عون يكلّف الحريري تأليف الحكومة الجديدة ومطالب القوى السياسية قد تؤخر الولادة
كلّف الرئيس اللبناني العماد ميشال عون رئيس حكومة تصريف الاعمال النائب سعد الحريري تاليف الحكومة العتيدة بعد أن منحه 111 نائباً ثقتهم خلال الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها عون في القصر الجمهوري
حصل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على تفويض عريض من غالبية الكتل البرلمانية لتأليف الحكومة الثانية في عهد الرئيس ميشال عون وستكون حكومته الثالثة بعد حكومة أولى في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وحكومة تصريف الاعمال الحالية .
وبعد تكليفه رسمياً برئاسة الحكومة، قال رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إن "لدى البلاد تحديات إقليمية كبيرة ولن يحيميها إلا وحدة اللبنانيين"، مشيراً إلى ضرورة أن "تلتزم حكومة الوفاق الوطني بسياسة النأي بالنفس".
وأضاف الحريري أنه سيقوم بمشاورات وعلى أساسها سيضع الجميع في شكل الحكومة، مؤكداً أنه "منفتح على الجميع".
وأوضح أنه "وبدءاً من هذه اللحظة سأنكب على مهمة التشكيل، مطمئناً إلى وجود "جدية من الجميع للاسراع في عملية التأليف".
رئيس الحكومة المكلّف قال أيضاً "أمدّ يدي إلى الجميع للعمل سوياً على تحقيق ما يتطلع إليه اللبنانيون"، موضحاً انه لم يسمع بـ"فيتو" على اي مكون لبناني الا في الاعلام.
وشدد على أهمية تشكيل الحكومة "بشكلٍ سريع بما يخدم مصلحة المواطن"، لافتاً إلى ضرورة "مكافحة الفساد والقيام باصلاحات وحل أزمة النازحين السوريين".
وفي حين أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن حكومة الحريري العتيدة ستكون حكومة وحدة وطنية، اعتبر أن تأليف الحكومة سريعاً أمر ملحّ بسبب الوضع الاقتصادي.
بري أوضح أن "المشاورات النيابية مع الرئيس المكلف تبدأ الاثنين"، وأضاف "نأمل ان تنتهي في اليوم نفسه والحكومة موسعة".
وكانت تسمية الحريري قد حسمت قبل ساعات عدة على إنهاء الاستشارات مع حصوله على الغالبية المطلقة من أصوات أعضاء البرلمان، علماً أن غالبية الكتل كانت أعلنت قبل إنطلاق الاستشارات موقفها الايجابي من إعادة تكليف رئيس تيار المستقبل فيما إمتنعت كتلة "الوفاء للمقاومة " عن تسمية أي شخصية لتاليف الحكومة مع تأكيد رئيسها النائب محمد رعد على التعاون مع الرئيس المكلف الذي يحظى بالاكثرية في إشارة إلى الحريري، وبدورها كانت كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي قد أودعت لدى الرئيس عون إسم مرشحها لتأليف الحكومة وتبين لاحقاً انه الحريري.
وخلال الاستشارات أطلق عدد من السياسيين مواقف لافتة أبرزها لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي خاض الانتخابات النيابية في مواجهة الحريري ولكنه أعلن تسمية الاخير وقال "على ضوء المقتضيات الوطنية والمرحلة التي يمر بها لبنان في الداخل والتحديات الاقليمية وعلى ضوء ما سمعناه في مرحلة الانتخابات ابلغت الرئيس ميشال عون تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة".
بدوره أعلن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل باسم تكتل "لبنان القوي" تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة. وقال: "موقفنا طبيعي ينسجم مع نتيجة الانتخابات التي اعطت تيار المستقبل الصفة التمثيلية الاوسع والاكبر ضمن المكون الذي يمثله".
