التصنيع العسكري الصيني.. منجزات جديدة

خلال معرض الصين الدولي للطيران والفضاء، والذي أقيم في مدينة "زوهاي" الصينية أوائل الشهر الجاري، كان لافتاً تعدد أنواع الأسلحة والمنظومات القتالية الجديدة التي أعلنت عنها الشركات الصينية المشاركة في المعرض، والتي كان أغلبها مستوحى من منظومات روسية وغربية.

كان لافتاً تعدد أنواع الأسلحة والمنظومات القتالية الجديدة

الكمّ الكبير من المنظومات الصينية الجديدة يتجاوز في حجمه معدل المنظومات الجديدة المعلنة من جانب الدول الكبرى في مجال التصنيع العسكري مثل روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا، ويعدّ مؤشراً واضحاً على تنامي النظرة الصينية الى تصنيعها العسكري، كوسيلة من وسائل دعم النفوذ الصيني في مناطق عدة على رأسها وسط وجنوب أفريقيا، وجنوب شرق أسيا. كما أنّ اهتمام بعض الدول العربية المتزايد بالأنظمة التسليحية الصينية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والزيادة المطردة في صادرات الصين من الأسلحة لدول مثل بورما والسودان وبنغلاديش وباكستان، كل هذا يضيف أبعاداً جديدة  للاستراتيجية الصينية الحالية في مجال التصنيع العسكري على المدى المتوسط والطويل.

فبعد أن كانت الصين خلال الثمانينيات والتسعينيات من اكبر مستوردي الأسلحة، تحوّلت منذ عام 2005 لتصبح  تاسع دولة مصدرة للأسلحة في العالم، وأصبحت خلال الفترة من عام 2010 وحتى 2014 ثالث أكبر دولة مصدرة للأسلحة في العالم، متجاوزة دول عريقة في الصناعات العسكرية كألمانيا وفرنسا، وأصبحت المورد الرئيسي للأسلحة والمنظومات القتالية الى نحو 18 دولة أفريقية.

طوفان من المنظومات الجديدة

قامت الصين بصناعة نحو 10 آلاف دبابة من هذا النوع

المفاجأة الرئيسية في هذا المعرض كانت الكشف عن التطبيق الصيني الأول لاستخدام الليزر في عمليات الدفاع الجوي، وذلك بمنظومة جديدة لليزر قصير المدى تحت اسم "LW-30"، تصل قوة شعاع الليزر الذي توفره هذه المنظومة الى 30 كيلو وات، وتتميز بقدرتها على بث أربعة مستويات من الأشعة الأول قوته 5 كيلو وات والثاني قدرته 20 كيلو وات والثالث قدرته 20 كيلو وات والرابع قدرته 30 كيلو وات، كما تتميّز المنظومة بترشيدها للطاقة المستخدمة في تشغيلها. تستطيع هذه المنظومة اصابة الطائرات والدرونات من مسافة تصل الى 25 كيلو متر، على ارتفاعات تتراوح بين 200 متر الى 4 كم، وتحتاج المنظومة فقط إلى 6 ثواني للتبديل بين هدف واخر.

في نفس الإطار، كان من أهم المنظومات التي تم الإعلان عنها لأول مرة خلال هذا المعرض، عربة القتال متعددة التسليح "QN-506"، وهي النسخة الصينية من عربة القتال الروسية "BMPT"، وتتميّز هذا العربة بكثافة كبيرة في كم ونوعية التسليح المزودة بها، حيث تتسلح بمدفع رئيسي من عيار 30 مللم ملحق به مدفع رشاش متحد المحور من عيار 7.62 مللم، بجانب مجموعة من القواذف الصاروخية منها أربعة قواذف للصواريخ المضادة للدروع من نوع "QN-502C" سقفية الهجوم، يصل مداها الأقصى الى 6كم، بقدرة اختراق للصلب المتجانس تبلغ 1000 مللم. يضاف إليها 20 قاذف صاروخي متعدد الاستخدام من نوع "QN-201DD" يصل مداها الى 4 كم، وأربعة أنابيب إطلاق للدرونات الصاروخية الانتحارية من نوع "S-507". هذه القواذف تتيح للعربة مجال تدميري يغطى مساحة تصل إلى 6 كم، يعاونها في ذلك طائرة استطلاعية دون طيار ملحقة ببدنها يصل مداها إلى 10كم.

النقطة اللافتة للانتباه في هذه العربة، هو بناؤها على أساس شاسيه الدبابة "Type59" وهي النسخة الصينية من الدبابة السوفيتية الأشهر "T54A"، حيث قامت الصين خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بصناعة نحو عشرة الأف دبابة من هذا النوع في مصانعها بمنغوليا، وهي تستفيد الأن من هذه الأعداد الكبيرة المتقادمة من الدبابات بتعديلها وإزالة الأبراج الخاصة بها، ومن ثم تركيب البرج الجديد الخاص بمنظومة "QN-506" مع إضافة بعض التعديلات على البدن والمحرك.

