أفغانستان: معارك بنجشير مستمرة.. و"طالبان" ترجئ إعلان الحكومة
حركة "طالبان" ترجئ مجدداً إعلان حكومتها الجديدة، في وقت يواجه فيه النظام الجديد مقاومة مسلحة في وادي بنجشير.
أرجأت حركة "طالبان" مجدداً، اليوم السبت، إعلان حكومتها التي قد تعطي تشكيلتها فكرة عن السنوات المقبلة في أفغانستان، حيث لا يزال النظام الجديد يواجه مقاومة مسلحة في وادي بنجشير.
وقد يفسّر الوضع في بنجشير، أحد المعاقل الأخيرة للمعارضة المسلحة ضد النظام الجديد، التأخير في إعلان الحكومة الجديدة الّتي كان من المتوقّع الإعلان عنها يوم أمس الجمعة.
وكانت مصادر للميادين قد أفادت، في وقت سابق من اليوم، باستمرار المعارك على 3 جبهات في ولاية بنجشير شمال أفغانستان، موضحةً أنّ إطلاق الرصاص الذي سُمع في كابول لم يكن احتفالاً بدخول "طالبان" إلى الولاية، بل بسبب دخول زعيم الحركة العاصمة وسط تسريبات عن قُرب إعلان الحكومة.
من جهته، نشر نائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح فيديو له وهو في ولاية بنجشير، نفى فيه الأنباء التي ترددت عن هروبِه، مؤكداً أنّ "التقارير التي تتحدث عن أنني هربت إلى خارج بنجشير ليست صحيحة، وهي إشاعات يروّج لها العدو".
وتابع: "أنا هنا في بنجشير أعقد جلسات مع القادة والمقاتلين. لا شك في أنّ الوضع صعب ونحن نتعرض لهجوم طالبان بمساعدة القاعدة والباكستانيين. سوف نستمر في المقاومة والتصدي للهجمات. طالبان تكبدت خسائر كبيرة، كما قتل عدد من مقاتلينا، وشاركت في مراسم تشييع البعض منهم، وسوف نستمر في قتال العدو والدفاع عن أرضنا ومناطقنا".
يأتي ذلك بعد أن نقلت وكالة "رويترز"، عن ثلاثة مصادر من "طالبان"، أمس الجمعة، أنّ الحركة تسيطر حالياً على كامل أنحاء أفغانستان بما في ذلك إقليم وادي بنجشير الذي لجأت إليه قوات من المعارضة. كما قال المتحدث باسم حركة "طالبان" إن قوات الحركة استولت على عدد من المناطق في بنجشير وعلى 4 نقاط تفتيش.
"طالبان" وعدت بتشكيل حكومة "جامعة"
هذا ووعدت "طالبان" بتشكيل حكومة "جامعة"، وأقامت علاقات في الأسابيع الأخيرة مع شخصيات أفغانية كانت معارضة لها، على غرار الرئيس السابق حامد كرزاي ونائب الرئيس السابق عبد الله عبد الله. لكن حتى الآن، لم تتضح المكانة التي تعتزم منحها لممثلي المعارضة والأقليات. وستمثل تشكيلة حكومتها اختباراً لنيّتها الحقيقية بالتغيير.
وقالت 3 مصادر في حركة "طالبان" في وقت سابق إنّ الملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي للحركة، سيقود الحكومة الجديدة في أفغانستان، مضيفةً أيضاً أنّ الملا محمد يعقوب، إبن مؤسس الحركة الراحل الملا عمر، وشير محمد عباس ستانيكزاي سيتوليان مناصب بارزة في الحكومة المقبلة.
ما هو رأي المجتمع الدولي بحكومة "طالبان"؟
في سياق متّصل، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في أن تتصرف "طالبان" بشكل "متحضّر"، كما دعت بكين إلى "قطع" روابطها بشكل نهائي مع الجماعات الإرهابية.
أمّا مدير شؤون آسيا والمحيط الهادي في المفوضية الأوروبية جونار ويجاند، فسبق أن أوضح أنّ "الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى التعامل مع حركة طالبان، لكنه لن يتسرّع في الاعتراف رسمياً بالحركة باعتبارها الحاكم الجديد لأفغانستان".
بدوره، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي سيزور قطر من الاثنين إلى الأربعاء، أمس الجمعة، عن أمله في أن تكون الحكومة التي ستشكلها طالبان "فعلاً جامعة" وأن تضمّ شخصيات من خارج الحركة تكون "ممثلة للمجتمعات والمصالح المشتركة في أفغانستان".
هذا وأكّد وزير الخارجية القطريّ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنّ الدوحة تتعاون مع حركة "طالبان" من أجل استئناف العمل في مطار حامد كرزاي، الدوليّ في العاصمة كابول.
وأشار وزير الخارجية القطري، في مؤتمر صحافيّ مشترك، مع نظيره البريطانيّ دومينيك راب، إلى أنّ "بلاده تعمل مع تركيا على فتح المطار"، مضيفاً أنّ "موعد إعادة تشغيل المطار لم يتضح بعد".
وضع النظام الجديد سيكون ملحاً بسبب حالة الاقتصاد في البلاد
يذكر أنّه إضافة إلى المسائل الأمنية، سواء كانت مرتبطة بوادي بنجشير، أو بتهديد الفرع المحلي من تنظيم "داعش"، فإنّ الوضع بالنسبة للنظام الجديد سيكون ملحاً بسبب حالة الاقتصاد في البلاد، إذ أنّ الاقتصاد الأفغاني المتأزم بسبب نزاع مستمر منذ أكثر من أربعة عقود، في حال يُرثى لها، كما أنّه حالياً محروم من المساعدة الدولية التي يعتمد عليها بشكل كبير، بعدما جمّدت الدول الأجنبية قسماً منها.
بموازاة ذلك، حذّرت الأمم المتحدة في وقت سابق من أنّ "أفغانستان تواجه كارثة إنسانية وشيكة"، فيما ستعقد المنظمة في 13 أيلول/سبتمبر في جنيف اجتماعاً للدول الأعضاء بهدف زيادة المساعدة الإنسانية للبلاد.