شباب الانتخابات .. رأيٌ جديد أم سير على خطى "الأب"؟

اثنتا عشرة ساعة طال انتظارها. تسع سنوات مرت. تمديد للبرلمان تلاه تمديد فتمديد. بين 2009 و2018 نضج شبان وبات لهم الحق في الاقتراع. هؤلاء تتفاوت توجهاتهم وآراؤهم، بعضهم يحذو حذو "أبيه" وآخر يتخذ موقفاً آخرا. تبايناتهم تعبّر عن فروقات مزاج القواعد الشعبية في لبنان بين جيل وآخر.

يلزم الناخب بوضع اصبعه في عقّار يلونه بالبنفسجي (أ ف ب)

لا زحمة في ضواحي بيروت. شوارعها الفرعية يعمها السكون. على غير عادة، السير سلس في أزقة اعتادت على الزحمة. لكن المشهد يختلف في الشوارع الرئيسية للعاصمة اللبنانية، خطوط طويلة من السيارات اصطفت باتجاه مراكز الاقتراع.

جموع حول مراكز الاقتراع، مندوبو أحزاب وتيارات، منها المحسوب على ما اصطلح عليها في لبنان بـ "أحزاب السلطة" وأخرى بـ "المجتمع المدني". تسع سنوات مرت لم يعهد خلالها اللبنانيون هذا المشهد.

في الطريق، يميّز اللون البنفسجي بين المقترع وغيره. فبعد وضع الورقة في الصندوق يلزم الناخب وضع أصبعه في عقار فيه حبر بنفسجي. هذه شهادة اقتراع لا ريب فيها أمام كل سائل "هل اقترعت؟".

اللون البنفسجي اجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما من قبل الشبان الذين يمارسون حقهم الديمقراطي للمرة الأولى. منهم من يسير على خطى "أبيه"، وآخرون حذو حذواً آخراً. يظهر في هذا السياق الفارق في العقل السياسي بين جيل وآخر، وبين كل جيل بعينه. تقول إحدى مندوبات إحدى اللوائح المستقلة "إنهم ليسوا خارج السياق، لأن وجود الرأي الآخر ضروري". ينقطع الجواب لبرهة مع دخول مقترع، ثم تعود لتضيف "نحن في معركة انتخابية ولسنا ضد أحد، نريد اثبات أن هناك رأي آخر. نحن نريد أن نصحح الأخطاء".

شاب عشريني انتخب للمرة الأولى

على درج مركز اقتراع مخصص لدائرة جبل لبنان الثالثة، تصعد شابة في مطلع عشرينياتها لتدلي بصوتها. توضح أنها تقترع للمرة الأولى نيابياً، لكنها انتخبت سابقاً نقابيا. تشير إلى أنها تجربة جديدة ينغّصها الجمود الحزبي في المرشحين، تقول هذا وهي تبدو يائسة من إمكانية المحاسبة في لبنان.

في مركز اقتراع آخر، خاص بدائرة بيروت الثانية، حيث ترشح فؤاد مخزومي على رأس لائحة انتخابية، لم يكن مندوبوه الميدانيون على ثقة بإمكانية فوزه بمقعد، ووصفوا ذلك بـ "الصعب". لكنهم أكدوا أنه في حال الفوز – وهو ما حصل فعلاً – فإنهم سيجربون شخصاً جديداً لم يعهدوه من قبل في البرلمان. وفي مركز آخر تابع للدائرة عينها، حيث قدم عدد كبير من الناخبين من مناطق مختلفة لا سيما الجنوب، تسير امرأة عجوز، يساعدها ابنها وزوجها، وعكازها يتقدمها. لا تثنيها كهولتها عن التصريح بأن كل ما تفعله هو لتأكيد "خيار المقاومة". للمفارقة الكلام عينه تعيده فتاة عشرينية، وهي طالبة جامعية، مفتخرة بقرارها بانتخاب "نهج المقاومة". في جوار المركز، مندوب جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، يرى أنه يختار مرشحها عدنان طرابلسي "الذي سيخدم بيروت".

بعيداً عن زحمة الانتخابات، يجلس شاب في أحد المقاهي، يجهز لمشروع تخرجه الجامعي، وقد انتخب للتو. يرتاح الشاب للقانون النسبي، من بوابة كسره لجناحي 8- 14 آذار. يؤكد الشاب أنه لن يصوت لممثليه إذا ما تورطوا في الفساد.

غيره من الشبان الذين سألناهم عن الفساد، كانوا يتهربون، وكان ينزهون مرشحيهم عن التورط في الفساد.

 

الماكينات الانتخابية يديرها الشباب، فكيف تعمل؟

رئيس قلم في أحد مراكز الاقتراع (أ ف ب)

ينقسم الشبان في يوم الانتخاب بين مقترع وآخر مقاطع، وآخر مشارك في الماكينة الانتخابية التي تنشط على الأرض، فكيف تعمل الماكينة الانتخابية؟

بحسب مسؤول في ماكينة حزبية مركزية، في كل قلم اقتراع مندوبين، الأول يزودهم بالنتائج عبر تطبيق الكتروني، وآخر ينبؤهم بها يدوياً كل ساعة، مع إمكانية حصول خطأ بنسبة 5%. وبناءً على النتائج، يجري التواصل مع المعنيين لتفعيل حركة الاقتراع. وعند الفرز، ترسل الماكينة مندوبين يقومون وعبر الطريقة عينها تتم معرفة النتائج. فكيف تحسب النتائج؟

توضح رئيسة قلم اقتراع أن مهمتها ضافة إلى الكاتب/ة إحصاء الأصوات وإعلان عدد المقترعين نسبة إلى لوائح الشطب، قبل الإعلان عن عدد الأصوات التي فازت بها كل لائحة وعدد الأصوات التفضيلية في كل لائحة، أما حسم الأمور لجهة الحواصل وأسماء الفائزين، فلجنة القيد في وزارة الداخلية هي المسوؤلة عن ذلك. 

اخترنا لك