لبنان يدخل مرحلة الانتخابات التشريعية وسط غموض يكتنف التحالفات
أكّد الرئيس اللبناني ميشال عون أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها ووفق نظام انتخابي جديد يعكس الإرادة الحقيقية للمواطنين، بعد حديثه عن إمكانية تعديل قانون الانتخاب بسبب بعض الخلافات على تفاصيل تقنية.
دخل لبنان مرحلة الانتخابات التشريعية بعد 9 سنوات على إجراء آخر انتخابات برلمانية ، ومن ثم تمديد ولاية البرلمان 3 مرات بسبب الخلافات على قانون جديد للانتخابات ، وكذلك عدم التوافق على انتخاب رئيس للبلاد بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان ، ما أدخل البلاد في شغور رئاسي لنحو 3 سنوات انتهى بانتخاب الرئيس الحالي العماد ميشال عون في 31 تشرين أول / أوكتوبر عام 2016 .
لكن القانون الجديد الذي يعتمد النظام النسبي وذلك في سابقة سيعرفها لبنان في الانتخابات التشريعية ، سيفتح الأبواب أمام تحالفات غير مألوفة للأحزاب والقوى السياسية المُتخاصمة ، ما يُعيد إلى الأذهان تجربة التحالفات في انتخابات العام 2005 عندما ظهر ما عُرِف بالتحالف الرباعي والذي ضمّ حركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي .
إلا أن الحديث المُعلَن حتى الساعة لا يشي بتحالف مماثل خصوصاً بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في مقابلته الأخيرة عبر الميادين عن عدم التحالف مع تيار المستقبل في الانتخابات المقبلة كي لا يُسبّب حرجاً للرئيس سعد الحريري بعد الأزمة الأخيرة التي عرفها لبنان وتمثلت بإعلان استقالة الحريري من الرياض ومن ثم العودة عنها في بيروت.
ووسط هذه التعقيدات يبقى التحالف الثابت بين معظم قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر في معظم الدوائر الانتخابية من دون إسقاط إمكانية التباعد بين هؤلاء الحلفاء في بعض الدوائر ، تبعاً للحسابات المعقدة التي ستظهر بفعل القانون الجديد ، فضلاً عن تحالفات سياسية أملتها التسوية السياسية في لبنان والتي تُوّجت بانتخاب العماد عون رئيساً للبلاد.
وفي السياق تؤكّد مصادر وزارية للميادين نت أن الانتخابات ستجري في موعدها ( 6 أيار / مايو المقبل) ولكن التحالفات غير واضحة حتى اليوم بسبب بعض التباينات بين الرئاستين الأولى والثانية ، في إشارة إلى الخلاف بين الرئيس عون ورئيس البرلمان نبيه بري بشأن بعض المراسيم المتعلّقة بالمؤسسة العسكرية ، وتلفت هذه المصادر إلى أن التحالف الثابت هو بين حركة أمل وحزب الله ومعظم قوى 8 آذار مع تأكيد السيّد نصر الله على التحالف مع التيار الوطني الحر.
بدوره يؤكّد المحلّل السياسي إبراهيم بيرم للميادين نت أن التحالفات الانتخابية غير واضحة ما خلا التحالف المؤكّد بين أمل وحزب الله ، ويضيف " أما التحالفات الأخرى فهي بحسب الدوائر الانتخابية وقد نشهد تحالفات غير مألوفة في بعض المناطق على خلاف ما شهده لبنان خلال الانتخابات الأخيرة عام 2009 وذلك لاعتبارات كثيرة ، ولا سيما بعد التسوية السياسية وإعادة تموضع بعض القوى ربطاً بالانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدها لبنان والتحالف المستجد بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل ، إضافة إلى تفاهم معراب بين التيار الوطني والقوات اللبنانية من دون إغفال نقاط التباين التي ظهرت بين هذين الطرفين في الفترة الأخيرة ما قد يُطيح بتحالفهما الانتخابي".
من جهته أعلن أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري أن التحالف مع حزب الله غير وارد في الانتخابات التشريعية.
أما في جبل لبنان وتحديداً في دائرة الشوف – عاليه حيث يتمتع الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط بنفوذ واسع ، فإن التحالفات تبدو غير واضحة في دائرة هي من أكبر الدوائر من حيث عدد النواب ، إذ يبلغ عدد المقاعد في الشوف 8 ، و5 مقاعد في عاليه أي 13 مقعداً. وتتوزّع أصوات الناخبين فيها ( نحو 325 ألف ناخب) بين الحزب التقدمي وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ كذلك الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة الوزير طلال إرسلان والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب التوحيد برئاسة الوزير السابق وئام وهاب.
هذا المشهد الضبابي حتى تاريخه يكتنف الانتخابات النيابية قبل أقل من أربعة أشهر على يوم الحسم في 6 أيار / مايو المقبل وسط تباينات بين القوى السياسية ربطاً ببعض الإصلاحات التي أدخلها القانون الجديد بدءاً من اعتماد النسبية وصولاً إلى الصوت التفضيلي ، وكذلك مطالبة بعض القوى باعتماد التسجيل المُسبق وكذلك الاقتراع في مكان الإقامة ما يفتح الباب على مزيد من السجالات والخلافات وسط تأكيد معظم القوى الأساسية على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها.