مستخدمة الهواتف الذكية.. الإمارات تتجسس ببرمجيات إسرائيلية وتسعى لبناء شبكة ضخمة

صحيفة "نيويورك تايمز" تفيد أنه وفقاً لدعوتين قضائيتين ضد شركة السايبر "إن إس أو" (NSO) الإسرائيلية، طلب مسؤولون إماراتيون التجسس على هاتف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالإضافة إلى تسجيل مكالمات الأمير السعودي متعب بن عبد الله ورئيس تحرير إحدى صحف الرياض.

تعتبر (إسرائيل) التجسس بالنسبة لها سلاحاً يمكن أن تبيعه الشركات الإسرائيلية بمجرد حصول موافقة الجيش الإسرائيلي

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه وفقاً لدعوتين قضائيتين ضد شركة السايبر "إن إس او" (NSO) الإسرائيلية، طلب مسؤولون إماراتيون التجسس على هاتف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالإضافة إلى تسجيل مكالمات الأمير السعودي متعب بن عبد الله، ورئيس تحرير إحدى صحف الرياض.

ووفقاً لرسائل إلكترونية مسرّبة تمّ تقديمها للمحكمة، يستخدم قادة الإمارات برمجيات شركة "إن إس أو" منذ أكثر من عام حيث حوّلوا الهواتف الذكية لمعارضين في الداخل أو خصوم في الخارج إلى أجهزة تجسس.

وكشفت الصحيفة أنه عندما عُرض على كبار المسؤولين الإماراتيين تحديث باهظ لتكنولوجيا التجسس، أرادوا التأكد من أنها تعمل.

وسأل الإماراتيون، وفق الرسائل المسربة: هل يمكن للشركة تسجيل هواتف أمير قطر، ماذا عن هاتف الأمير السعودي القوي أو ماذا عن تسجيل هاتف رئيس تحرير صحيفة عربية في لندن؟.

وبحسب الصحيفة، رفعت دعاوى في (إسرائيل) وقبرص من قبل مواطن قطري وصحفيين ونشطاء مكسيكيين استهدفهم كلهم برنامج التجسس التابع للشركة.

وتقع إجراءات الشركة الإسرائيلية، الآن في قلب الدعوى المزدوجة، التي تتهمها بالمشاركة النشطة بالتجسس غير القانوني، كجزء من جهد عالمي لمواجهة سباق التسلح المتزايد في عالم برامج التجسس.

الشركة الإسرائيلية غير مسؤولة عن الاستخدام غير الشرعي لبرمجياتها وتعد "NSO" واحدة من أشهر منشئي برامج المراقبة التي تغزو الهواتف الذكية. وتؤكد الشركة في وثيقة مسربة، أنها ليست مسؤولة عن أي استخدام غير شرعي لبرامجها.

وتعمل التقنية عن طريق إرسال رسائل نصية إلى الهاتف المستهدف، ليتحول لأداة مراقبة. ويتم ذلك عبر برنامج اسمه "بيغاسوس"، وهو إسرائيلي متطور جداً، تستخدمه الإمارات للتجسس على شخصيات معارضة ويتيح لها تسجيل اتصالاتها والتجسس على رسائلها ومحادثاتها عبر "فايبر" و"واتساب"، وقراءة بريدها الإلكتروني، ليس هذا فقط، بل يتضمن البرنامج خاصية "التحكم عن بعد"، أي تشغيل الكاميرا وبرنامج "مايكروسوفت"، وغيرهما.

وفي الإمارات تقترح الشركة لغة عربية مخصصة للمنطقة الخليجية، وتكون الرسائل عبارة عن نصوص تهنئة أو دعوات من قبيل "رمضان مبارك" أو "خصومات لا تصدق" أو "كيف تحافظ على إطارات سيارتك من الانفجار".

الإمارات ترفض الرد على طلب صحيفة "نيويورك تايمز". كما رفضت السفارة الإماراتية في واشنطن الرد على طلب الصحيفة للتعليق على هذه التحقيقات والدعوى القضائية المرفوعة ضدها. في المقابل رفضت الشركة الإسرائيلية أيضاً التعليق على الموضوع.

وكانت الصحيفة قد أشارت قبل عام إلى أن برامج التجسس التي تنتجها الشركة الإسرائيلية يتم استخدامها من قبل بعض الحكومات.

 

الحكومة المكسيكية تستخدم تكنولوجيا NSO.

وفي المكسيك، باعت مجموعة "NSO" تكنولوجيا المراقبة إلى الحكومة المكسيكية على شرط واضح أن تستخدم فقط ضد المجرمين والإرهابيين، إلا أن بعض أبرز محامي حقوق الإنسان في البلاد والصحفيين ونشطاء مكافحة الفساد قد استُهدفوا بها. وفتحت المكسيك تحقيقاً فيدرالياً وبعد مرور عام لم يتم تحقيق سوى القليل من التقدم.

كما اشترت حكومة بنما برامج التجسس، واستخدمها الرئيس في ذلك الوقت للتجسس على منافسيه السياسيين والنقاد، وفقاً لوثائق المحكمة في قضية هناك.

التجسس سلعة تباع

وتُلقي الدعاوي المرفوعة على الشركة الضوء على التحالف المتنامي خلف الكواليس بين دولة الإمارات و(إسرائيل) بحسب الصحيفة على الرغم من أن الإمارات لا تعترف بـ(إسرائيل) رسمياً.

وتعتبر (إسرائيل) التجسس بالنسبة لها سلاحاً يمكن أن تبيعه الشركات الإسرائيلية بمجرد حصول موافقة الجيش الإسرائيلي، وهو ما حصل مع الإمارات.

وبحسب الرسائل المسربة، فإن الإمارات وقعت عقداً مع (إسرائيل)، في آب / أغسطس من العام 2013، ووصلت رسوم الترخيص الكلية إلى نحو 18 مليون دولار على الأقل في تلك الفترة. وقبل عام حصلت أبو ظبي على تحديث للبرنامج تمّ الحصول عليه من قبل شركة تابعة مقرها قبرص، وبلغت قيمة التحديث نحو 11 مليون دولار.

وبسبب الخلاف القطري الإماراتي حول الأوضاع التي جرت في مصر عام 2013، تصاعدت أزمة مكتومة بين البلدين.

 

تجسس على أمير سعودي ورئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري

ليست قطر وحدها التي كانت مستهدفة من عملية التجسس الإماراتية الواسعة، وإنما أظهرت رسائل البريد الإلكتروني أن الإمارات طلبت من الشركة اعتراض مكالمات هاتفية للأمير متعب بن عبد الله، الذي كان يعتبر منافساً قوياً على العرش السعودي وكان وزيراً للحرس الوطني.

ودعم الإماراتيون الأمير محمد بن سلمان، الذي كان منافساً لمتعب. وفي العام الماضي أطاح بن سلمان بابن عمه وأيضاً بولي العهد الأمير محمد بن نايف.

وأعرب الأمير متعب في اتصال هاتفي عن دهشته من تنصّت الإمارات على هاتفه وقال "إنهم لا يحتاجون إلى اختراق هاتفي، سأقول لهم ما أفعله".

وبحسب الرسائل المسربة، فإن الإماراتيين طلبوا أيضاً اعتراض مكالمات رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري آنذاك، الذي لاحقته السعودية باحتجازه أسبوعين، وأجبرته على تقديم الاستقالة التي ألغاها لاحقاً بعد عودته إلى لبنان.

 

سفارة إيران في أبو ظبي

وفي نهاية تموز/ يوليو الماضي، نشرت صحيفة فرنسية خبراً يتعلق بتجسس الإمارات على السفارة الإيرانية بالعاصمة أبو ظبي، من خلال زرع كاميرات مراقبة لرصد مداخل ومخارج السفارة.

وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تحقيق استقصائي أن الإمارات من أكثر النقاط نشاطاً في العالم فيما يتعلق بعمليات التجسس، لأنها تمثّل محور النقل العالمي، ومركزاً يحتضن المؤتمرات الراقية، ووجهة سياحية جذابة.

وقالت الصحيفة في تقريرها إن "الممرات الأربعة بشارع "الكرامة" الموجودة فيه السفارة الإيرانية، والفاصلة بين المبنيين، والغطاء النباتي الذي يخفي سفارة إيران، لا يشكل عائقاً أمام عملية تحديد هوية الأشخاص والسيارات التي تخرج من مقر السفارة".

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي في أبو ظبي قوله إن "الهاجس الجيوسياسي الذي يشغل بال ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، هو إيران وقطر، لهذا السبب تمّ تركيز نظام أمني متكامل، من بين أهدافه الرئيسية التجسس".

كما نقلت الصحيفة عن ضابط تابع للقاعدة العسكرية الفرنسية في أبو ظبي حول قضية التجسس قوله إن "السفارات الغربية بالإمارات أصبحت على يقين أن لا شيء يمر دون أن تلاحظه السلطات الإماراتية".

 

الإمارات تسعى لبناء شبكة تجسس ضخمة

أما مجلة "فورين بوليسي" الأميركية فقد نشرت تقريراً العام الماضي كشفت من خلاله عن سعي الإمارات لبناء شبكة تجسس ضخمة بالخليج، وذلك عبر التعاقد مع موظفين سابقين بأجهزة استخبارات أجنبية، وإغرائهم بالمال للقدوم إلى أبو ظبي، وجعل خبراتهم تحت تصرفها.

كما كشف تقرير موقع "ميدل إيست" البريطاني في وقت سابق عن قيام الحكومة الإماراتية بالتجسس على المواقع الإلكترونية والهواتف الذكية لجميع المقيمين.

الخارجية القطرية: التقارير عن استعانة الإمارات بشركات إسرائيلية للتجسس تعكس عمق المشكلة

وفي السياق، أكّد مصدر في وزارة الخارجية القطرية أن التقارير التي نشرت عن استعانة دولة الإمارات بشركات إسرائيلية للتجسس على أمير قطر وغيرهم تعكس عمق المشكلة التي يعانيها القائمون على سياسة أبو ظبي الخارجية، وتطرح أسئلة عديدة حول جذور الأزمة الخليجية.

اخترنا لك