انتخابات لبنان البلدية تبدّل الواقع السياسي المعهود
نجح لبنان في اجتياز الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في كل من بيروت والبقاع. صناديق الاقتراع فاجأت أهل السياسة، فبدلت من الواقع المعهود وخالفت كل التوقعات وأدخلت معها أطرافاً جديدة إالى الساحة السياسية والإنمائية.
-
-
الكاتب: دعاء الحاج حسن
- 12 أيار 2016
الحريري وجّه عتباً ولوماً إلى حلفائه
كشفت
نتائج الانتخابات البلدية في لبنان واقعاً يناقض الأسباب التي حالت دون إجراء
الانتخابات البرلمانية وأدت إلى تمديد المجلس النيابي لنفسه مرتين وحال أيضاً دون
انتخاب رئيس للبلاد.
الانتخابات
عكست أيضاً مزاجاً شعبياً مختلفاً عن سابقاته إن لجهة الإقبال على صناديق الاقتراع
أو لجهة الولاء السياسي.
ففي
بيروت جاءت النتائج مغايرة لما كانت تتوقعه اللوائح المرشحة، على الرغم من
المحاولات الحثيثة التي قام بها المرشحون المتنافسون في لائحة
"البيارتة" المدعومة من تيار المستقبل برئاسة النائب سعد الحريري،
ولائحة "بيروت مدينتي" التي تضم مجموعة من وجوه بيروت الثقافية والفنية،
و"مواطنون ومواطنات في دولة" برئاسة الوزير السابق شربل نحاس.
نسبة
المشاركة في العاصمة بلغت 20%. نسبة متدنية عزاها البعض إلى فقدان الناس ثقتهم
بالطبقة الحاكمة، خصوصاً وأن الانتخابات جاءت بعد أقل من عام على أزمة نفايات غير
معهودة في لبنان والتأخر في حلّها مع ما ترافق من تذمّر شعبي وصل حد التظاهرات، إضافة
إلى ما تتناقله وسائل الإعلام اللبنانية عن مشاريع تقوم بها بلدية بيروت وتحوم
حولها علامات استفهام عديدة.
لم
تكن المفاجأة في نسبة الاقتراع المتدنية، بل في النسبة التي حصلت عليها لائحة
"البيارتة" المدعومة من الرئيس الحريري على الرغم من حملته الانتخابية
التي حثت مناصريه في بيروت على الاقتراع تحت شعار "زي ما هيي" في إشارة
إلى ضرورة الالتزام باللائحة كاملة، وهو بالمناسبة شعار كان يستخدمه والده الشهيد
رفيق الحريري خلال حملاته الانتخابية التشريعية. نسبة المقترعين للائحة الفائزة
وصلت إلى 8.8% من أصل عدد الناخبين في بيروت. نسبة بحسب مدير مركز بيروت للأبحاث
والمعلومات والخبير الانتخابي عبدو سعد تدل على عدم "شرعية الفوز". يقول
سعد إنه "في البلدان المتقدمة اذا لم تحقق الانتخابات 25% من نسبة منتخبيها فإنها
تعاد وفي حالة بيروت فإن نسبة الإقتراع المتدنية تفقد المجلس البلدي الجديد شرعيته
وتشكل صفعة على وجه الأحزاب السياسية". يضيف سعد أن لائحة "بيروت
مدينتي" تمكنت من كسب ثقة نحو 33% من الأصوات مقابل 4% للائحة "البيارتة"
كحد أقصى، وحظي المرشحون الآخرون بنحو 20% من الأصوات، بينهم الوزير السابق شربل
نحاس الذي فاز بأكثر من عشرة آلاف صوت. ويؤكد سعد أنه لو حصل تحالف بين لائحتي
"بيروت مدينتي" والوزير السابق شربل نحاس لتمكنتا من "خلق مناخ
جديد"، الأمر الذي يستقطب العدد الأكبر من الناخبين، فالمعركة إنمائية وليست
فقط سياسية.
فوز
لائحة "البيارتة" لم يحط من عزيمة "بيروت مدينتي" اللائحة
الجديدة العهد والتي خاضت تجربة أولى من نوعها في لبنان الذي تسيطر على حياته
السياسية الأحزاب والعائلات والطوائف. قالت اللائحة إنها واجهت محدلة السلطة
والطبقة الحاكمة بمختلف طوائفها، وشدّدت على أن "التغيير ممكن" وأن
المهمة المقبلة ستكون حماية المصلحة العامة ومراقبة أداء المجلس البلدي وتقديم
المشاريع الانمائية.
