ميدانيات مصر: 30 يوماً في سيناء 2018

بعد مرور نحو شهر على بدء العملية العسكرية المصرية الشاملة "سيناء 2018"، بات ملحوظاً الحجم الضخم للقوات والمعدات العسكرية المشاركة في هذه العملية بشكل عام، والقوات المنفذة للعمليات شمال ووسط سيناء بشكل خاص.

ميدانيات مصر: 30 يوما في سيناء 2018

حسبما أعلن عنه رئيس أركان الجيش المصري مؤخراً، فإن عديد القوات المشاركة في كافة المحاور القتالية لهذه العملية يبلغ 60 ألف مقاتل تعززهم نحو 3000 آلية ومركبة و355 طائرة من مختلف الأنواع. تبلغ حصة سيناء من هذه القوات 42 ألف مقاتل موزعين على 88 كتيبة ومعززين بنحو 700 مركبة عسكرية و230 طائرة و15 كتيبة للدفاع الجوي. وهذا يعني بالإضافة إلى الإفراغ الكامل لمضمون الملحق الأمني لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الخاص بوضعيات القوات المصرية في سيناء عموماً وفي المنطقة ج خصوصاً، يعني أيضاً أنّ هذه العملية تعتبر بمثابة "مناورة كبرى" تستخدم فيها كافة القدرات العسكرية المصرية في كل فروع القوات المسلحة.

معدات القوات البرية

على مستوى القوات البرية، تم الدفع في سيناء بشكل خاص بتشكيلة من ناقلات الجند وعربات القتال المدرعة والدبابات والعربات المقاومة للألغام بمجموع كلي يبلغ 700 عربة، تضاف إلى ما تم الدفع به إلى سيناء منذ عام 2012. وهذا بهدف أساسي وهو تقديم كافة سبل الدعم الميداني للقوات العاملة في سيناء والمشكلة من وحدات الصاعقة والمظلات وقوات مكافحة الإرهاب والوحدات البحرية الخاصة، بجانب قوات العمليات الخاصة التابعة للشرطة. تعتمد القوات المشاركة في هذه العملية بشكل أساسي على دبابات القتال الرئيسية أميركية الصنع "M60A3" والعربة المدرعة متعددة المهام إماراتية الصنع "نمر" بنسختها "Ajban 440A" وناقلات الجند المدرعة المقاومة للألغام الأرضية من نوع "Caiman" أمريكية الصنع و"RG-33" جنوب أفريقية المنشأ، في عمليات الاقتحام والمداهمة للمناطق المشتبه في تواجد عناصر إرهابية مسلحة بها.

بالإضافة الى هذه الأنواع دفعت قوات الجيش والشرطة في كافة اتجاهات العمليات بأنواع عديدة من العربات المدرعة منها العربات محلية الصنع "تمساح" و"تمساح2" و"فهد 280" و"Panthera T6"، بجانب العربات الأميركية "هامفي" والفرنسية "شيربا" وناقلات الجند المدرعة أميركية الصنع "M113" والنسخة القتالية هولندية الصنع منها "YPR-765".

على مستوى الدعم المدفعي، قامت وحدات الجيش في مناطق العمليات شمال ووسط سيناء بالدفع بوحدات إضافية من التطوير المصري للمدفع الروسي من عيار 122 مللم "D30" والذي تم تعديله ليصبح ذاتي الحركة، بالإضافة إلى أعداد من المدفع الروسي المقطور "M46" من عيار 130 مللم. نفذت وحدات المدفعية واجب قصف وتدمير المواقع المستطلعة مسبقاً خارج نطاق المناطق السكنية في مدن رفح والشيخ زويد والعريش.

العمليات الجوية

دفعت القوات الجوية المصرية بنحو 355 طائرة في كافة محاور العمليات، كانت حصة سيناء من هذه الطائرات 230 طائرة، تنوعت أهدافها ما بين القصف الأرضي والرصد والاستطلاع، والنقل، والدعم الناري. في ما يتعلق بعمليات القصف والدعم الأرضي، نفذت هذا المجهود بشكل أساسي المروحيات الأميركية الصنع "Apache" والمقاتلات الأميركية الصنع "F-16" في أجواء شمال ووسط سيناء وعلى الحدود الغربية مع ليبيا، والمقاتلات الفرنسية "Rafale" قرب الحدود الجنوبية، يضاف إلى هذا أعداد من الطائرات دون طيار الخاصة بالاستطلاع وكذلك النسخ المسلحة منها من أنواع Wing long وCH4B صينية الصنع. في عمليات النقل الجوي استخدمت القوات الجوية بشكل أساسي طائرات النقل إيطالية الصنع "Casa C-295" لنقل الوحدات المقاتلة إلى مناطق العمليات في سيناء، ومروحيات النقل أميركية الصنع "شينوك" للتنقلات التكتيكية وعمليات الإنزال في محاور التقدم. لعمليات الاستطلاع والمراقبة استخدمت القوات الجوية نوعين من أنواع الطائرات، الأول هو طائرات الاستطلاع والمسح أميركية الصنع  BeechCraft 1900 والتي تم اعتمدت عليها القوات الجوية في الأيام السابقة لبدء العملية الشاملة لمسح مسرح العمليات الرئيسي شمالي سيناء وصولاً إلى خط الحدود مع فلسطين المحتلة. النوع الثاني أميركي الصنع أيضاً وهو طائرة الإنذار المبكر والمراقبة E-2C Hawkeye  والتي يصل مدى تغطيتها الى أكثر من 500 كيلو متر.

العمليات البحرية

شكّلت القوات البحرية المصرية وما يتبع قوات حرس الحدود من قطع بحرية ما يشبه "مجموعة عمليات" يشمل طوق عملياتها المياه الإقليمية المصرية في البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، التركيز كان بطبيعة الحال على البحر الأبيض لاعتبارات عديدة منها ما هو متعلق بسير العمليات شمالي سيناء، ومنها ما يرتبط بصراع إقليمي بدء يتشكل حول حقوق استخراج الغاز الطبيعي. هذه المجموعة البحرية تشكلت من عدة أنواع من القطع البحرية منها تشكيلة من زوارق الدورية السريعة من فئة "Swift" الأميركية و"تمساح" المصرية، يضاف إليها زوارق الصواريخ المضادة للقطع البحرية من فئتي "OSA" السوفيتية و"أكتوبر" المصرية. تشارك في العمليات أيضاً فرقاطتين هما الفرقاطة "الناصر" من فئة "Jianghu-II" الصينية، والفرقاطة "توشكى" من الفئة " Oliver Hazard Perry"،  والكورفيت الهجومي "الفاتح" من الفئة "Gowind" فرنسي الصنع، وغواصة ألمانية الصنع من الفئة "209/1400"، وسفينة الإنزال البحري فرنسية الصنع من فئة "Mistral"، بجانب زوارق الهجوم السريعة "RIB" الخاصة بلواء الوحدات الخاصة البحرية. تنفذ هذه المجموعة البحرية في البحر المتوسط مجموعة من المهام منها مهام حصار النطاق الساحلي ما بين مدينتي رفح والعريش لمنع أي محاولة لإمداد أو هروب العناصر المسلحة، بجانب تفتيش ومراقبة السفن المتحركة في هذا النطاق، وتنفيذ عمليات برمائية إذا ما اقتضت الحاجة لفحص أي تحركات مريبة على الساحل. كما تنفذ الفرقاطات وسفينة الإنزال البحري ميسترال بمساندة لواء الوحدات البحرية الخاصة واجب حماية وتأمين عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه الاقتصادية المصرية. كذلك تنفذ زوارق الصواريخ والدورية في نطاق قناة السويس والبحر الأحمر مهام تركز على ضمان التسيير الآمن لمرور السفن البحرية في مجرى قناة السويس بالتنسيق مع قوات حماية المجرى الملاحي، ومراقبة وتأمين معابر الدخول إلى سيناء، والمساهمة في أحكام الحصار على سيناء من ساحلها الشرقي.

تكتيكات العمليات الميدانية

لضمان فعالية الخطة العامة لهذه العملية، وتناسبها مع متطلبات وظروف كل اتجاه من اتجاهات التحرك فيها، تم تقسيم كل منطقة عمليات بحيث تصبح جبهة تعمل فيها القوات بتنسيق وثيق على الأرض معزز بتنسيق عام مع غرفة العمليات الرئيسية، وعليه فقد بات الظهير الصحراوي الغربي للدلتا جبهة مستقلة بذاتها تتفرع منه عمليات قوات حرس الحدود على طول الحدود الغربية مع ليبيا، وكذلك الحال بالنسبة لمنطقة الحدود الجنوبية، أما عن سيناء فتم تقسيمها إلى جبهتين رئيسيتين كل منهما تحتوي على منطقتي عمليات بالإضافة إلى العمليات البحرية التي تشمل البحرين المتوسط والأحمر ومجرى قناة السويس.

