لبنان دخل مرحلة الكباش لتأليف حكومة العهد الأولى
فرغت الأحزاب والقوى السياسية من قراءة نتائج الإنتخابات البرلمانية وتتحضّر لمرحلة دقيقة وشائكة في آن، وتتمثّل في تأليف الحكومة العتيدة والتي يُفضّل الرئيس العماد ميشال عون تسميتها بحكومة العهد الأولى بعد أن كانت الحكومة الحالية حكومة إنجاز قانون الانتخاب ومن ثم إجراء الانتخابات.
تتّجه أنظار اللبنانيين إلى ما بعد 21 أيار/ مايو الجاري حيث سيُعاد انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية سادسة على رأس البرلمان الجديد الذي أفرزته انتخابات 6 أيار/ مايو، وكذلك تسمية رئيس مُكلَّف لتأليف حكومة العهد الأولى. ومن شبه المؤكّد أن يُعاد تكليف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بهذه المهمة على الرغم من تراجُع حجم كتلته البرلمانية، وذلك عملاً باستمرار مفاعيل التسوية الرئاسية التي كان المستقبل أحد أطرافها الأساسيين، والتي أفضت إلى انتخاب العماد عون رئيساً للبلاد في31 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2016.
فالمحطة الأولى أي إعادة انتخاب بري لرئاسة البرلمان لن تحمل أية مفاجآت على اعتباره المُرشّح الوحيد لهذا المنصب، وعدم رغبة أي من القوى السياسية الدخول في كِباش غير مُبرَّر طالما أن بري هو مُرشَّح معظم الكتل البرلمانية لرئاسة السلطة التشريعية، ولديه من الأصوات ما يكفي ويزيد لإعادة انتخابه. والأمر ينسحب على نائب رئيس البرلمان الذي سيكون حتماً من كتلة لبنان القوي برئاسة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ( أبرز المُرشَّحين لهذا المنصب النائب المُنتخَب إيلي الفرزلي وزميله في كتلة لبنان القوي إلياس بو صعب).
أما الإستحقاق الأبرز فهو تسمية رئيس مُكلَّف لتأليف الحكومة، حيث بات واضحاً أن الحريري سيُعاد تكليفه بعد أن أعلنت الكتل الوازنة في البرلمان عن رغبتها بإعادة تسميته للمرة الثانية لهذه المهمة.
إلا أن مهمة الحريري لن تكون سهلة على ما يبدو، لأن مفاوضات تأليف الحكومة ستعتمد وبشكلٍ أساسي على الأحجام النيابية للأحزاب والقوى السياسية، وبالتالي لن يكون تأليف الحكومة وفق النمَط الذي أعتُمِد عام 2016 لجهة توزيع الحقائب أو السرعة التي تمّت فيها عملية التأليف ( أقل من شهر وأسبوعين استهلك الحريري للإعلان عن تشكيلته الحكومة مقارنة بنحو 11شهراً للرئيس تمام سلام).
سيواجه الحريري بحسب الصحافي إبراهيم بيرم معضلة توزيع الحقائب الوزارية الأساسية، ومنها ما يوصَف في لبنان "بالحقائب السيادية" أي وزارت الخارجية والداخلية والمال والدفاع. وكذلك الوزارات الخدماتية ومنها وزارت الأشغال والشؤون الاجتماعية والاتصالات والطاقة. فالقوى السياسية التي حصلت على كتل برلمانية وازِنة لن تقبل بحقائب وزارية عادية. وكذلك سيواجه الرئيس المُكلَّف مطالب من قوى وشخصيات سياسية غيَّبها القانون الأكثري عن البرلمان ، ومنها على وجه الخصوص شخصيات من ضمن فريق 8 أذار في الشمال والبقاع وبيروت والجنوب.
ويُضيف بيرم "صار جلياً أن لوائح حزب الله وحركة أمل وحلفائهما في الجنوب والبقاع وبعبدا وبيروت الثانية، حصلت على 31 مقعداً، يُضاف إليها ثلاثة مقاعد نالها الحزب السوري القومي الاجتماعي. وفاز رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد، والنائب السابق جهاد الصمد، والنائب طلال إرسلان، والأمين العام للتنظيم الناصري أسامة سعد، إلى الوزير السابق ووريث الزعامة الكرامية في طرابلس فيصل كرامي. وفاز أيضاً من "تيار المرَدة" ثلاثة نواب. كما فاز النائب السابق إيلي الفرزلي الذي وإن كان مُحتّماً أن ينضم رسمياً إلى تكتل "لبنان القوي " الإسم المحدث لتكتل "التيار الوطني الحر"، إلا أنه محسوب ضمناً من عظام رقبة فريق 8 أذار الأصلي.
هذه النتائج ستصرف حتماً خلال تأليف الحكومة، وبالتالي يجب أن يتعامل معها الحريري في حال تكليفه كواقع لا يمكن القفز فوقه.
إذاً سيواجه الرئيس المُكلَّف تأليف الحكومة هذه الصعاب، ولكن هناك من يجزم بأن الانطلاقة المُتجدّدة للعهد لن تعرقلها مطالب الكتل البرلمانية لأن الأساس هو نجاح العهد واستمرار التسوية الرئاسية.