تحت معبر الشمس.. خنادق لبنانية فلسطينية مشتركة!
داخل وثائقي "خنادق الذاكرة" منعطفات عفوية يرويها لنا أبطال حملوا السلاح، والمبدأ، رجال خاووا المقاومة، في جبل عامل، وفلسطين، وكان لديهم بيوت في حيفا. رجال يرون لنا كيف كان اللبناني آنذاك يزور الضيع الفلسطينية 20 مرة، ويزور بيروت مرة واحدة..
عندما يقرر أهل الكفاح الرجوع بالذاكرة إلى الوراء، يقفون عند الكثير من المحطات كي لا ينسوا أحداً، وكذا أهل الوفاء يفعلون. ولأن لبنان بشعبه وفصائله، بعتاده وعتيده، قدّم الكثير من الأضاحي على مذبح القضية الفلسطينية، ولا يزال، كان لا بدّ من الولوج إلى خنادق الذاكرة كي نستذكر جيل لبناني ولد قبل "النكبة" أو بعدها بقليل، جيل عايش الثورة الفلسطينية، وتنفسها.
وثائقي "خنادق الذاكرة" الذي يعرض على قناة الميادين الأحد، يروي قصص رجالٍ رجال، حملوا البندقية وقاتلوا إلى جانب الفلسطينين، وهم أصحاب تجارب ميدانية في الثورة الفلسطينية. قصصهم تخبرنا كيف أصبحت القضية الفلسطينية القضية الأم منذ فجر العام 1948، ولماذا بقيت القضية المركزية إلى يومنا هذا، ولماذا ستبقى.
أحلامهم كانت عظيمة كـ نضالتهم، أحدهم تمنى أن يصبح ضابطاً في تحرير فلسطين، وآخر يغني : "أصبح عندي الآن بندقية.. إلى فلسطين خذوني معكم". كيف التقت المعاناة اللبنانية بالفلسطينية؟ وأين؟ هل شعر اللبناني آنذاك أنه مظلوم كالفلسطيني، الأول بالسياسات القمعية والثاتي بالاحتلال؟ متى أصبحت المشاركة اللبنانية في المقاومة الفلسطينية لافتة؟ وكيف حضّرت المرأة اللبنانية الزوادة للفدائين الفلسطينين؟ في الوثائقي أيضاً الفنان المقاتل الذي لا ينفك يقول "النصر جايينا".
الضيوف في وثائقي "خنادق الذاكرة" هم أصحاب تجارب ميدانية في الثورة الفلسطينية، وبحسب معدّ الوثائقي غسان جواد فأن عدم أخذ شخصيات مشهورة في الفيلم أمر مقصود هدفه تسليط الضوء على مناضلين عايشوا المراحل من خلال الميدان أو عملهم النضالي في مجالات أمن الثورة وسلاح الإشارة، معتبراً أنهم عينة تمثل التنوع اللبناني.
وثائقي "خنادق الذاكرة" إعداد: غسان جواد/ وإخراج:فراس محادين يُعرض الأحد الساعة التاسعة مساءً على شاشة الميادين.
وقال جواد إن الفكرة كانت إعادة التذكير بمرحلة مهمة كان عنوانها "النضال الفلسطيني اللبناني المشترك" ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، لذلك ركز الفيلم -بحسب جواد- على مراحل الصراع مع إسرائيل بدءاً من العام 1948مروراً بالعامين 1968-1969 بداية وصول طلائع المقاومين الفلسطينيين إلى لبنان.
وفي حديث لـ الميادين نت أشار جواد إلى أن الرسالة الأولى التي أراد الوثائقي إيصالها هي أن المقاومة الفلسطينية كانت عابرة للطوائف والمناطق اللبنانية برغم "سوء الفهم" الذي تطور لاحقاً مع بعض اللبنانيين، وأشار إلى أن شهادات الضيوف وربطها بأبرز الأحداث أعطت الوثائقي سياقاً يحاول أن يوثق مرحلة مهمة من تاريخ النضال اللبناني الفلسطيني المشترك. وأكّد المعدّ أن الفيلم يحاول القول أن المقاومة شعلة يتناقلها المؤمنون بخيارها، ولأن المقاومة اليوم تستند على تاريخ مديد من الصراع مع العدو، فهي الخيار الوحيد، بحسب جواد، أمام أبناء البلاد لمواجهة مخاطر الاحتلال والهيمنة والإرهاب.
اللبنانيون شاركوا الفلسطينين السلاح والقضية. صعدوا معهم الجبهات والجبال, هذا ليس غريباً على المواطن العربي بالمناسبة، لأن المبدأ في البلاد العربية، المبدأ "المنطقي" و "الطبيعي"، يتّفق فيه العرب جميعاً على محاربة العدو الإسرائيلي. الأمر لا يقتصر على المواطن اللبناني فقط، بل على المواطن العربي "أيّاً يكن"!