مكامن قوة اقتصادية تضع مدينة طرابلس اللبنانية على خارطة العالم
كَثُر الحديث في العامين المُنصرمين عن دور اقتصادي هام ينتظر مدينة طرابلس-العاصمة الثانية للبنان، ويجري تداول مُستفيض في القطاعين العام والخاص عن لعب طرابلس دوراً في إعادة إعمار سوريا، وتشكيلها ما بات مُتعارفاً عليه "منصّة لإعادة إعمار سوريا".
-
-
الكاتب: نقولا طعمة
- 6 نيسان 2017
دبّوسي: طرابلس لعبت دور المدينة الاقتصادية للمنطقة منذ ما قبل لبنان الكبير
يُشكّل دخول الصين على الخط
اللبناني، وتحديداً الطرابلسي عبر بوابة "خط الحرير" الذي يلحظ طرابلس
بمحطة مُطلّة على البحر الأبيض المتوسّط، عنصر تفعيل مُرتَقب للدور الاقتصادي
للمدينة.
ويتحدّث رئيس غرفة التجارة
والصناعة والزراعة في الشمال توفيق دبّوسي عن طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان في
المرحلة المقبلة، مُستنداً بذلك على جملة عناصر قوة كامنة في المدينة، ومحيطها،
تؤهّلها للعب الدور الاقتصادي الهام المُنتظر.
ويرى دبّوسي أن "طرابلس
لعبت دور المدينة الاقتصادية للمنطقة منذ ما قبل لبنان الكبير، وهي لم تخسر هذا
الموقع".
مكامن القوة الطرابلسية مُتعدّدة،
أبرزها: جزء من الخارطة البحرية النفطية يقع في الشمال، مطار القليعات، مصفاة طرابلس التي استقبلت
النفط العراقي منذ أربعينات القرن الماضي، ومعرض رشيد كرامي الدولي القائم على
مليون متر مربع من المساحات والصالات المختلفة، والمنطقة الاقتصادية، والمرفأ الذي
يتمتّع بمكانة هامة نظراً لوقوعه في نقطة تُسهِّل عبور
الناقلات البرية منه إلى الداخل العربي، شرقاً باتجاه العراق، وجنوباً باتجاه
الخليج العربي. وهو يقع على مقربة من قناة السويس، الممر الأهم في التجارة
العالمية ونقطة العبور البحرية الوحيدة بين الشرق والغرب، والتي تستقطب ١٠٪ من حركة النقل التجارية
العالمية".
مع العلم أن
مرفأ طرابلس يحتوي على حوضين مُريحين للرسوّ، وفيه الشروط الأساسية ليؤمّن مُتطلّبات
الشركات، ويستقبل حالياً ثلاثة ملايين ونصف المليون طن من البضائع سنوياً، وزوِّد
مؤخراً برافعات ضخمة تُسهّل حركة التحميل والتفريغ بنسبة عالية.
وعلى الصعيد السياحي، الثروة
الأثرية التي تجعل من طرابلس ثاني أهم مدينة مملوكية في العالم بعد القاهرة، مع
وجود آثار فيها وفي محيطها من مختلف الحقبات التاريخية، والحضارية، وشاطىء مُميّز
يمتد لمسافة تُناهز السبعة كيلومترات، قبالته مجموعة متنوّعة من الجزر، ومنها
محمية جزر النخل.
يتساءل دبّوسي في حديث خاص
بـ
الميادين نت، عن كيفية جعل طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان، حيث تستثمر
لصالح الوطن، ويرى الجواب ب"تفعيل المرافق الاقتصادية الوفيرة الموجودة في
المدينة"، والأهم الإفادة من الموقع الاسترتيجي الذي يصل في ما بين أنحاء
المنطقة مع العلم أن "المدينة شريكة للمدن المتوسّطية، وهي بوابة على
أوروبا".
