بين النبل والمتاجرة
في مشهد انتقال حافلات كفريا والفوعة صورتان متناقضتان إلى حد اختصار الأزمة السورية برمتها الأولى سمتها الغدر والثانية سمتها الوفاء وتبقى الصورتان برسمِ التاريخ.
الوفاء بالوعد من صفات الأحرار الالتزام بالكلمة من صفات الأحرار قيم الوفاء والالتزامِ والشرف تظهر عادة في الأشخاص في محطات مفصلية ولعلّ أبهى صورِها تتبدّى في الحروب، مشاهد حافلات كفريا والفوعة تنطق بالصوت والصورة عن نبل هنا ومتاجرة هناك.
لندقق معاً في طرفي الاتفاق حافلات المسلحين لا خدش عليها ولا أصوات نشازٍ تخرج منها "ضربة كف" لم تسجل ولم تخرج كلمة عن سياق الاتفاق وهذا ليس بغريب على سلوك الدولة السورية وحلفائها في كل المحطات السابقة من حمص إلى حلب والغوطة واليرموك وغيرها.
أسلوب نبيل قابله المسلحون كالعادة بالنقيض هذه هي حافلات أهالي كفريا والفوعة هذا ما جنته أيدي المسلحين على باصات الأهالي هادفين ربما لأن يتركوا بصمةً من حقارتهم، حقارة في الفعل والقول .
أسلوب الخائف والخاسر هذا ترجمه المسلحون من قبل في مجزرة حي الراشدين غرب حلب ارتكبها الإرهابيون عبر سيارة مفخّخة استهدفت منطقة تجمّعِ الحافلات التي كانت تنقل أهالي كفريا والفوعة العام الماضي.
إرهاب قولاً وفعلاً وغدراً هذا هو التوقيع الذي لا يخطىء للثوّار الزورِ والمزوّرين، توقيع مستفز إلى درجة استحضارِ نقيضه.
إلى حضن الوطن... إنها الأزمة السورية التي تلزم التاريخ أن يدوَّن بحبرين: حبر أسود لثقافة الإرهاب والغدر وحبر من ذهب كما تؤرّخ هذه المشاهد لترحيل حافلات المسلحين من جرود عرسال اللبنانية.. وهنا ثقافة ُالمقاومة والالتزامِ والقتل الشريف.