لبنان: مشاريع شمالية تؤمل بحركة اقتصادية وفرص عمل واسعة
فتح عقد الاتفاق بين وزارة الطاقة اللبنانية وشركة "روسنفت" الروسية لاستثمار منشآت النفط بطرابلس اللبنانية الباب أمام عملية استثمار ضخمة، ارتقبها اللبنانيون بعد الأحاديث المتعددة التي اطلقت في فترة ما بعد توقف الأحداث الأمنية في طرابلس، واقتراب نهاية الأحداث السورية.
تناولت الأحاديث اهتماماً محلياً وإقليمياً ودولياً لاستثمار عدة مرافق في طرابلس، والشمال اللبناني، تشمل مرفأ طرابلس، ومصفاة طرابلس النفطية، ومعرض طرابلس (معرض رشيد كرامي) الدولي، ومطار القليعات (مطار الرئيس الراحل رينيه معوض)، وسكة الحديد بين لبنان وسوريا، ومنها إلى العمق العربي، وأوروبا، والمشاركة في إعادة إعمار سوريا، وتستدرج فيضا من المواد الاستهلاكية، والحاجات الأساسية من مختلف دول العالم، خصوصا منها الصين عبر ما بات يعرف ب"خط وحزام الحرير".
تصدرت "غرفة التجارة والصناعة والزراعة" في طرابلس الاهتمام بهذه المرافق، ووضعتها على خارطة الاهتمام الاقليمي، والعالمي، انطلاقاً من إعلان طرابلس "عاصمة اقتصادية للبنان"، وفق رئيس الغرفة توفيق دبوسي الذي أفاد "الميادين نت" أن ملفات "طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية" باتت جاهزة لدى الجهات الحكومية المختصة، وهي تنتظر تشكيل الحكومة لتصبح واقعاً رسمياً، يشارك مع بقية الجهات المعنية في المشاريع المرتقبة.
المرفأ
قطع مرفأ طرابلس شوطاً هاماً على طريق تطوره فبات يستقبل السفن الضخمة، الصينية أساساً، حيث لا يستطيعه مرفأ آخر في شرقي المتوسط نظراً لعمق أحواضه حتى الخمسة عشر متراً، واتساع نطاقه الجغرافي الذي يسهل حركة الناقلات الضخمة، وتزويده بمعدات تفريغ حديثة. كما أنه متصل بطريق سهلية لا تعيق الجبال حركتها باتجاه سوريا، ومنها إلى عمق العالم العربي.
وتحدث مديره أحمد تامر لـ"الميادين نت" مؤكداً أن "ما يجري حالياً هو تطبيق الاتفاقية مع شركة سي أم إي- سي جي أم (CMA-CGM)، وهي تؤمن خطوطاً اسبوعية من الصين حيث تصل باخرة ضخمة بطول 300 متر كل اسبوع، تفرغ حمولتها، وهذا الخط ينمو ويكبر تدريجياً، كما أن كوسكو -أكبر شركة صينية- دخلت على الخط، وتستورد بضائع من الصين، وهناك خطوط من دول أخرى منها شركات المانية تستورد من مصر”.
وأعلن تامر عن "مشروع قرض من البنك الإسلامي لتطوير المرفأ مما يجعله منافسا لمختلف المرافيء الاقليمية والعالمية”، والقرض يبلغ "86 مليون دولار، وسيحول المرفأ من مرفأ بحري إلى مرفأ لوجستي، أي يصبح قادرا على تأمين كل المتطلبات التي تعطي خدمة سريعة بأقل كلفة، وسنكون موقعا جاذبا لكل الدول، والشركات الكبيرة المعنية سواء بالخدمة الاقليمية، أو المحلية، أو إعادة إعمار سوريا”.
المصفاة
بعد توقف قارب الثلاثين سنة، توضع "مصفاة طرابلس" للنفط مجددا في الخدمة بالعقد الذي جرى توقيعه بين وزارة الطاقة اللبنانية وشركة "روسفنت" الروسية، التي يفترض أن تستفيد من مكونات المصفاة الحالية التي تقتصر على التخزين، والتصدير، أما التكرير فلم يلحظه العقد لأن الوحدة المعنية بالتكرير -وحدة التكسير ومستتبعاتها- لم تعد صالحة للعمل.
بالإضافة إلى استثمار المصفاة كطاقة تخزين، وتأهيلها في مدة سنة ونصف بحسب العقد، يرتقب أن تبني الشركة المستثمرة 14 خزانا جديدا، تستوعب 428 ألف طن، مع زيادة تراكمية تصل إلى 32 مستوعبا جديدا، لتصبح القدرة الاستيعابية للمصفاة مليون برميل.
