ملخص دراسات وإصدارات مراكز الأبحاث الأميركية

مراكز الأبحاث الأميركية في إصداراتها هذا الأسبوع تتناول الانسحاب الأميركي من سوريا، وتتحدث عن الوضع الداخلي الأميركي بعد هذا القرار.

قرار الحرب لمن؟

قرار شن الحرب، أو التورط العسكري، دائم الحضور في الجدل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، اللتان تسعى كل منهما لقضم ما تستطيع من نفوذٍ لصالحها، مع إدراكهما الوثيق بأن للرئيس صلاحية مطلقة في شن "حروب محدودة زمنياً.." شريطة إطلاع الكونغرس (خلال 48 ساعة وألا تتجاوز العمليات العسكرية 60 يوماً بدون موافقة الكونغرس) وأن يتم بعدها الانسحاب خلال 30 يوماً".

صوّب "معهد كارنيغي" بوصلة النقاش فور انعقاد الدورة السادسة عشر بعد المئة للكونغرس الجديد، مشيراً إلى أن من بين القضايا الملحة على جدول الأعمال ينبغي إثارة مسألة "متى وأين يجب نشر القوات العسكرية الأميركية المدهشة.. إذ أن الدستور يمنح صلاحيات إدارة الشؤون الخارجية لكلتا الكتلتين المتصارعتين، الكونغرس والرئيس؛" مطالباً السلطة التشريعية باستعادة دورها في "الإشراف الشرس" عليها.

واستدرك بالقول إنه من الطبيعي أن يقلق البيت الأبيض كونه لا ينظر بعين العطف لأي دور "إشرافي" للكونغرس وليبقي على تمركز صنع القرار بيده. وحثّ البيت الأبيض على "الترحيب بدور شراكة تامة مع الكونغرس في قضايا تمس الأمن القومي والذي من شأنه تشذيب السياسات المتبعة وسبل تطبيقها معاً".

سوريا

أكد "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" الشائع لقناعات ومواقف كبار السياسيين الأميركيين لتعثر استراتيجية الحروب "سنة تلو الأخرى" والتي بدأت "لمحاربة الإرهاب عام 2001؛ وحروب مستمرة في الخليج منذ عام 2003؛ والتخبط في سوريا منذ عام 2011".

واعتبر المعهد جولة الاتهامات المتبادلة حالياً على خلفية إعلان الرئيس ترامب انسحابه من سوريا بأنها "ليست أكثر سذاجة أو عُقماً من الجدالات السابقة حول ملامح السياسة الأميركية نحو سوريا.. وتخلو من أي مضمون حقيقي، كما سابقاتها، حول طبيعة الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط والخليج منذ عام 2001".

وأضاف أن مستويات النقاش انحدرت تدريجياً بحيث أضحت "بلا هدف استراتيجي واضح، وفشلت في التحكم بأيٍ من القضايا المتعددة التي تسهم في بلورة استراتيجية أميركية في المنطقة."

سخر "معهد أبحاث السياسة الخارجية" من قرار الانسحاب من سوريا "المفاجئ.. والذي تمت بلورته (على عجل) بين طواقم وزارتي الخارجية والدفاع؛ ثمرة لمراكمة الأخطاء".

وجادل في فرضية صواب القرار الرئاسي "حتى لو جاء نتيجة أسباب لا يدركها الرئيس ولن يتحمل مسؤولية الاستشراف" لتداعيات القرار.

اتهم "معهد كاتو" دائرة المستشارين الضيقة المحيطة بالرئيس ترامب "بكبح وإلغاء تطلعاته الواقعية" التي بادر بها بدءاً من إعلانه الانسحاب من سوريا، واكبه إعلان آخر بتقليص عدد القوات الأميركية في أفغانستان إلى النصف، تقريباً. وأوضح أن الفريق المعارض للقرارين معظمه من "صقور المحافظين الجدد بتأييد من الليبراليين من أنصار الحملات العسكرية الإنسانية.. مما يقوّض المصالح الأميركية في البلدين."

استعرض "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" تداعيات قرار الانسحاب من سوريا "من وجهة نظر إسرائيل، وحرص المسؤولين فيها على عدم توجيه انتقاد علني للرئيس ترامب؛ بيد أن ما يضمرونه تحت السطح تميز بعدم الرضى والقلق والرغبة في استثمار الخطوة لما قد يبنى عليها من إيجابيات".

وأوضح أن الاتصالات المكثفة التي أجراها بنيامين نتنياهو مع "الرئيس ترامب هاتفياً، ولقائه وزير الخارجية مايك بومبيو على هامش لقاء البرازيل، واستضافته لمستشار الأمن القومي جون بولتون استثارت بمجملها ضمانات أميركية علنية حول أمن إسرائيل"، وأضاف أن بعض كبار القادة السياسيين خفف من غلواء إعلان ترامب بالتأكيد على تواضع التواجد الأميركي هناك وغير مؤهل لمواجهة التقدم العسكري لإيران". واستدرك بالقول إن تلك المروحة المتعددة من ردود الفعل "لا تعكس كامل الحقيقة."

وفي استعراض موازٍ اعتبر "معهد واشنطن" جولة وزير الخارجية مايك بومبيو المكثفة في المنطقة قد تم الإعداد لها "قبل إعلان" الانسحاب، وهو يرمي "للترويج وتفسير قرار الرئيس بأننا في طريق الخروج من سوريا لأصدقاء الولايات المتحدة". وأوضح أن سوريا بالنسبة لتلك الدول لا تشكل أولوية بل "التصدي لنفوذ إيران ونشاطاتها العسكرية هناك".

إيران

تطرق "المجلس الأميركي للسياسة الخارجية" إلى مرور الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات الشعبية في إيران، معتبراً أنها دليل على "استمرار هادئ للقوى المناوئة للثورة (الإسلامية) والتي استطاعت تحويل مطالبها إلى حركة تتحدى شرعية النظام الديني.. رغم تجاهل وسائل الإعلام لها".

وأوضح أن المطالب "المحقة" للمحتجين تجد صداها في تدهور الحالة الاقتصادية للبلاد "فمؤشر التضخم في ارتفاع، ومعدل التضخم السنوي وصل لنحو 40%.. بينما أقر البنك المركزي الإيراني بمعدل تضخم يفوق 50% خلال السنتين الماضيتين".

وخلص بالقول إن تجديد الولايات المتحدة للعقوبات على إيران يلعب الدور الرئيس "بيد أن حقيقة الأوضاع الداخلية أسوأ مما قد تعترف بها السلطات".

 

اخترنا لك