لبنان سيُعالِج تداعيات استقالة الحريري بعد تحريره
نجح لبنان في معركة استعادة رئيس حكومته سعد الحريري بعد احتجاز دام لأسبوعين في السعودية ، فيما تتّجه الأنظار إلى مرحلة ما بعد هذه الأزمة الفريدة من نوعها لا سيما وأن إعلان الحريري استقالته من رئاسة الحكومة من خارج البلاد يُعدّ سابقة.
إصرار الرئيس اللبناني العماد ميشال عون ومعه مختلف القوى السياسية على ضرورة عودة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى لبنان قبل البحث في استقالته ، أرغم على ما يبدو الرياض التي استجابت بعد تلكّؤ للطلب الفرنسي بمغادرة الحريري أراضيها متوجّهاً إلى باريس قبل عودته المُنتظرة إلى بيروت الأسبوع المقبل ، وبذلك تكون بيروت وعلى الرغم من الضغوط السعودية قد نجحت في إدارة أزمة الاستقالة المُلتبسة للحريري وما تلاها من مواقف ودعوات لشقّ الصف اللبناني والتخلّي عن التسوية التي أنهت عامين ونصف العام من الشغور في سدّة الرئاسة بانتخاب الرئيس عون، ومن ثم تأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري عدا عن إقرار قانون للانتخابات التشريعية المُزمَع إجراؤها في الربيع المقبل.
لكن ماذا بعد عودة الحريري إلى بيروت والمتوقّعة مطلع الأسبوع المقبل؟
أوساط لبنانية تؤكّد أن الأولوية كانت ولا تزال هي عودة الحريري ومن ثم شرحه لعون المُلابسات التي دفعته للاستقالة، ليبني الرئيس على الشيء مقتضاه في حال أصرّ زعيم تيار المستقبل على الاستقالة (وهو ما بات شبه مؤكّد) ، وبالتالي الركون إلى الدستور والدعوة لاستشارات نيابية لتكليف رئيس جديد لتأليف الحكومة الثانية في عهد عون ، والتي من المُفترض أن تشرف على الانتخابات التشريعية في أيار/ مايو المقبل.
ووفق هذا السيناريو تكون الأزمة التي ولَّدتها استقالة الرئيس الحريري من السعودية وجدت في بداية طريقها إلى الحل وذلك نتيجة التحرّك الداخلي والدبلوماسي الذي قام به لبنان بتوجيهات من عون والذي لاقى ترحيباً داخلياً وخارجياً ، وأفضى إلى تحرير الحريري بعد أسبوعين من الترقّب والانتظار، وإن كانت عودته لتقديم استقالته رسمياً أو العودة عنها ستقابلها خطوات مدروسة من الرئاسة للحفاظ على الاستقرار الداخلي والتمسّك بالتسوية السياسية التي أدّت إلى انتخابه وتأليف حكومة لا تزال سارية ولم يتغيّر شيء حيالها، وأن الكلام عن ضغوط سيتعرّض لها اللبنانيون في دول الخليج مجرّد شائعات وتهويل بحسب ما تكرّره أوساط القصر الجمهوري.
وسط هذه التطوّرات سيتوجّه لبنان إلى القاهرة للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب بطلب سعودي للبحث في ما تسمّيه الرياض انتهاكات إيران في الدول العربية وسط ترقّب لما سيكون عليه الموقف اللبناني في هذا الاجتماع ، مع ارتفاع اللهجة السعودية ضدّه ، وفي السياق عينه أكمل لبنان ملفه إلى الاجتماع المُرتقب على أن يمثّله وزير الخارجية جبران باسيل الذي يُنهي جولته الأوروبية في موسكو، وبحسب مُقرّبين من الخارجية اللبنانية فإن بيروت غير معنية بالشكوى في الأساس طالما أن السعودية تتّهم إيران بتزويد حركة أنصار الله بالصواريخَ البالستية التي سقط أحدها بالقرب من مطار الملك خالد بن عبد العزيز في الرياض، عدا عن أنّ لبنان ليس على عِلم بتعديل الشكوى لتكونَ ضدّ أيّ فريق لبناني.
المشنوق بعد اللقاء مع عون: الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها
بدوره، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد لقائه الرئيس عون أنه جاء لشكر رئيس الجمهورية بشكل شخصي على شجاعته وحكمته في إدارة الأزمة، مشيراً إلى أن اللبنانيين أثبتوا قدرتهم على التضامن والمواجهة عند الضرورة.
وأضاف المشنوق "إننا بحالة استقرار واضحة رغم الأزمة الكبيرة التي مررنا بها، وهذا الاستقرار سيزداد مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري".
وقال المشنوق إنه ورغم الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان إلا أن الانتخابات النيابية ستحصل في موعدها، معتبراً أن الانتخابات "واجب ديمقراطي أكّد عليه الرئيس عون".
عون للمفتي دريان: الأمور سائرة نحو النهاية السعيدة
في السياق، أجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان اتصالاً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحث خلاله ما آلت إليه الأمور بعد استقالة الرئيس سعد الحريري.
ونوّه المفتي دريان بــ الرئيس عون "على حكمته الكبيرة في معالجة الأمور للخروج من الأزمة الراهنة"، حيث طمأن الأخير المفتي أن "الأمور سائرة نحو النهاية السعيدة"