"أنا شارلي".. بين حرية الإهانة وإهانة الحرية
إعادة نشر الرسوم المسيئة للإسلام، تلاقت مع حملة "أنا شارلي" بذريعة الدفاع عن حرية التعبير، لكنها قد تكون تعبيراً عن أحكام مسبقة تتنافى مع ادعاء الارتقاء الديمقراطي.
على خلاف هذا التضامن مع الضحايا في ألمانيا، نجحت مراكز القوى في فرنسا بتوظيف الإرهاب لمناصرة إساءات "شارلي إيبدو"، وسعت ما أمكنها ذلك بالحكم على نوايا المسلمين واتهامهم بالتعاطف مع الارهاب. إعادة نشر الرسوم المسيئة، ربما تأتي في هذا السياق للاستفزاز، وهي تشبه هتاف "اسرائيل ستحيا، إسرائيل ستنتصر"، للثأر من مناصري فلسطين وشعارهم "فلسطين ستحيا، فلسطين ستنتصر". غير أن صناعة الرأي العام في فرنسا، تحاول تبرير الإساءة بذريعة الدفاع عن حرية التعبير والحق في الإهانة، وهو ما يرفضه عدد وازن من أصحاب الرأي في أوروبا، الذين يؤكدون أن الإساءة إلى حرية المعتقد جريمة، كما هي جريمة الإساءة لكرامة الأفراد في أوروبا، أو قوانين الاتهام بمعاداة السامية. الأدهى، كما يقول بعض كبار المثقفين، أن الرسوم المسيئة هي نسخة طبق الأصل عن الخرافات التي شاعت ضد المسلمين، في القرون الوسطى، حين كانت أوروبا تغرق في الجهل والاستبداد. وأن هذه الخرافات مناقضة لثقافة التسامح التي بشرت بها الجمهورية والديمقراطية. وزير الداخلية الفرنسي يعتقد أن الارهابيين ينشأون في السجون، لكنه ربما لا يتحسب العواقب في سجن جاليات الضواحي التي تنتظر تشديد القبضة الأمنية، أو الاستفزاز والإهانة بدعوى قيم الحرية. أحد مفكري أوروبا البارزين، يقول محذراً: حرية الإهانة هي إهانة للحرية.