التقرير الأسبوعي لمراكز الابحاث الأميركية
"معهد المشروع الاميركي" يعتبر أن تنامي قدرة ونفوذ حزب الله عائد "لقصر نظر الجهود السياسية" التي رافقت عدوان اسرائيل على لبنان عام 2006، و"معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى" يزعم أن القاعدة وداعش في صدد شن هجمات إرهابية تستخدم أسلحة إشعاعية، أو جهاز التشتيت الاشعاعي.
واتهم المعهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن ووزيرة خارجيته كونداليسا رايس بعدم اتقان ترتيب الاولويات "بما تعارض مع توصيات الخبراء من الزملاء، وأسفر عن تسليط سيف ديموقليس على رقبة المنطقة".
وحذر صناع القرار من تداعيات الرؤية القاصرة آنذاك التي لم تعد المسألة "متى ستنشب مواجهة جديدة بين اسرائيل وحزب الله، بل معدلات حجم الاضرار والدمار القياسية المقبلة".
سوريا
وأضاف أن معارك الراموسة كلفت "المتمردين خسائر كبيرة، ولقي 500 منهم حتفه .. رغم حشد "جيش الفتح" ما بين 5 الى 10 آلاف مقاتل ودعم لوجستي كبير من تركيا وقطر والمملكة السعودية".
ولفت المعهد الانظار إلى الانتكاسة التي لحقت بالجيش السوري "وفشله في صد الهجوم على الراموسة، ولا شك أنه عانى من إهمال قائد قوات حلب اللواء أديب احمد الذي تم استبداله مباشرة، باللواء زيد صالح من الحرس الجمهوري".
واعتبر المعهد أن طوق الحصار المفروض على شرق مدينة حلب "سيكون أطول وأكثر صعوبة بكثير من حصار مركز حمص حيث احتل ألف متمرد فقط على نصف ميل مربع، واستمر الحصار أكثر من 18 شهراً". في ظل توصل الجانبين الاميركي والروسي الى "اتفاق" قد يقود الى ترتيبات وتدابير مشتركة في تلك المنطقة، زعم المعهد أن "واشنطن تساعد روسيا والجيش السوري على معاودة حصار حلب، وربما يختار الرئيس أوباما نهج الغموض المتعمد وانتظار مصير المعركة في حلب".
مصر
وأوضح أن الاقتصاد المصري تأثر سلباً كما غيره من الاقتصاديات مع انخفاض اسعار النفط "وتراجع الانتاج مقابل زيادة الاستهلاك مما حول البلاد الى مستوردٍ صافٍ للنفط بحلول العام 2012".
وحمّل المعهد السياسات الحكومية المتعاقبة مسؤولية "تغذية السخط الشعبي، وحرمان قطاعات واسعة من التنعم بعوائد الصادرات الهيدروكربونية وحرمها من تطوير قطاع خاص اوسع واكثر ديناميكية".
وفند المعهد، ربما بطريقٍ ملتوٍ، زعم السلطات باستقطاب "مكثف لرأس المال والاستثمارات الاجنبية"، التي كانت قدرتها على "توليد أعداد كبيرة من فرص العمل محدودة، وعززت الشعور بأن النظام الاقتصادي في مصر ماضٍ في مفاقمة عدم المساواة والاقصاء الاجتماعي، كما كانت عليه الحال قبل انتفاضة عام 2011".
وحثّ المعهد الحكومة المصرية على "بلورة استراتيجية طويلة الأجل لتحديد نوع مصادر الطاقة التي ستعتمد عليها مصر في المستقبل، وتسهيل الحصول على التمويل وتحسين مهارات الموظفين، واعادة هيكلة نموذج التنمية المصري، وإجراء إصلاحات مؤسساتية وسياسية بسرعة كبيرة نسبياً".
من جهته، حث "معهد المشروع الاميركي" السلطات المصرية الالتفات العاجل لتفعيل دور مؤسسة الازهر وجامعته كوسيلة "لخفض معدلات التطرف في مصر، لا سيما وأنه كان في السابق مركز استقطاب الفكر الاسلامي المعتدل". كما ناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي "التوجه الحازم للأزهر لإدخال إصلاحات على مناهج الدراسات الدينية واغنائها بموضوعات علمانية الطابع"، معتبراً أن ذلك شرطاً ضرورياً لكبح جهود التجنيد في صفوف تنظيم الاخوان المسلمين.
وأشاد المعهد بتجربة المغرب التي "اثمرت جهوده" في خفض حدة التطرف. كما طالب المعهد كل من "البيت الابيض ووزارة الخارجية ووزارة الأمن القومي، حث دول مثل مصر العودة إلى الاساسيات بغية استعادة المعاهد الدينية التقليدية".
وشدد على أهمية تطبيق "الاصلاحات والاستقلالية لدى منافذ دينية تقليدية مثل الأزهر كونها الفيصل لاستعادة دفة قيادة المؤسسة ووضعها بيد علماء الدين التقليديين، عوضاً عن بروز الديماغوجيين والشعبويين والمتطرفين".