شهد المعرض ايضاً الإعلان الأول عن عربة قتال جديدة ن انتاج شركة "نورينكو"، مستوحاة من عربة القتال الألمانية "بوما"، وهي العربة الصينية "VN-17"، التي تتسلح بمدفع رئيسي من عيار 30مللم متحد معه مدفع رشاش من عيار 7.62مللم، يضاف اليهما منصتي أطلاق للصواريخ المضادة للدروع من نوع "Red Arrow-12"، والذي يصل مداها الأقصى إلى 2500 متر للأهداف الأرضية و4000 متر للأهداف الجوية.

من جهة اخرى، كان واضحاً اهتمام الشركات الصينية بمنظومات المدفعية ذاتية الحركة بمختلف أنواعها، فشهد هذا المعرض ظهور خمسة أنواع جديدة، أولها هو مدفع الهاوتزر المدولب ذاتي الحركة "SH-15"، من عيار 155مللم، وهو محمل على شاحنات محلية الصنع من نوع "Shaanxi" مزودة بقمرة قيادة مدرعة ضد الرصاص ذو العيار الخفيف أوالمتوسط. يبلغ وزن كامل المدفع 22 طن ويستطيع إطلاق كافة أنواع ذخائر المدفعية من عيار 155 مللم سواء كانت ذات منشأ شرقي أو غربي، بمدى يصل الى 20 كم بالذخائر العادية، و50كم في حالة استخدام ذخائر معززة صاروخياً، ويبلغ مدى إطلاق القذائف من هذا المدفع ما بين 4 الى 6 قذائف بالدقيقة الواحدة. تم الإعلان أيضاً خلال هذا المعرض عن مدفعين أخرين من نفس العيار، الأول هو مدفع الهاوتزر المجنزر ذاتي الحركة "PLZ-52"، ومدفع الهاوتزر المدولب "SH-11A"، يتميزان بملقم آلي للذخيرة، ويتمتع المدفع المجنزر "PLZ-52" بمدى أكبر قد يصل الى 100 كم خاصة أنّه يمتلك القدرة على إطلاق قذائف المدفعية الموجهة بالأقمار الصناعية مثل القذائف الصينية "GP-155B".

من التعديلات الجديدة التي ظهرت في المعرض، مدفع الهاوتزر من عيار 155مللم "TYPE66" وهو النسخة الصينية من المدفع السوفيتي الشهير "D20"، تمّ تحويل المدفع الصيني ليصبح ذاتي الحركة بواسطة شركة "Xiaolong" الصينية بتركيبه على عربة مدرعة، كما يمكن استبدال هذا المدفع بمدفع أخر مثل المدفع الصيني من عيار 122مللم "PL-96". تعديل مماثل قامت به شركة "Dong Feng" العملاقة، قامت فيه بتركيب النسخة الصينية من مدفع الهاون السوفيتي أوتوماتيكي التلقيم من عيار 82 مللم "2B9M Vasilyok" والمسمّى "Type81" على شاسيه عربة مدرعة من نوع "Mengshi EQ-2050" ليتحول الى مدفع ذاتي الحركة يصل مدى قذائفه الى 4 كم.

أنظمة الدفاع الجوي لم تغب عن جديد الصناعات العسكرية الصينية، فقد قدمت خلال المعرض شركة "CPMIEC" النسخة الصينية من نظام الدفاع الجوي الروسي متوسط المدى "TOR-M2K" تحت اسم "FM-2000"، محمل على شاسيه مدولب يعد نسخة صينية الصنع من شاسيه الشاحنة البيلاروسية "9A331MK". تعمل المنظومة الصينية ضد الصواريخ الجوالة والطائرات بمدى يصل الى 15 كم وسقف ارتفاع يصل إلى 10 كم.

في ما يتعلق بالعربات المدرعة، تمّ في هذا المعرض تقديم ثلاثة أنواع جديدة، النوع الأول هو العربة المدرعة "Dong Feng CSK-131" المزودة بمنصة أطلاق للصواريخ المضادة للدروع "TL-4"، لتصبح بذلك النسخة الصينية من العربات الروسية "تايجر". يبلغ مدى صواريخ هذه المنصة 6كم. النوع الثاني هو العربة المقاومة للألغام الأرضية "B100J" من انتاج شركة "BAIC"، وتستطيع هذه العربة مقاومة انفجارات الألغام الأرضية والعبوات الناسفة، ونقل عشرة أفراد بسرعة قصوى تصل الى 120كم، ويبلغ وزنها نحو 11 طن. العربة الثالثة هي من انتاج شركة "Dong Feng" وتعدّ النسخة الصينية من العربة الأميركية "هامفي" تحت اسم "Gam-102"، وهي مزودة أيضاً بمنصة لإطلاق الصواريخ المضادة للدروع.

الطائرات الصينية دون طيار تتوسع

المقاتلة الصينية الشبح "جي 20"

شهد المعرض أيضاً الظهور الأول لسبعة أنواع من الطائرات دون طيار، وهي من ضمن الأنظمة التي تضع الصين أمكانيات كبيرة في مجال صناعتها وتطويرها نظراً للاعتمادية التي أثبتتها طائراتها في عدة دول من بينها مصر. النوع الأول الذي ظهر في هذا المعرض كان الطائرة الشبحية دون طيار "CH-7"، من انتاج شركة "CASA" التي تعد من أكبر الشركات الصينية المصنعة للطائرات دون طيار.

سيتمّ اختبار هذه الطائرة مطلع العام القادم على ان تدخل مرحلة الإنتاج الكمي بحلول عام 2022، أهم ما يميزها أن الحمولة الأقصى لإقلاعها تصل إلى 13 طن، وهو ما يجعلها فعلياً أقوى من طائرات عديدة في الترسانة الجوية الصينية من بينها المقاتلات المأهولة مثل "JF-17"، وبذلك يكون هذا النموذج نقله نوعية اذا ما قارناه بالنموذج السابق له وهو الطائرة "CH-5"، التي لا يتعد وزن إقلاعها الأقصى 3طن فقط. يصل مدى طائرة "CH-7" الى نحو 2000 كم بارتفاع يصل الى 13كم، وسرعات تصل الـ900 كم في الساعة، ممّا يجعل من الصعب اعتراضها من وسائط الدفاع الجوي نظراً لسرعتها العالية وعملها على ارتفاعات كبيرة.

الطائرة الثانية كانت المروحية دون طيار "SUH-50" من انتاج شركة "Hunan Sunward"، وهي طائرة خفيفة حمولتها تصل ال 35 كجم من المستشعرات والكاميرات، وتستطيع العمل بشكل متواصل بحد أقصى 6 ساعات، بسرعة 60 كم وسقف ارتفاع يصل الى 2 كم، وهي مخصصة لعمليات الرصد القريب واستطلاع الميدان.

الطائرة الثالثة هي الطائرة الهجومية الخفيفة "WJ-010" من انتاج شركة "Casic"وهي تنتمى لفئة الدرونات الانتحارية، ويمكن التحكم في دورها حسب الحمولة التي تحملها، ما بين عمليات الإعاقة والتشويش، وعمليات التصوير والاستطلاع، وعمليات الهجوم على الأهداف بشكل انتحاري تصبح فيه الطائرة أشبه بصاروخ موجه. يتمّ إطلاق هذه الطائرة بشكل يدوي وتبلغ سرعتها القصوى 80 كم، بسقف ارتفاع يصل الى 3كم.

الطائرة الرابعة مصنعة أيضاً من انتاج نفس الشركة وهي تمثل الدخول الصيني الأول لمجال الطائرات دون طيار ذات الإقلاع العمودي المتغير، وهي الطائرة "CH-10"، وهي مخصصة للعمل على متن القطع البحرية، لتنفيذ مهام الرصد والتنصت وتحديد الأهداف وتقييم الهجمات. أيضاً قدمت هذه الشركة نموذج جديد من سلسلة الطائرات الهجومية دون طيار "Wing Loong" تحت اسم "D"، وفيه تمّ تطوير انسيابية الطيران الخاصة ببدن الطائرة، وتحديث محركها ممّا يسمح بتحميل ذخائر قتالية أكبر على متنها، وبالعمل على ارتفاعات أكبر لمسافات أطول، حيث تبلغ سرعتها القصوى 280 كم، وسقف ارتفاعها يصل إلى قرابة ثمانية كيلومترات، وتستطيع العمل بشكل متواصل لمدة تصل الى 35 ساعة.

الطائرة السادسة في هذه المجموعة هي من انتاج شركة "ZHZ" وتسمى "TD-15" وهي مروحية دون طيار يصل سقف ارتفاعها الى نحو 7 كم بمدى يصل الى 1200كم وسرعة تصل الى 450 كم، وتنوّع المهام التي من الممكن ان تقوم بها ما بين البحث والدفاع المدني ودوريات الحدود وعمليات مكافحة الغواصات وعمليات استطلاع اراضي المعركة. مروحية دون طيار أخرى في نفس هذه الفئة تم الإعلان عنها خلال المعرض لكن من انتاج شركة "AVIC" تحت أسم "AV500W"، ويصل سقف ارتفاعها الى 4كم بسرعة تصل الى 170 كم، وحمولة قصوى تصل الى 450 كجم منها 120 كجم ذخائر وصواريخ، مع إمكانية التحليق المتواصل لمدة تتراوح من 4 إلى 8 ساعات.

على المستوى البحرية، كشفت شركة "CASIC" عن صاروخ بحري فوق صوتي جديد تحت اسم "CM-401"، ويتميز بسرعته العالية التي تصل إلى 6 ماخ، وقدرته الفائقة على المناورة حتى في سرعته القصوى، ويصل مداه الأقصى إلى 290 كم.

اخترنا لك