدو أن أنقرة تريد لحوارها الجديد مع "تل أبيب" أن يحقق لها نوعاً جديداً من "التوازن" في المنطقة. 

يأتي ذلك بعد أن اخترقت "إسرائيل" عدداً من أنظمة المنطقة الرئيسية، عبر اتفاقيات التطبيع، وفي مقدمتها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وبعد المصالحة مع مصر والأردن وسلطنة عمان، بينما تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دور إسرائيلي محتمل في المرحلة المقبلة في ليبيا، وذلك عبر العلاقة بأطراف متعددة، ومنها خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي.  

إردوغان، الذي سبق له أن اتصل بهرتسوغ في 12 تموز/يوليو الماضي، ليهنئه بمناسبة انتخابه رئيساً لـ"إسرائيل"، أكد لنظيره الإسرائيلي "الأهمية والضرورة لإعادة ترسيخ ثقافة السلام والتسامح والعيش المشترك في المنطقة"، مضيفاً أنّه "إذا تحركنا في إطار التفاهم المتبادَل، فسيتسنى لنا تجاوز الخلافات في وجهات نطرنا حيال القضايا الثنائية الإقليمية"، معتبراً أن  "استمرار الحوار بين إسرائيل وتركيا هو لمصلحة الطرفين" .  

ما هو تأثير الجانب الاقتصادي في العلاقات التركية الإسرائيلية؟

يُذكَر أنّه بعد خلاف استمر ستة أعوام، بسبب الهجوم الإسرائيلي على "أسطول الحرية" التركي في أيار/مايو 2010، أعاد الطرفان تطبيع علاقاتهما في حزيران/يونيو 2016. وتخللت السنواتِ الستَّ اتهاماتٌ متبادلة وقاسية، انتهت بتوقيع الاتفاق الذي أعاد الطرفين إلى تهدئة لم تدم طويلاً.

إلا أنه، عند الحديث عن العلاقات التركية - الإسرائيلية، لا يمكن إغفال كل من الجانب الاقتصادي والتجاري والسياحي، ودور كل منها فى تعزيز تلك العلاقات، ولاسيما عندما يدور الحديث عن المشاريع العالمية الكبرى، والمرتبطة بمجال الطاقة. وبالإضافة إلى ذلك، يُعتبر التعاون، في المجالين الأمني والعسكري، بمثابة ركيزة أساسية في العلاقات بين الطرفين.

ففي السياسة جانب معلن، لكن الاقتصاد والتجارة أمر مغاير، فثمة علاقات اقتصادية تركية – إسرائيلية ذات دلالات خاصة، فلم تشهد تلك العلاقات، في شقيها التجاري والعسكري، أي تراجع أو تأثر. 

على سبيل المثال، تُعتبر تركيا الدولة الأولى تصديراً للإسمنت والحديد إلى "إسرائيل"، وصدَّرت لها مليون طن من الإسمنت خلال عام 2017. كما أن "تل أبيب" استوردت 9.8 مليون طن من الإسمنت من تركيا، من أصل 16.9 مليون طن، مجمل ما استوردته خلال الأعوام الـ15 الأخيرة، أي 59% من مجمل ما تستورده.

توقّع تعيين سفير تركي جديد لدى "تل أبيب"

الانفتاح التركي المحتمل على "إسرائيل"، إن تحقق، فإنه يهدف، في الوقت نفسه، إلى سدّ الطريق على التحالف اليوناني والتحالف القبرصي مع كل من "تل أبيب" والقاهرة. وهو ما يعرقل مشاريع أنقرة  ومخططاتها، فيما يتعلق بحسابات الغاز والبترول في جوار جزيرة قبرص، التي تسيطر تركيا على 36% من مساحتها منذ عام 1974.

وأشارت معلومات إلى تعيين سفير تركي جديد في "تل أبيب" قريباً، مع احتمالات تبادل الزيارات على مستوى وزراء الخارجية، ليساعد ذلك إردوغان على كسب ودّ منظمات اللوبي اليهودي في واشنطن، وهو في أشد الحاجة إليها للضغط على إدارة الرئيس بايدن، بحيث يعرف الجميع مواقفه السلبية تجاه الرئيس التركي وسياساته الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى سياساته الداخلية المعادية للديمقراطية، على حدّ تعبيره.

اخترنا لك