ومع
أن لائحة "البيارته" فازت في الانتخابات البلدية إلا أن هذا لم يثنِ
الحريري عن توجيه عتب ولوم إلى حلفائه "غيرالملتزمين" الذين قال إنهم لم
يلتزموا التصويت للائحة، وأنهم شاركوا بالترشح على لائحة "البيارتة"
فيما كانت أصواتهم تصب في اللائحة المناوئة. "وصلت بهم المزايدة إلى حدّ
المسخرة السياسية وغير السياسية على "البيارتة" و"أهل بيروت"،
قال الحريري.
في زحلة كانت أم المعارك
نجح تحالف الأحزاب في اكتساح المقاعد الـ 21 في زحلة
أم المعارك كانت في شمال شرق بيروت، وتحديداً في مدينة زحلة البقاعية. ثلاثة أحزاب رئيسة هي: القوات اللبنانية (بزعامة سمير جعجع) والتيار الوطني الحر (بزعامة النائب ميشال عون) والكتائب (بزعامة النائب سامي الجمّل) تحالفوا بوجه الكتلة الشعبية التي مثلتها مريم سكاف زوجة النائب السابق إلياس سكاف. العائلة تعتبر واحدة من أبرز العائلات التقليدية والمحلية في المدينة. أما اللائحة الثانية فكانت مدعومة من النائب نقولا فتوش. نجح تحالف الأحزاب في اكتساح المقاعد الـ 21 بغالبية 10510 أصوات في مقابل 8896 صوتاً للائحة الكتلة الشعبية و7044 صوتاً للائحة النائب فتوش. الفروقات ليست شاسعة، وهو تطور اعتبرته الأحزاب الثلاثة مكسبا كبيراً في وقت وجدت الكتلة الشعبية نفسها في مكان جديد أمام تغيرحسابات الناخب الزحلاوي فيما قال العماد ميشال عون إن هذا الفوز يجب أن يعطي أهل زحلة طمأنينة.
مفاجأتي بيروت وزحلة لم تظهرا في المتبقي من المناطق البقاعية. فالدعم العائلي كان الحاضر الأقوى والعائلات في أغلبها دعمت تحالف حزب الله وحركة أمل فانتهت الانتخابات بفوز لائحة الوفاء والتنمية .
المنطقة الخضراء تفوز بالشرعية
أهالي عرسال لم يجدّدوا لرئيس بلديتهم علي الحجيري
في المنطقة الخضراء، عرسال، كان تحدّي إجراء الانتخابات كبيراً، حيث إن المنطقة شهدت توترات أمنية عديدة خلال السنوات الماضية فيما يسيطر على بعض جرودها مجموعات مسلحة تابعة لجبهة النصرة وتنظيم داعش.
بيد أن عرسال شهدت معركة انتخابية من دون أي خرق يذكر. أمر لفت اليه وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي رأى أن "أفضل قلم إقتراع كان في عرسال حيث إن أهلها كانوا الأكثر تعبيرا عن فرحهم بالدولة". صناديق الانتخابات مكّنت الأهالي من الإدلاء بأصواتهم ولم يجدّدوا لرئيس بلديتهم علي الحجيري (المعروف بأبو عجينة) الذي تقول وسائل إعلام لبنانية إنه على علاقة ما بالتنظيمات الإرهابية المسيطرة على جرود بلدته. كما خسر شقيق الشيخ مصطفى الحجيري، (المعروف بأبو طاقية)، في الانتخابات الاختيارية.
بحسب أهالي عرسال فان المجلس البلدي السابق المدعوم من تيار المستقبل ارتكب اخطاء جسيمة تمثلت بسوء إدارة ملف النازحين السوريين في البلدة وصولا الى التعمّد في نسيان أهل عرسال، لذا فان فوز لائحة "عرسال تجمعنا" برئاسة باسل الحجيري والمدعومة من العائلات تعكس حالة عدم الرضا التي يبديها أهل المنطقة تجاه كل من ساهم في جعل بلدتهم مكانا لتجمع المسلحين، كما يقولون.