من متحف المشاهير: هنا يجتمع "المختلفون" دون خلاف!
"متحف المشاهير" في منطقة ذوق مصبح – جعيتا - شمال بيروت هو الأول من نوعه في العالم من حيث الفكرة ونوعية تماثيله المصنوعة من مادة "السيليكون"، حيث يتكلّم بعضها... وربما يغني ويتحرك!
بدأت القصة بعرض القيّمين على "متحف المشاهير" تمثالاً فلكلورياً سنة 2000 الهدف منه كان للترويج لمنتجع سياحي مائي في منطقة نهر الكلب، فكان تفاعل الناس كبيراً جداً، ما دفع أصحاب الفكرة لتطويرها إلى متحف يضم أكثر شخصيات العالم "اختلافاً من دون خلاف".
اختيار الشخصية يكون وفق رأي لجنة تقيّم الشخصيات الأكثر جدلاً أو تحظى بمحبة بين الناس، ويعمّد القيّمون على المتحف على وضع صندوق اقتراحات يتمكن الزائر عبره من وضع أسماء الشخصية التي يتمنى رؤيتها كتمثال.
أمّا ما يجعل المتحف مميزاً فهو استخدام مادة "السيليكون"، بحيث أمسى مضاهياً لأهم المتاحف العالمية كمتحف "جريفين" بباريس ومتحف "مدام تيسو" في لندن.
حركات حقيقة....
تماثيل تظنها للوهلة الأولى حقيقة، من حيث مطابقتها لمعالم وتفاصيل جسم الإنسان ما يضفي عليها رونقاً حقيقياً، الشعر مزروع بعناية، الشرايين تنفر من تحت الجلد فيبدو طبيعياً، العيون تبدو حقيقية مع الجفون والرموش المتحركة... حتى أن بعض الحركات التي يستخدمها المشاهير ملحوظة في تجسيده، فمثلاً يلاحظ الزائر رجفة شفتي الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في السنوات الأخيرة قبل رحيله، كما يلحظ حركة قدم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري...ويمكن له أن يتخيل خطاباً طويلاً يمتد لساعات لقائد الثورة الكوبية الراحل فيدل كاسترو.
"السيليكون" ميّز شخصيات المتحف إذ إنه يساعد على تحرّك التمثال، فداخل بعضها جهاز حاسوب كامل يبرمجه المختصوّن في المتحف لانسجام حركاته.
ترامب يرمق بوتين!
فريق مميز متشعّب المهمّات والاختصاصات يشرف على إنجاز هذه النماذج منه اختصاصي هندسة ميكانيكية، خبير فني وتجميلي...
فتح المتحف أبوابه بـ 22 شخصية لبنانية وعربية وعالمية، ليصل عدد تماثيله الآن إلى حوالى الـ 60 شخصية تنوّعت بين سياسيين وفنانين ومخترعين ومبدعين، فضلاً عن شخصيات من موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية.
"الميادين نت" شارك في إزاحة الستارة عن تمثال بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الكاردينال ما بشارة بطرس الراعي، حيث دخلنا إلى قاعته وعاينّا التمثال الرائع التصميم بثيابه الحقيقية قبل وسائل الإعلام الزميلة.
كما لاحظنا وجود تمثالين وصلا للتوّ إلى المتحف وهما للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يرمق نظيره الروسي فلاديمير بوتين!
وهنا نستحضر كلام أحد مسؤولي بلدية ذوق مصبح الذي قال خلال حفل إزاحة الستارة عن التمثال "هنا يتواجد المختلفون دون خلاف".
مشاريع فريدة من نوعها عالمياً
الأشقاء جورج وميشال وبيار معلوف من بلدة كفرقطرة (جبل لبنان) الذين قدّموا لوطنهم مشاريع هامة، وآلوا على أنفسهم البقاء فيه رغم كل الصعوبات والأزمات التي مرت بالبلاد، أسسّوا المتحف الفريد من نوعه عالمياً، وهو انضم إلى سلسلة مشاريع سياحية متميزة لهم، تعتبر الأولى في العالم والشرق الأوسط.
أمّا عن آلية العمل يشرح المهندس بيار معلوف "قد يأخذ معنا تمثال واحد سنة للتنفيذ لأننا نعمل عليه ثم نعود لنتأكد من القياسات الصغيرة والتفاصيل الدقيقة كالشعر والحواجب والبشرة... أو إذا هناك أي خطأ لنعالجه".
وأضاف "نصنع القالب أولاً ومن ثم نصّبه من ثم يضاف إليه "السيليكون" ومن بعدها ننطلق إلى الحركة والقسم الميكانيكي". ويردف بيار "لو نضرتم إلى تمثال الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي لاعتقدتم أنه إنسان لأنها تستخدم كثيراً جسدها في التعبير".
من جانبه، يقول شقيقه ميشال، "لا شك بأن لا أحد يمكن أن ينوب عن خلق الله لكن هناك أشخاص يصدمون من دقّة العمل ويصرخون "كأنه حي" ويتصورون بجانب التمثال بحرارة واندفاع".
وعن أهم تمثال يتفاعل معه الناس يضيف: "يكون ذلك حسب بلد كل شخص أو وفق الانتماء السياسي له"، متابعاً "جنسيات عربية وأجنبية تزور المتحف، فالسياحة الداخلية خفيفة".
التمثال القادم؟
كبير الأشقاء جورج معلوف يشير إلى أن "للمتحف تجربة مميزة مع طلاب المدارس، فعندما يرى هؤلاء تمثال المخترع توماس إديسون أو الفنان ليوناردو دافينشي أو تمثال الرسام فان غوغ، والعالم أينشتاين... أو أي أحد من العلماء الذين سمعوا عنهم وعن انجازاتهم في التاريخ فإنهم يتفاعلون معهم بشكل أكثر حيوية، خاصة وأنهم شخصيات سمعوا عنها وكانت بالنسبة لهم مجرد خيال".
وفي ردٍ على سؤالنا الميادين نت قال إن "إدارة المتحف تقدمّت بطلب من الدولة أن تدرج المتحف على الخريطة السياحية للبنان وكان لنا ذلك".
ختاماً، وبعد محاولاتنا للسؤال عن شخصية التمثال التالية القادمة، استنتجنا أنها من المرجّح أن تكون للفنان العربي السوري دريد لحام، خاصة وأن "ملف تحضير التمثال له في شخصية "غوار الطوشة" بات جاهزاً"، بحسب كلام أحد مؤسسي المتحف.