جدل في سلاح الجو الإسرائيلي: "أف 35" لن تغيّر قواعد اللعبة!
تشهد دوائر القرار في سلاح الجو الإسرائيلي نقاشاً جدياً حول مسألة حسّاسة تتعلّق بالطائرة الأنسب في التعامُل مع البيئة الاستراتيجية.
اشتدّ هذا النقاش مع حديث الحرب الذي سبق الضربات الصاروخية الأميركية الأخيرة في سوريا، ومع دخول المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية مرحلة جديدة بعد أن تجرّأت تل أبيب على استهداف مباشر لعناصر الحرس الثوري في مطار التيفور. تصاعد احتمالات الانزلاق إلى معارك واسعة وتوتّر المشهد إقليمياً دفع بضباط كبار في سلاح الجو إلى استعجال سدّ الحاجات العملانية الناجمة عما يرونه نقصاً في عدد الطائرات المُقاتلة.
وبعد أن كانت طائرة "أف 35" محور حديث الفخر الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وبعد وصول أولى طلائع هذه الطائرات إلى إسرائيل تبيّن أن التدرب عليها وصيانتها كما سعرها وطول مدة دمجها في الخدمة العملية، كلها عوامل تجعل من الانتظار خياراً سلبياً. وكبديل عن "أف 35" يدعو هؤلاء الضباط إلى تعزيز سلاح الجو بنسخ مُحدثة من طائرات "أف 15"، مع تأجيل طلب السرب الثالث من الـ"أف 35" حتى إشعار آخر.
وبحسب التقارير، فإن رئيس دائرة الطائرات في سلاح الجو قد حذّر منذ فترة أنه على قيادة الجيش اتّخاذ قرار حول شراء المزيد من طائرات "أف 35"، مع حرصه على الإشارة إلى أن طياري سلاح الجو "سعداء بأداء الطائرات الجديدة". الرضا الإسرائيلي عن أداء المقاتلة الأميركية النوعية دفع النقاش نحو إيجاد مخرج بالتعاون مع البنتاغون من خلال اقتراح دراسة خفض كلفة الطائرة الحديثة. غير أنّ هذا الاقتراح يصطدم بحقائق فنية؛ ففي حين تمتلك "أف 35" قدرات عالية على التخفّي، فإن "أف 15" لا تزال أكثر مرونة لناحية نوع ووزن حمولة القنابل القادرة على استيعابها.
في المقابل، يدافع أنصار "أف 35" بأن هذه المقاتلة "ثورة" حقيقية في عالم سلاح الجو، خصوصاً لقدرتها على دمج معلومات المُجسّات والمُستشعرات العاملة براً وبحراً وجواً بهدف المشاركة العملياتية الفورية عند الحاجة.
كذلك، يطرح المدافعون عن "أف 35" حقيقة أن الجيش الإسرائيلي يمتلك وسائل عديدة لناحية استخدام الكثافة النارية ضدّ الأهداف البعيدة، وبالتالي فإن "أف 15" ليست الحل الوحيد لهذه المسألة. ويبدو واضحاً أنه بغضّ النظر عن النقاش التقني، فإن كلفة طائرة "أف 35" وشكوى الجيش الدائمة من عدم كفاية الميزانية المرصودة له على ضوء تصاعد التهديدات، تطرح إشكالية حقيقية أمام قادة سلاح الجو.
وبانتظار تبلور القرار النهائي، فإن حيازة أيّ نوع من الطائرات، سواء "أف 35" أم "أف 15"، سيندرج ضمن الصفقة الكبرى التي تعهّدت فيها الولايات المتحدة بتسليم إسرائيل أسلحة بقيمة 38 مليار دولار خلال عقد من الزمن، بزيادة 7 مليارات دولار عن المعونة السابقة التي غطت العقد الأخير.