الشركة التي حملت اسم "شركة نفط العراق" (Iraq Petroleum Company) واختصارا ال "IPC” فعرفت بال "آي بي سي"، تبلغ مساحتها 114875 مترا مربعا، بدأت العمل سنة 1940، وكانت تستقبل النفط من حقولها في كركوك العراقية عبر خط نقل بري، وتكرره، وتسوقه بطاقة 21000 برميل يوميا.
انتقلت المصفاة إلى الدولة اللبنانية سنة 1973، عندما استُحدثت وزارة الصناعة والنفط في لبنان، فتولت الوزارة تشغيل وإدارة المصفاة.
لحقت بالمصفاة أضرار كبيرة جراء حروب وقعت سنة 1983، فتراجعت قدرتها الانتاجية، ولم تعد الوزارة تجد جدوى من استمرار تشغيلها، فأوقفتها سنة 1992.قبل توقفها، أدارها المهندس الدكتور محمد بدوي، الذي أفاد أن "المحطة تحولت إلى التخزين بالأجرة للقطاع الخاص”.
ويعتقد بدوي أنه "المصفاة تحتاج لتطوير لتصبح قادرة على تكرير ٥٠ ألف برميل يوميا، لكي يكون لها جدوى اقتصادية تسمح بتشغيلها"، بينما تفيد معطيات وزارة الطاقة أن المصفاة تحتاج إلى تطوير لتصبح قادرة على انتاج ١٥٠٠٠٠ برميل يوميا.
ويرى بدوي أن "إعادة تشغيل المصفاة هو أمر هام جدا، حتى ولو اقتصر في البداية على التخزين والتصدير، متوقعا ان يحتاج انطلاق العمل إلى مائة عامل سريعا،
وكلما توسعت الأعمال، احتاجت للمزيد، أما إذا أعيد التكرير، فتصبح الحاجة عشرة أضعاف لتصل إلى ألف عامل، وسيبلغ مردود تشغيلها إذ ذاك، ما بين ٨ وعشرة مليارات دولار سنويا”.
وصل عدد العاملين في ذروة عمل المصفاة إلى أربعة آلاف عامل، وموظف بحسب بدوي الذي قال إن "المصفاة كان لها تأثير كبير سابقا على الحياة العامة في طرابلس ومحيطها، فرواتبها كانت الأعلى في لبنان، مع تغطية مختلف الضمانات الصحية والتربوية للعاملين فيها.
المشروع الاستثماري
يتناول المشروع الاستثماري الضخم المسافة من مرفأ طرابلس، وصولا إلى القليعات حيث المطار، مسافة تناهز الثلاثة وعشرين كيلومترا. يتحدث رئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي ل"الميادين نت" عن دراسات بدأ العمل بها، تلحظ تطوير مرفأ طرابلس، وردم البحر بعمق خمسماية متر على طول الواجهة البحرية بدءا بالمرفأ، مرورا بالواجهات البحرية لباب التبانة، البداوي، دير عمار، المنية، العبدة، وصولا إلى مطار القليعات، لمساحة تزيد على عشرة ملايين متر مربع، وسيجري عليها إنشاء محطات، وخزانات، ومستودعات النفط، والبضائع المختلفة، وتقع مصفاة النفط ضمن نطاق هذا المشروع”.
وبخصوص مطار القليعات، أفاد دبوسي أنه "في الشهر، السابق، وقعت الغرفة اتفاقية مع شركة متخصصة بتطوير المطارات، لوضع دراسة تتناول تأهيل المطار، وتوسيعه من مساحته الحالية ثلاثة ملايين متر مربع، لتصبح مساحته عشرة ملايين وأبعماية ألف متر مربع، وذلك باستملاك مساحات كبيرة حوله من أراضٍ زراعية، يمنع البناء عليها، كما تلحظ الدراسة إنشاء مدارج بحرية للمطار”.
يترقب دبوسي أن يؤمن المشروع عشرات آلاف فرص العمل، لافتا إلى ان "المشروع أثار اهتمام العديد من الدول والشركات العربية، والعالمية، وفي مقدمهم الصينيين الذين أبدوا استعدادا كبيرا للاستثمار في المشروع"، متوقعا ان "تنتهي الدراسات في غضون ثلاثة أشهر كحد أقصى، لتوضع بتصرف الدولة”.