ميدانيات مصر: عودة للغارات الجوية في ليبيا

الموجات الهجومية التي نفذتها القوات الجوية المصرية الشهر الماضي على عدة مناطق في ليبيا، جاءت رداً على عملية إرهابية تبناها تنظيم داعش تمّ فيها استهداف حافلة كانت تقلّ عدداً من الأقباط المتجهين إلى دير الأنبا صموئيل قرب المنيا بهجوم شنّته 3 عربات رباعية الدفع أمطرت الحافلة بوابل من الرصاص.

مدينة درنة هي هدف الموجة الهجومية الأولى
لعل الموجات الهجومية التي نفّذتها القوات الجوية المصرية خلال أيام 26 و27 و28 من الشهر الماضي على عدة مناطق في ليبيا، لعلها تمثل التطور الميداني الأهم في مصر خلال الفترة من يوم 20 من الشهر الماضي وحتى اليوم.
الغارات جاءت ردّاً على عملية إرهابية تبنّاها تنظيم داعش تمّ فيها استهداف حافلة كانت تقلّ عدداً من الأقباط المتجهين إلى دير الأنبا صموئيل قرب المنيا بهجوم شنّته ثلاثة عربات رباعية الدفع أمطرت الحافلة بوابل من الرصاص، مما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 25 شخص. 
اختلفت هذه الموجات عن الغارات التي شنّها سلاح الجو المصري على درنة الليبية في شباط / فبراير عام 2015 في عدة نقاط منها أن الغارات المصرية "المستمرة حتى الآن" على ليبيا أتسع نطاقها ليشمل مدينة درنة وعدة مناطق في محافظة الجفرة بوسط ليبيا، كما أن هذه الغارات تشارك فيها للمرة الأولى "بشكل معلن" المقاتلات فرنسية الصنع متعددة المهام "رافال".

كانت مدينة درنة هي هدف الموجة الهجومية الأولى، حيث أقلعت مقاتلات الـ"أف16" معززة بمقاتلات الـ"رافال" التي نفذت في هذه الموجة مهام الحماية الجوية للمقاتلات المنفذة للغارة، مستخدمة تسليح مكون من أربعة صواريخ جو – جو من نوع "ميكا" يتم توجيهها حرارياً أو رادارياً، وتسلّحت المقاتلات المنفذة للغارة بقنابل الإسقاط الحر "MK82" والقنابل الموجهة بالليزر "GBU-12". 


استهدفت المقاتلات في هذه الموجة الجانب الغربي من مدينة درنة، حيث استهدفت مناطق تمركز لقوات ما يعرف بـ"مجلس شورى مجاهدي درنة"، منها ثلاثة مواقع قرب المدخل الغربي للمدينة بجانب منطقة الحجاج، وموقع ساحلي مقابل لشركة الجبل الأخضر التي تمّ قصفها في غارة 2015. 

في الموجات المعلنة الثانية والثالثة اتسع قوس العمليات ليشمل مدينة درنة بجانب مدن الجفرة والهون وودان وهي تبعد حوالي 1000 كيلو متر عن الحدود المصرية. نفذت هذه الغارة بشكل أساسي مقاتلات الـ"رافال" مدعومة بمقاتلات الـ"أف 16" وطائرة الإنذار المبكر "E2C Hawkeye"، واستهدفت في مدينة درنة منطقة الفتائح ومناطق الملعب البلدي، ومقر اللجنة الشعبية السابق ومقر الشركة الصينية، وفي الجفرة استهدفت مخازن الذخيرة والمساكن العسكرية في مطار الجفرة بجانب مقار الأشغال العسكرية والشرطة العسكرية وثلاثة كتائب عسكرية في الهون وودان. 

أسفرت الغارات عن تدمير كبير في الأهداف المغار عليها، ومقتل عدد من منتسبي مجلس درنة منهم أبو مصعب الشاعري. تزامنت هذه العمليات مع عمليات جوية وبرية نفذها الجيش المصري وقوات حرس الحدود في المثلث الحدودي مع ليبيا والسودان "مثلث العوينات"، تستهدف تعزيز عمليات المراقبة والرصد ومنع أية محاولات للتسلل.


