ما هي أهداف "داعش" في مصر؟
بعد التفجيرين المزدوجين في كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية الأحد الماضي، واللذين استهدفا أقباط مصر بمناسبة أحد الشعانين، كان رد السيسي أن "من سقطوا هم ليسوا مسيحيين ولا مسلمين، بل هم مصريون!..قبل الولوج إلى الاتهامات التي وُجهت إلى السيسي بسبب "التراخي الأمني" من قبل متظاهرين نزلوا إلى الشارع بُعيد التفجيريْن، لا بد من قراءة المشهد الدموي، بأبعاده المباشرة وغير المباشرة.
السيسي علّق على التفجير بالقول "من سقطوا هم ليسوا مسيحيين ولا مسلمين، بل هم مصريون!
المواجهة طويلة ومستمرة ولازم نخلي بالنا".. وكما لكل فعل إجرامي ردة
فعل رسمية وشعبية، كان قرار السيسي سريعاً بإعلان حالة طوارئ لمدة 3 أشهر في
البلاد، وإقالة مدير أمن الغربية اللواء حسام الدين خليفة من منصبه، وتشكيل مجلس
أعلى لمكافحة الإرهاب في مصر، والتصدّي للخطاب الديني المتطرف. أمّا شعبياً، فقد
ترجمت التظاهرت والاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن ومتظاهرين بعيد التفجيريْن
في الكنيستين، الغضب والاستنكار بسبب ما سموه "التراخي
الأمني" بل أخطر من ذلك "التواطؤ الأمني".
وقبل الولوج الى الاتهامات التي وُجهت الى السيسي بسبب "التراخي الأمني" من قبل متظاهرين نزلوا إلى الشارع بُعيد التفجيريْن، لا بد من قراءة المشهد الدموي، بأبعاده المباشرة وغير المباشرة، فكان لـ الميادين نت مقابلة مع الباحث المصري في الشؤون الإسلامية مصطفى زهران، الذي رأى أن التنظيمات المتطرفة كـ"داعش"، وبعد انحساره جغرافياً في عواصم ومراكز مهمة في العراق والموصل (يسيطر حالياً على 6,8% من الأراضي بحسب وكالة فرانس برس) والاستعدادات لمعركة الرقة، بدأ يبحث عن بدائل وآليات مغايرة لإعادة التموضع مرة أخرى عبر اللعب على وتر الإثنيات والأقليات، في ظل سياق عام يدفع نحو المزيد من الاحتقان المذهبي وتفعيل فكرة الطائفية، خاصة في الحالة المصرية.
وبحسب زهران، فإن الحالة الطائفية التي تنتهجها التنظيمات الإسلامية المتشددة منذ مطلع الثمانيات والتسعينات، هي استراتيجية موروثة في مخيلة الإسلاميين الراديكاليين، وبالتالي، هي تعرف انعكاساتها وتداعياتها على الواقع المصري.
لماذا يتجه "داعش" نحو استهداف الأقباط؟
أما بالنسبة إلى الباحث المصري والمتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة مصطفى أمين، فقد اعتبر في تصريح للميادين نت أن "داعش" حققت أهدافها في التفجيريْن، وذلك بإسقاط أكبر عدد من الضحايا بالإضافة إلى الهدف الأهم، وهو بإحداث أكبر ضجة ممكنة، عبر تزامن تفجير الكنيسة المرقسية وترؤس بابا الأقباط في مصر تواضروس الثاني قداس "أحد الشعانين" داخلها، وهو الذي أكد في أول ردة فعل له بعد التفجير مباشرة أن "الإرهاب لن ينجح في شق صف المصريين والنيل من وحدتهم واستقرارهم". وبالعودة إلى تحليل المشهد ما بعد التفجيرين، وبحسب أمين، فإنّ هناك خلايا للتنظيم الأم تخطط وتقدم الدعم اللوجستي وتشارك في التنفيذ من خلال "ولاية سيناء"، وفي حال لم يتم استئصال الإرهاب من جذوره وتفكيك الخلية، فإن المرحلة القادمة تنبئ بموجة من التفجيرات قد تكون "الأشد كارثية" على صعيد المدنيين، مع الإشارة إلى أن الأقباط هم الخيار الأسهل "للقتل" بعد قرار داعش "المحلي" باستهدافهم بذريعة أنهم "كفّار"، وفق معتقد التنظيم. بعد كل تفجير، يسأل المحقق أولاً "من هو المستهدف؟" ليرشده الى طريق الجاني. وفي هذه الجريمة، الجاني الداعشي أعلن عن مسؤوليته بفخر والمستهدفون هم أقباط مصر بشكل خاص، الذين يعتبرون من كبرى الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط وأقدمها، والمسيحيين بشكل عام، فماذا عن التراخي الأمني الذي اعتبرته عدة أطراف في مصر من مسؤولية السيسي، وما أهمية الأمن الوطني؟
3 نقاط أساسية حول "التراخي الأمني" والأمن الوطني المصري
![](https://alpha-ar-media.almayadeen.net/archive/image/2017/4/11/8f38ff55-07a7-475c-8c4f-c259fd6d0c42.jpg?width=700&height=-700&mode=crop&scale=both&format=webp)
وثانياً: الاعتماد على العقول الفكرية التي تعرف جوهر هذه التنظيمات ولديها القدرة على استنباط الدوافع المُحركة والتحركات المستقبلية لهم، وثالثاً: تسليط الضوء على تلك المفارز خاصة وأنّ "داعش" يعول عليها في خطواتها التالية. أما عن سيناريو "التواطؤ الأمني" الذي أثير في الشارع المصري، فيؤكد زهران أن "مثل هذه الأعمال الإرهابية تحرج النظام المصري والسيسي، خاصة أنه يقدّم نفسه للعالم بأنه قادر على مواجهة الإرهاب الخارجي، بحسب ما قال في كلمة له خلال لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يعني أن أي حديث عن تواطؤ هو أمر من نسج الخيال".
ما هي أهداف داعش في مصر؟
بعد التفجيريْن، البعض أعاد إلى الذاكرة سيناريو تفجير كنيسة القديسين في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، متسائلين "هل يتكرر السيناريو مع السيسي، خاصة في ظل تحذيرات "هيومن رايتس ووتش" للسلطات المصرية بوجوب اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الكنائس والمنشآت الدينية من هجمات الحشود الغوغائية، من جهة، وإجراء تحقيق في أسباب تغيب قوات الأمن أو إخفاقها في التدخل حتى عند إبلاغها بالاعتداءات الجارية، من جهة أخرى..وهو ما أدّى إلى إحراق ونهب عشرات الكنائس والممتلكات المسيحية في محافظات المنيا وأسيوط والفيوم والجيزة والسويس وسوهاج وبني سويف وشمال سيناء، منذ 14 آب/ أغسطس 2013.