ويُضيف دبّوسي الطاقات البشرية
الكبيرة، والمعالم الأثرية، على مكامن القوة الاقتصادية، ويقول: "عندما نُفعِّل هذه المرافق، نجذب
استثمارات تخدمها، وتخلق فُرَص عمل. وقد سبق الحديث الكثير عن الإنماء المتوازن،
لكن أنا أرى أن لبنان بحاجة ماسّة لطرابلس ومرافقها، ومكامن القوة الاقتصادية
فيها، كما أن المنطقة تحتاج لبنان، والمجتمع الدولي يحتاج لبنان. وبذلك، نُعتبر
إننا شريك أساسي في التركيبة الكونية للاستثمارات"، وأوضح دبّوسي أن
"السفير الصيني زار المدينة بتكليف من حكومته، في ضوء خطّة خط الحرير، وحمل
منها انطباعاً جيداً.
ويعتقد دبّوسي في ضوء نتائج المباحثات
مع الطرف الصيني أن "العلاقة مع الصين لم تعد قصة معرض صيني دائم في المدينة،
ولا قصة استثمار صغير من الصين في قلب لبنان، فقد أصبحنا قادرين على إقامة شراكة
اقتصادية بين لبنان والصين، نشكّل بها محوراً أساسياً في المنطقة. فالصين أطلقت
"طريق الحرير" القائم على الاقتصاد، ورصدت له ٦
تريليون دولار، ونحن جزء أساسي في هذا الطريق. وهي خصّصت ٢
مليار دولار للاستثمار في لبنان، وبصورة خاصة في الشمال، وطرابلس. وهناك مشاريع
هامة يجري درسها بين البلدين".
ورداً على سؤال، قال دبّوسي أن
"الاستثمارات الصينية في طرابلس ستكون في الخدمات التحتية، والمرافق، ولم تحدّد
حصراً بعد، وسيتم الاتفاق عليها بين حكومتي البلدين. وسيكون القطاع الخاص شريكاً
أساسياً في هذه الورشة".
وتلعب غرفة طرابلس دوراً محورياً
في تفعيل دور المدينة، وتستضيف بصورة مُتواتِرة وفوداً من مختلف الدول، تضعهم في
صورة أوضاع المدينة، ومكامن القوة فيها،أرضا خصبة للاستثمار بأسعار تنافسية عبر
واقعها الاجتماعي والمديني والموقع الاستراتيجي التي تحتله.
مصفاة طرابلس استقبلت النفط العراقي منذ أربعينيات القرن الماضي
يُعلّق دبّوسي على هذه الناحية بقوله: "نحن في طور قيامة جديدة للبنان، وكغرف تجارة، دورنا أن نضيء على مكامن القوة، ونجري عليها أبحاثاً اقتصادية، ونقدّمها للدولة التي هي المنفذ. ونحن والدولة نضع الدراسات، والأسس، والخرائط لنلعب الدور المطلوب، وهناك تزامن بين التأسيس لهذه المشاريع وقيامة لبنان الجديدة".
وأكد أن "العمل والدراسات على المشاريع جارية على قدم وساق، وعندما نكون شركاء في تركيبة كونية، فلا أتصوّر أن الأمور ستنطلق بكبسة زر، وكل يوم هناك تراكم، والمجتمع الدولي شرقاً أم غرباً، يزداد ثقة بلبنان، والمُعطيات التي تكوّنت لديه أثبتت له صلاحية أن نكون شريكاً جيّداً، وهذا ما بتنا نلمسه لدى زيارة أيّ وفد من الوفود الدولية لنا".
ويرى دبّوسي أن "الأمور تحتاج لجهد، ولإدارة ناجحة للبنان، ونحتاج لقرار صارم من الحكومة، ومختلف الأفرقاء لنكون مؤهّلين للعب الدور المنتظر منا".
وختم أن "ليس هناك من ضرورة لأن يعمل أحد أي شيء لطرابلس، فطرابلس حاجة، ولا يستطيع أحد أن ينطلق ويلعب دوراً اقتصادياً في المنطقة، إلا انطلاقاً منها، وعلى أرضها، وهذٰ ما ستثبته المرحلة المقبلة".