في سيناء، تقلصت وتيرة العمليات العسكرية المعلنة للقبائل السيناوية بعد فترة سابقة شهدت نشاطاً ملحوظاً لهذه القبائل -أشرنا له- في الملف الميداني السابق، اقتصرت عمليات القبائل على عمليات التمشيط ونقاط المراقبة على الطرق والمدقات الفرعية التي كان يستخدمها عناصر تنظيم داعش في تنقلاتهم. 

أعلنت عدة قبائل جديدة انضمامها للعمليات المشتركة مع الجيش المصري منها قبائل الحويطات والمساعيد والتياها والأحيوات وهي قبائل تنتشر في وسط وجنوب سيناء. كان لافتاً عثور إحدى دوريات القبائل على كمية من الألغام المضادة للأفراد إسرائيلية الصنع في أحد المخابئ بوسط سيناء. بالنسبة لنشاط داعش في هذه الفترة فقد أقتصر على عمليات للقنص ضد حواجز الجيش المصري جنوب العريش بجانب محاولة فاشلة لاستهداف مدرعة مقاومة للعبوات الناسفة في شارع أسيوط وسط العريش، ونجاح جزئي لتفجير مماثل في منطقة المساعيد بالعريش. 


حاول تنظيم داعش معاودة نمط الهجمات الكبيرة على تمركزات الجيش المصري فهاجم بعدة عناصر مسلحة أحدى كمائن الجيش في مدينة الشيخ زويد، لكن فشل الهجوم الذي تلاه تفجير لسيارة مفخخة على أطراف منطقة الكمين، وكان الفشل نصيب اشتباك محدود جرى بين عناصر داعش وقوات الجيش قرب ميناء رفح.


في المقابل، شهدت عمليات الجيشين الثاني والثالث تصاعداً كبيراً، ففي نطاق الجيش الثاني في شمال سيناء قامت المروحيات الهجومية بإحباط هجوم كان يستهدف أحدى تمركزات الجيش ودمرت سيارتي دفع رباعي كان من المفترض أن تنفذا الهجوم، كما دمرت عربة مفخخة كانت ستستخدم في هجوم مواز. دمرت قوات الجيش الثاني في هذه الفترة نفقين كبيرين على الحدود مع فلسطين المحتلة و7 مخابئ لمسلحي داعش وألقت القبض على نحو 15 مشتبه به. في عمليات وسط سيناء قتلت قوات الجيش الثالث الميداني ما مجموعه 6 من عناصر داعش في اشتباكات متفرقة منهم فلسطينيين يدعى فادي الحجار وأحمد زقوت، بجانب تدميرها 4 سيارات رباعية الدفع، وصادرت سيارة كانت محملة بالمتفجرات ومعدات تصنيعها أثناء محاولتها عبور نفق الشهيد أحمد حمدي باتجاه سيناء.


على أثر حادث المنيا، تنفذ حالياً قوات الجيش والشرطة عمليات في نطاق مدن الجنوب المصري الرئيسية "أسيوط – المنيا – سوهاج"، حيث تنفذ قوات مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية عمليات رئيسية في جبل أسيوط الغربي ومناطق القوصية وصدفا وديروط ومنفلوط، وتنفذ قوات حرس الحدود عمليات تمشيط وبحث في منطقة الواحات البحرية، نتج عنها رصد وتدمير عربتي دفع رباعي واستشهاد 4 أفراد من قوات البحث بعد انفجار عبوة ناسفة أثناء العمليات في منطقة شرق الباويطي. 


في القاهرة تمكنت وزارة الداخلية من القبض على أحد عناصر حركة "حسم" المسلحة وهو أحد المشاركين في الهجوم على دورية أمنية في دائرة شرطة مدينة نصر الشهر الماضي.

اخترنا لك