إعلام وساسة أميركيون: ترامب خان قيم أميركا وباع نفسه للسعوديين
موجة انتقادات سياسية وإعلامية أميركية تنهال على الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب بيانه أمس الثلاثاء الذي أكد فيه أنّ واشنطن تعتزم أن تظل شريكاً راسخاً للسعودية على الرغم مما توصلت إليه أجهزة الاستخبارات الأميركية من أنه من الوارد جداً أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان على علم بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
بيان ترامب الأخير حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي "خيانة" لقيم الولايات المتحدة الأميركية خدمة لرهان كان سيئاً على أمير يبلغ من العمر 33 عاما. بهذه العبارة افتتحت صحيفة "واشنطن بوست" مقالها تعليقاً على مضمون كلام ترامب الثلاثاء.
ترامب أكّد في تصريحه ما كانت تلمح إليه إدارته خلال الفترة الماضية من الوقوف إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى ولو كان الأخير من أمر بقتل خاشقجي.
في بيانه تجنب رئيس الولايات المتحدة، على حد تعبير "واشنطن بوست"، ما كشفته وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إي) حول تورط ولي العهد بمقتل خاشقجي.
ترامب ذهب إلى تبرير صلته بقائد "وحشي ومتهور" (أي بن سلمان) متجاهلاً ما توصلت إليه الـ"سي آي إي". هي ليست المرة الأولى التي يتجاهل فيها ترامب نتائج تحقيقات وكالة الاستخبارات المركزية، فقد سبق تجاهله لها في ما يتعلق بقضية تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية عام 2016، وفقاً لـ"واشنطن بوست".
صحيفة "نيويورك تايمز" لم تكن بعيدة عن أجواء ما نشرته "واشنطن بوست". ذهبت الصحيفة في تحليلها إلى أن ترمب لطالما رأى السياسة الخارجية كسلسلة من الصفقات التجارية "المجردة من القيم والمثالية".
هذا البيان يمكن أن يصبح شيئاً من مخطّط للقادة الأجانب، أو دليلاً يمكن اعتماده لزيادة مكانة هؤلاء لدى الرئيس الأميركي، بحسب ما ذكرت الصحيفة.
تقول الـ "نيويورك تايمز"إن ترامب لم ينفِ ما توصلت إليه وكالة الاستخبارات الأميركية وإنما رفض عملية البحث عن الحقيقة، وأن الرئيس الأميركي وقف إلى جانب ولي العهد السعودي، وسط ارتفاع منسوب المخاطرة بعزل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وفي مقال ثان لـ"نيويورك تايمز"، رأت أنّ ترامب رسّخ أقسى الرسوم الكاريكاتورية المُعدّة من قبل أكثر نقاد أميركا سخرية، مصوّراً أهدافه المركزية في العالم وكأنه يلهث وراء المال والمصالح الشخصية.
في بيانه قال ترامب إن "العالم مكان خطر للغاية"، وهو يجعل الوضع أكثر خطورة من خلال تشجيعه الطغاة في المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى، استطردت "نيويورك تايمز".
وقالت "بعبارات مبسطة لقد عكس بيان ترامب وجهة نظره بأن جميع العلاقات هي عبارة عن معاملات، وأنه يجب التضحية بالاعتبارات الأخلاقية من أجل المصالح الوطنية الأميركية، أو لما يسميه "أميركا أولا".
عن الأهداف الكامنة وراء بيان ترامب، أعربت "وول ستريت جورنال" عن عدم تأكدها من الغاية التي سعى ترامب إلى تحقيقها، والتي يمكن وصفها فقط بالنسخة الوحشية للسياسة الخارجية.
وذكرت أنّ ترامب، مثله كمثل أي رئيس، يحتاج إلى حلفاء محليين في السعي وراء سياسة خارجية تتطلب خيارات صعبة. إلاّ أن تصريحه، عزله عن داعميه الطبيعيين لسياسة الشرق الأوسط، على غرار السناتور ليندزي غراهام أو السناتور ميت رومني، اللذان فصلا نفسيهما عن بيان الرئيس الثلاثاء.
بعد الصحافة، موجة انتقادات سياسية
عضو الكونغرس الأميركي، إلهان عمر، انتقدت بيان ترامب حول مقتل خاشقجي، وما تضمنه من تأييد ودعم للمملكة العربية السعودية.
وقالت في تغريدة لها على موقع تويتر "مرة أخرى، يثبت رئيسنا أنه لا يمكنك شراء بوصلة أخلاقية"، مضيفة "المملكة العربية السعودية تثبت، من ناحية أخرى، أن بإمكانك شراء رئيس".
Once again, our President proves that you can’t buy a moral compass.
— Ilhan Omar (@IlhanMN) November 20, 2018
And Saudi Arabia proves that you can, on the other hand, buy a President. https://t.co/NC3X7umsGG
بدروه، أعرب جون أوين برينان، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، عن رفضه لمواقف الإدارة الأميركية بشأن قضية خاشقجي، قائلاً "على الكونغرس المطالبة بعقد جلسة مغلقة حول ما تعرفه الاستخبارات المركزية بشأن القضية".
Since Mr. Trump excels in dishonesty, it is now up to members of Congress to obtain & declassify the CIA findings on Jamal Khashoggi’s death. No one in Saudi Arabia—most especially the Crown Prince—should escape accountability for such a heinous act. https://t.co/exQrZKybhk
— John O. Brennan (@JohnBrennan) November 20, 2018
وأضاف برينان في تغريدة على تويتر "لقد تجاوز ترامب حدود التزييف"، وانه يجب ألا يفلت أحد في المملكة، ولا سيما ولي العهد، من المحاسبة.
وفي سياق متصل، أخطر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بوب كوكر ونائبه بوب منينديز، الرئيس ترامب تحديد من المسؤول عن مقتل خاشقجي، وطالباه الامتثال للرد قانونيا خلال 120 يوماً كي لا يأخذ قانون ماغنتسكي سريان مفعوله بشكل تلقائي، وحثّا ترامب على تحديد ما إذا كان ولي العهد بن سلمان هو المسؤول عن اغتيال خاشقجي.
يشار إلى أنّ قانون ماغنيتسكي الدولي للمساءلة حول حقوق الإنسان كان مشروع قرار للحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن، وقّع عليه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2012.
ويمكّن القانون الإدارة الأميركية من فرض عقوبات على أشخاص بتهم تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان.
كما يمنح القانون رئيس الولايات المتحدة صلاحية فرض عقوبات ورفض تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، وتجميد أموال أي مسؤول أجنبي متورط في انتهاك حقوق الإنسان.
عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز قال إنّ "الرئيس ترامب حاول في بيان غير مترابط ومخادع الدفاع عن النظام السعودي المستبد".
وتابع أنّ ترامب حمّل إيران مسؤولية الحرب الكارثية في اليمن على الرغم من حقيقة أن التحالف السعودي هو من تسبب بالدمار.