ألمانيا تواجه أزمة تجنيد في جيشها وتخشى خطة بوتين العسكرية
وزير الدفاع الألماني يعلن أنّ جيش بلاده يواجه مشكلات كبيرة في جذب مجنّدين جدد، في حين تتحدث صحيفة ألمانية عن مخاوف الحكومة من خطة بوتين العسكرية وقدرة الرئيس الروسي على شنّ حرب طويلة.
تواجه القوات المسلحة الألمانية مشكلات كبيرة في جذب مجنّدين جدد، بحسب ما أعلن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، اليوم الأربعاء، في وقت تسعى برلين إلى تحديث جيشها.
وأقرّ بيستوريوس بوجود تحدٍّ رئيسي يتمثّل في تجنيد الجيل القادم من الجنود، وذلك في حديثه خلال زيارة لمركز توظيف تابع للقوات المسلحة في شتوتغارت.
وقال وزير الدفاع الألماني للصحافيين: "الجميع يتحدث عن نقص في عدد أفراد البوندسفير (الجيش الألماني)، ولا أحد يعلم ذلك أفضل منّي"، مضيفاً أنّ عدد الطلبات للانضمام إلى الجيش أقل بـ7% هذا العام، مقارنةً بنفس الفترة، من العام الماضي.
وفي حين يهدف "البوندسفير" حالياً إلى زيادة عدد الجنود، ليصل إلى 203 آلاف بحلول 2031، مقارنةً بـ180 ألفاً حالياً، أكد بيستوريوس أنّ ذلك الرقم تجري مراجعته.
وتابع بيستوريوس أنّ نسبة المنسحبين من الجيش خلال فترة التدريب تصل إلى 30%، وأنّ الجيل الأصغر سناً أبدى مخاوف بشأن تحقيق توازن بين العمل والحياة أكثر من الماضي، وهو ما يصعب التوصل إليه مع وظيفة في الجيش.
وأشار إلى أنّ عدد الناس في الفئة العمرية من 14 إلى 25 عاماً سيكون أقل بنسبة 12%، بحلول عام 2050، لافتاً أيضاً إلى أنّ شيخوخة السكان، التي تؤدي إلى نقص اليد العاملة في العديد من القطاعات، تجعل التجنيد العسكري صعباً أيضاً.
ويعاني الجيش الألماني منذ فترة طويلة، من نقص الموارد والتمويل، ومع بدء موسكو عمليتها العسكرية في أوكرانيا، تعهد المستشار الألماني، أولاف شولتس، تعزيز الإنفاق العسكري لبلاده.
وتكشّفت المشكلات في جيش ألمانيا منذ آذار/مارس الماضي، عندما قال نائب كبير إنّ الجيش "لديه القليل من كل شيء، والثكنات في حالة يُرثى لها".
كذلك، أعلنت المفوضة البرلمانية الألمانية المكلفة التدقيق في الجيش، إيفا هوغل، أنّ بعض أقسام نوم الجنود كانت تفتقر إلى خدمة "واي فاي"، وحتى إلى مراحيض تعمل.
وتتمحور جهود برلين لتحديث الجيش على صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو، لكن هوغل قالت إنّ أياً من هذا المبلغ لم يُنفق في 2022، وسط بطء الإجراءات البيروقراطية لاتخاذ القرار.
وأثناء تولي رئيسة المفوضية الأوروبية الحالية، أرسولا فون دير لاين، منصب وزيرة الدفاع في ألمانيا، وتحديداً في عام 2015، كانت القوات الألمانية سيئة التجهيز، لدرجة أنّها اضطرت لاستخدام عصي المكنسة، بدلاً من المدافع الرشاشة في تمرين لحلف شمالي الأطلسي، كما أوردت مجلة "سبيكتاتور" البريطانية.
ووفقاً للمجلة، اتضح أيضاً حينها أنّ البنادق الألمانية "لا تطلق النار في درجات حرارة أعلى من 30 درجة مئوية".
وبحلول عام 2019، كان مخزون ذخيرة الجيش الألماني منخفضاً جداً، حتى إنّه كان سينفد، بعد يومين أو ثلاثة أيام من القتال، بحسب ما ذكرت المجلة البريطانية، مضيفةً أنّه في العام نفسه، استخدم الجنود الألمان الهواتف المحمولة في تمرين آخر، لأنه لم يكن لديهم أجهزة اتصال مشفرة.
وبفضل قيادة فون دير لاين، جزئياً، لا يزال جنود الجيش الألماني يفتقرون إلى أبسط المعدات، من أجهزة الراديو الحديثة، ومعدات الرؤية الليلية، والدروع الواقية للبدن، والخوذات اللاسلكية المدمجة، والأحذية القتالية، وحتى الملابس الداخلية الحرارية، والملابس الواقية من الماء.
الحكومة الألمانية تخشى خطة بوتين العسكرية
في المقابل، فإنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يبني جيشاً من الملايين، كما قالت صحيفة "بيلد" الألمانية، وهذا لا يهدد أوكرانيا فحسب، بل "الناتو" أيضاً، والحكومة الألمانية تخشى خطته العسكرية.
ووفقاً للصحيفة الألمانية، فإنّ بوتين قادر "على شنّ حرب لوقت طويل للغاية"، لأنه، من حيث عدد الجنود على الأقل، لا تزال هناك احتياطيات كبيرة.
ويحسب "بيلد" الألمانية، سيتمكّن الجيش الروسي الآن من الاعتماد على أكثر من مليوني جندي احتياط، حيث سيرفع الحد الأدنى للسن، ففي المستقبل، يمكن تجنيد الرتب مرة أخرى حتى سن الـ40، ويمكن حتى استدعاء الضباط للخدمة، في القوات المسلحة في تدرجات مختلفة حتى سن الـ70.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الهدف الأولي هو زيادة عدد الجنود النشطين بمقدار 400 آخرين إلى مليون ونصف، وفقاً لوزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو.
وبحسب خبراء الحكومة الألمانية، يمكن لروسيا زيادة عدد الجنود النشطين إلى ما يصل إلى 3 ملايين، إذا كان مسار الحرب في أوكرانيا يجعل ذلك ضرورياً، وأضافت الصحيفة أنّ موسكو "مستعدة لخوض الحرب لمدة عامين أو 3 أعوام أخرى".
وفي هذه الحالة، يحذّر الخبراء من أن مئات الآلاف من الجنود الروس الذين لديهم عدة سنوات من الخبرة في الحرب يمكن أن يكونوا في مرحلة ما على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي.