ادارة الحرب تختلف عن قيادة الطائرة!

حالوتس الذي كان أول رئيس لأركان الجيش الاسرائيلي يأتي من صفوف سلاح الجو، استهزأ بالكثير من النظريات العسكرية، مكرر مراراً أنه "يجب علينا التخلص من بعض المقولات، مثل مقولة أن النصر يساوي الأرض. النصر ليس سوى مسألة وعي، والقوة الجوية تؤثر بشكل كبير على وعي الخصم".

تفاقمت حالة الاحباط عند حالوتس في ظل الفشل المتكرر في أي انجاز ميداني
عقب انتهاء عملية الانفصال عن غزة التي أتت بعد أشهر على تعيين دان حالوتس رئيساً لأركان الجيش الاسرائيلي في حزيران/ يونيو العام 2005، وجه إليه أحد الصحفيين سؤالاً "هل سيذكرك  الشعب الاسرائيلي على أنك رئيس أركان الانفصال؟".

أبدى حالوتس انزعاجه من هذا الوصف. فهو يطمح في السنوات الثلاث المتبقية له في منصبه لتحقيق انجازات كبيرة يحفظها له الجمهور الاسرائيلي في ذاكرته لتمكنه من لعب دور سياسي فيما بعد. وأجاب الصحفي بالقول "لدي ثلاث سنوات أخرى في هذا المنصب، هل لديك فكرة عن الأحداث التي يمكن ان تقع هنا؟".

حالوتس الذي كان أول رئيس لأركان الجيش الاسرائيلي يأتي من صفوف سلاح الجو، استهزأ بالكثير من النظريات العسكرية، مكرر مراراً أنه "يجب علينا التخلص من بعض المقولات، مثل مقولة أن النصر يساوي الأرض. النصر ليس سوى مسألة وعي، والقوة الجوية تؤثر بشكل كبير على وعي الخصم".

خاض حالوتس الحرب بالاستناد إلى قناعة بقدرة سلاح الجو على الحسم.

لم يسمح رئيس الأركان بأي عمل بري يتجاوز الحدود حتى لمسافة كيلومتر واحد من الخط الأرزق، وطلب من قيادة المنطقة الشمالية تحصيل موافقة من هيئة الأركان قبل الاقدام على أية خطوة عند الحدود.

وعلى الرغم من المعطيات الاستخباراتية التي بيّنت تمكن حزب الله من استيعاب الضربة الجوية وبقاء زمام المبادرة بيده في الميدان عند الحدود، لم يرضخ حالوتس للأمر الواقع، وظل يكابر، فوافق فقط على اجراء مداهمات محدودة، يكون الهدف منها رسم صورة انتصار وليس السيطرة على أرض العدو. لم يدرك حالوتس أن قيادة الطائرة تختلف عن إدارة حرب سوى متأخراً.

كان عدد الجنود القتلى في بنت جبيل كبيراً، فانتهز جنرالات الجيش الفرصة لانتقاد صاحب نظرية الحسم من الجو.

وفي محاولة أخيرة له، سعى حالوتس إلى ترميم صورته باقحام لواء غولاني والمظليين من جديد لخوض معركة في بنت جبيل، لكن قائد المنطقة الشمالية أودي آدم كان واضحاً هذه المرة، بل و فظّاً، فسأل حالوتس في اجتماع عبر دائرة فيديو مغلقة "هل شاهدت بلدة بنت جبيل من قبل؟". أجاب حالوتس"نعم شاهدتها مرة واحدة عندما قصفتها من الجو، ثم أنهى المحادثة".

التفت آدم إلى الضباط في مقر قيادته ساخرا: "هل يتذكر أحدكم أن سلاح الجو الاسرائيلي قام يوماً ما بقصف بلدة بنت جبيل؟!".

تفاقمت حالة الاحباط عند حالوتس في ظل الفشل المتكرر في تحقيق أي انجاز ميداني، وسيطرت عليه كآبة شديدة بحسب شهادات بعض الضباط، فبدأ يشعر وهو في مكتبه بآلام حادة في البطن ووجع في الرأس، ما اضطر الطاقم المكلف بحمايته يوم الجمعة في الثامن والعشرين من تموز/ يوليو 2006 إلى نقله للمستشفى، حيث أجريت له بعض الفحوصات، وبعد معاينة الطبيب له نصحه بترك مكتبه والاستراحة في المنزل.

نقلت الوسائل الاعلامية الاسرائيلية الخبر، وحاولت المتحدثة العسكرية التخفيف من حجمه كي لا تتأثر معنويات الجنود سلباً.

غير أن التوتر رافق لاحقاً رئيس الأركان في النقاشات الداخلية.

بعد حرب تموز/ يوليو 2006، عاد حالوتس ليدمن التدخين مجدداً بعد أن نجح في الاقلاع عنه قبل سنة.

اخترنا لك