فيما يتعلق بسيناء، تولت قوات الجيش الثاني الميداني الجبهة الأولى شمالي سيناء، والتي تمّ تقسيمها إلى قطاعين، الأول يمتد من قناة السويس غرباً إلى مناطق غربي مدينة العريش وصولاً جنوباً إلى تخوم جبل الحلال، وفيها تنفذ القوات مهام التمشيط والبحث بجانب تنفيذها لعدد من الكمائن والدوريات بهدف منع أية محاولات للتسلل من أو إلى منطقة العمليات الرئيسية وهي المنطقة الثانية في هذه الجبهة وتشمل نطاق مدن العريش والشيخ زويد ورفح وصولاً إلى خط الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة، في هذه المنطقة تتركز أغلب عمليات الجيش الثاني شمالي سيناء، وتشمل مهمتين رئيسيتين، الأولى هي تنفيذ مجموعات قتالية مشتركة من الشرطة والصاعقة لمهام التمشيط والبحث وتدمير البنى التحتية الخاصة بالمجموعات الإرهابية، من مخازن تحت أرضية ومخابئ وخنادق وسيارات ودراجات نارية، ومن ثم إنشاء نقاط أمنية وعسكرية على المحيط الخارجي لمنطقة العمليات. المهمة الثانية تنفذها وحدات الصاعقة والمظلات والوحدات الخاصة البحرية، وفيها تقتحم وتداهم بدعم جوي و مدفعي المواقع المستطلعة مسبقاً والتي ثبت تواجد مجموعات إرهابية فيها.

تصاحب العمليات في هذه المنطقة عمليات دعم مدفعي وجوي، بجانب عمليات مكثفة لسلاح المهندسين العسكريين الذي تشمل مهامه تدمير وإبطال العبوات الناسفة المزروعة أو التي يتم العثور عليها، بجانب تدمير فتحات الأنفاق والملاجئ والخنادق التي يتم العثور عليها، وإكمال عمليات إنشاء المنطقة العازلة على الحدود مع فلسطين المحتلة.

الجبهة الثانية في سيناء هي جبهة المنطقة الوسطى، والتي تعمل بها قوات الجيش الثالث الميداني، وتم تقسيمها إلى قسمين، الأول من قناة السويس غرباً وحتى قرب المناطق الحدودية مع فلسطين المحتلة، والمنطقة الثانية هي منطقة الشريط الحدودي، الواجب الأساسي للقوات في هذه الجبهة هو عزل مناطق وسط سيناء عن شمالها وجنوبها، وتنفيذ ما يلزم من واجبات التمشيط والتأمين والبحث خاصة في المناطق الجبلية الواقعة شرقي الجبهة.

على الجبهة الغربية والجنوبية، تنفذ قوات مشتركة من الشرطة ووحدة مكافحة الإرهاب 888 وقوات حرس الحدود عمليات تمشيط وتأمين في نطاق المناطق الصحراوية غربي الدلتا ومنطقة الواحات وصولاً إلى خط الحدود مع ليبيا، وتشمل هذه العمليات أيضاً المراقبة الرادارية للحدود لمكافحة عمليات تهريب الأسلحة وعمليات التسلل، وتشارك القوات الجوية في هذه الجبهة بدعم من مقاتلات الأف 16 والرافال التي أحبطت حتى الآن ثلاث محاولات لاختراق الحدود الغربية ومحاولة واحدة لاختراق الحدود الجنوبية.

نتائج العملية الشاملة

حتى الآن، تمكنت القوات المشاركة في عملية سيناء 2018 من قتل 105 عناصر إرهابية، واعتقال أكثر من 2800 مطلوب ومشتبه به، وتدمير قسم كبير من الأهداف المطلوب تدميرها وتشمل خمس فتحات لأنفاق على الشريط الحدودي، و1907 مخابئ ومقرات إلى جانب نقطتي بث راديوي وإذاعي ومركزين إعلاميين، وتدمير وإبطال مفعول 471 عبوة ناسفة، ومصادرة 157 سيارة دفع رباعي و41 عربة نقل محملة بأسلحة وذخائر و387 دراجة نارية، بجانب كميات من المواد المتفجرة والأسلحة والذخائر وأجهزة اللاسلكي. ونتج عن العمليات حتى الآن استشهاد 20 ضابطاً ومجنداً وإصابة 30 فرداً، واستشهاد ستة من عناصر القبائل السيناوية المساندة لعمليات الجيش.

من النقاط اللافتة في هذه العملية، التصريحات الإسرائيلية حول تشويش عالي التردد بات يؤثر بشكل كبير على ترددات الهاتف الخليوي في فلسطين المحتلة، وهو ما يشير إلى عمليات حرب الكترونية مصرية مصاحبة لعملية "سيناء 2018". وبالإضافة إلى الرسائل التي سبق إرسالها من هذه العملية، كانت زيارة الرئيس المصري لمقر القيادة الموحدة لشرق القناة ومكافحة الإرهاب محملة بالمزيد منها، حيث وصل الرئيس إلى المقر مرتدياً الزي العسكري، وافتتح المقر الذي قام بإنشائه سلاح المهندسين العسكريين، على عمق 27 متراً تحت الأرض، مما يجعل من المستحيل عملياً تدميره بأية قنابل مخترقة للتحصينات. أيضاً كان هناك حرص أثناء الزيارة على إبراز دور كتائب الدفاع الجوي وأعداد الطائرات الحربية في أجواء سيناء.

اخترنا لك