من جهته أمل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن تأتي الحكومة العتيدة "جديدة" بكل ما للكلمة من معنى وعلى هذا الأساس أتت تسميّة التكتل للرئيس الحريري باعتبار أن البلاد بحاجة لعمليّة إنقاذيّة كبيرة فالإستمرار بالأمور على ما هي عليه سيؤدي بنا إلى استمرار الوضع الراهن وسنكمل في مسعانا هذا لتأليف حكومة جديدة عندما سيلتقي التكتل بالرئيس الحريري في إطار استشارات التأليف.
وتطرّق جعجع إلى مسألة "الصفة التمثيليّة" وقال " علينا أن ننظر إلى الكتل بمعناها الفعلي (...) فالجميع يعلم إلى ما أدت إليه الإنتخابات النيابيّة وأقصى تمنياتنا اتخاذ نتائج الإنتخابات وبالتالي الإرادة الشعبيّة على محمل الجد كما يجب وسنتمسك بهذا المطلب".
أما المفاجىء فكان موقف حزب الكتائب بتسمية الحريري على الرغم من التسريبات عن معارضته للحكومة الحالية.
ولم يسمِ النائب أسامة سعد الرئيس الحريري وكذلك فعل النائب جميل السيد والنائب بولا يعقوبيان، فيما ترك النائب عبد الرحيم مراد التسمية في عهدة الرئيس عون.
التحديات أمام تاليف الحكومة العتيدة
تجمع القوى السياسية على ضرورة طيّ صفحة الانتخابات وتداعيات الخطابات التي سبقتها والتخلي عن مرحلة التشنج التي اكتنفت المرحلة السابقة ، ومن هنا كثرت الدعوات للإسراع في عملية التاليف وتذليل الصعاب من أمام الرئيس المكلف ، ولكن تبدي بعض الكتل البرلمانية تصلّباً في مطالبها لجهة عدد الوزارات التي ستحصل عليها، وخصوصاً تلك الخدماتية بعد أن حسم أمر الحقائب السيادية الاربع ( وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والمال).
إلى ذلك، لن تظهر عقبات أمام إعادة إعتماد المعادلة الثلاثية أي معادلة الجيش والشعب والمقاومة في البيان الوزاري للحكومة المقبلة مع إتجاه لإعادة إعتماد الصيغة السابقة في بيان حكومة تصريف الاعمال بما يضمن حق لبنان في المقاومة وإستعادة أراضيه المحتلة بالوسائل كافة.
واذا ما سارت الامور وفق تلك المعطيات فإن عملية التأليف لن تكون معقدة وستكون قصيرة ما لم تبرز مطالب مستعصية التنفيذ أو يكون للعقوبات الأميركية - الخليجية الأخيرة بحق حزب الله ترجمة على خط التأليف بما قد يفرمل الاندفاعة نحو المرحلة الجديدة ، هذا إضافة إلى المقاربة الجديدة لملف النازحين السوريين وفق ما أعلنه مراراً وتكراراً الرئيس عون والوزير باسيل وقوى أخرى عن ضرورة العودة الآمنة لهؤلاء الى ديارهم علماً ان الامر سيحتاج إلى التنسيق مع الحكومة السورية من دون التقليل من التنسيق الذي سبق وامنّه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ، وبناء على تلك المقاربة فستكون الحكومة أمام قواعد جديدة للتعامل مع هذا الملف الشائك، خصوصاً ان معظم القوى أبدت حرصها على ضرورة إعادة النازحين إلى المناطق الآمنة في سوريا.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون وعشية الاستشارات قد دعا خلال إفطار في القصر الجمهوري إلى الإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية بعد تكوين السلطة التشريعية.
وكان المجلس النيابي اللبناني الجديد انتخب النائب نبيه بري رئيساً له لولاية جديدة، كما انتخب النائب إيلي فرزلي نائبا لرئيس مجلس النواب بحصوله على 80 صوتاً، إضافة الى أعضاء هيئة مكتب المجلس.
ونال بري 98 صوتاً من أصل 128 نائبا ليتبوأ منصب رئيس مجلس النواب للمرة السادسة، حيث شغل هذا المنصب منذ العام 1992، أي منذ أول انتخابات تشريعية عرفها لبنان بعد توقيع اتفاق الطائف وانتهاء الحرب.