مخاطر الارهاب الحديث
وأضاف أن "احتمال استخدام جهاز تشتيت اشعاعي في مدينة أميركية، هو خطر يجب أن يؤخذ على محمل الجد، وليس من الواضح ما إذا كان باستطاعة فرق الانقاذ وأجهزة الطوارىء أن يكونوا على أهبة الاستعداد والجهوزية لمواجهة هجوم اشعاعي، واحتواء الانتشار وإزالة التلوث من أعداد كبيرة من الناس والمباني".
تركيا
أما التداعيات والتدابير والاحكام الاخرى التي رافقته "فربما تؤشر على احتضار الجيش" كمؤسسة فاعلة في المشهد السياسي التركي "نتيجة عمليات التطهير".
وأوضح أن "المحاولة الانقلابية أسهمت في تذكير النظام بأن جيشاً مسيساً يشكل تهديداً يجب ضبطه بحذر". وزعم المعهد أن محاولات الجيش الانقلابية الاربعة السابقة "لم تكن لديه أي نية بالبقاء في السلطة، بل إنقاذ الدولة".
وأضاف أن صعود "حزب العدالة والتنمية إلى دفة قيادة الدولة شكل بداية تراجع نفوذ الجيش، وحرصه على استيفاء معايير كوبنهاغن – فرض سيطرة مدنية على القوات المسلحة"، كأحد شروط انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي.
ولفت الانتباه إلى عزم الرئيس اردوغان اخضاع الجيش لسيطرة حزبه عشية فشل الانقلاب قائلاً إن "الجيش التركي سيخضع لإعادة هيكلة"، معتبراً أن المقصود بلورة "جيش مسيّس يساعد على تحقيق مصالح الحزب الخاصة، ويجب إخضاعه لسيطرة شديدة ومتأنية كي لا يقوم بانقلاب جديد".
من ناحية أخرى، حظيت زيارة الرئيس اردوغان لنظيره الروسي باهتمامٍ عالٍ من قبل "معهد واشنطن" لسياسات الشرق الادنى "بعد اذابة الجليد" بينهما، والتي جاءت في اعقاب "ادراك انقرة المتزايد بأن حلفاءها الغربيين قد تخلوا عنها بعد الانقلاب. فضلاً عن المحادثات المستمرة بين موسكو وواشنطن الهادفة إلى تنسيق الجهود في سوريا".
وحذر المعهد من أن لقاء القمة "سيزيد تحسن العلاقات التركية – الروسية في هذه المرحلة، إلا إذا تدخلت واشنطن لمنع أردوغان من التودد إلى بوتين".
كما أعرب المعهد عن اعتقاده بأن الرئيس الروسي "سيعمل خلال الايام المقبلة على إغراء تركيا بمبادرات مثل رفع العقوبات؛ ومساعدتها في جمهوريات آسيا الوسطى، حيث تتواجد شبكات غولن الاقدم والاقوى خارج تركيا، فضلاً عن إمكانية فشل واشنطن اقناع انقرة لطلبها تسليم غولن بأنه يقتضي مراجعة دقيقة، من شأن ذلك كله دفع اردوغان بشكل أكبر نحو روسيا".
كما تناول الزيارة "معهد أبحاث السياسة الخارجية" معتبرا انها تشكل "بداية فصل جديد في العلاقات التركية الروسية .. وربما بدء ما هو ابعد من ذلك،" موضحا ان وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو استغل توقيت الزيارة لاعلان ان بلاده "تعزم تعليق العمل باتفاقية الهجرة المعقودة مع الاتحاد الاوروبي." وحذر من أن مستقبل تلك الاتفاقية ومجمل العلاقات التركية مع أوروبا "يكتنفها الغموض؛ بيد أن المؤكد راهناً أن دور تركيا التقليدي كأحد اركان تواجد اسطول الناتو في البحر الاسود قد حان زمن مراجعته"، دون أن يستطيع أي طرف تحديد أبعاد ذلك.
تناول "معهد المشروع الاميركي" أبعاد زيارة أردوغان لموسكو من زاوية تداعياتها على العامل الكردي، إذ إن أردوغان يدرك "سعية لهزيمة حزب العمال الكردستاني يستدعي تطبيع العلاقات مع بوتين". أما في الجانب الكردي، أوضح المعهد أن الكرد يسعون "لتحقيق مساواة سياسية وصون حرية التعبير والحفاظ على الهوية الحضارية للكرد بعد طول انتظار".
وحث مكونات الشعب التركي الاخرى الاعلان عن الامتنان لكرد تركيا "لتجديد المراهنة على نيلهم حريتهم مرة أخرى، والاسترشاد بتجربة الكرد من العمل المثابر من داخل المؤسسة السياسية التركية".