منصة موسكو ترفض تبني رؤية الهيئة العليا ففشلت لقاءات الرياض
فشلت لقاءات الرياض بين الأطراف السورية المعارضة بالتوصل إلى اتفاق، أو على الأقل إلى بداية اتفاق، من أجل توحيد المعارضة السورية في وفد واحد يشارك في محادثات جنيف في مواجهة الوفد الحكومي السوري، رغم الاتصالات المكثّفة التي أجراها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مؤخراً مع المسؤولين السعوديين ونجاحه في الضغط على منصة موسكو للقبول بالذهاب إلى الرياض، بعد رفض هذه الأخيرة مرارا عقد أي لقاءات "ذات طابع تفاوضي خارج جنيف وبرعاية الامم".
وكانت البيانات أو التصريحات التي صدرت عن الهيئة العليا للمفاوضات ومنصة موسكو في ختام لقاءات الرياض واضحة لجهة إعلان الفشل الذريع، وتحميل كل طرف للآخر المسؤولية عن هذا الفشل.
وقالت منصة موسكو في بيانها إن سبب استمرار الخلافات هو "إصرار منصة الرياض على الشروط المسبقة بما يتعلق برحيل الرئيس السوري وبفكرة الإعلان الدستوري، و"هي شروط من شأنها منع الوصول إلى المفاوضات المباشرة ومنع الحل السياسي والانتقال السياسي تالياً".
من جهتها قالت الهيئة العليا في بيان مقتضب لها إن ممثلي "مجموعة موسكو رفضوا الإقرار بأي نصٍّ يشير إلى مطلب الشعب السوري برحيل بشار الأسد، وأن لا يكون له أي دور في السلطة الانتقالية". وعقدت الأطراف المعارضة ثلاثة لقاءات، وكشفت الأوساط التي شاركت في في هذه الاجتماعات أن اللقاء الأول كان ودياً وهادئاً، وتم فيه "تبادل وجهات النظر على أساس ما تم التفاهم عليه في اللقاءات التقنية الماضية"، وخصوصا اللقاءات التي عقدت بين المنصات الثلاث في مدينة لوزان السويسرية في حزيران/ يونيو الماضي، كما أن اللقاء الثاني، وهو اللقاء الذي شارك فيه وكيل الخارجية السعودية عادل المرداد، كان "مقبولاً"، بحسب الأوساط، وأن المرداد ركز على أخذ المتغيرات الأخيرة على المستويين السياسي والميداني في سوريا بعين الاعتبار، ما يذكّر بالكلام المنسوب لوزير الخارجية السعودية عادل الجبير مطلع آب/ أغسطس الجاري والتسريبات حول نصيحة الجبير للهيئة العليا بالتعاطي مع واقع "أن الأسد باق".
لكن اللقاء الثالث الذي عقد مساء الثلاثاء كان مصيره الفشل، وبحسب المعطيات فإن فريق الهيئة العليا (وبتطابق شبه تام مع فريق منصة القاهرة) رفض فكرة تشكيل وفد واحد، على أساس أن ذلك "يمنح للمنضوين تحت لواء هذا الوفد حرية الخيار والموقف السياسيين، فيما يلزم الوفد الموّحد الجميع بموقف سياسي موحد".
وتنطلق استراتيجية الهيئة العليا للوفد الموحد على المستوى السياسي من اعتراف الجميع بالرؤية السياسية للهيئة العليا التي وضعت في خريف العام 2015، وهي التي تتحدث عن رحيل فوري للرئيس السوري والبدء بسلطة انتقالية لا دور فيها للحكم الحالي، وبوضع "إعلان دستوري" مؤقت للعمل به خلال المرحلة الانتقالية وقبل وضع الدستور السوري الجديد".
أما على المستوى الاجرائي، فإن هذا الوفد سيخرج الى العلن انطلاقاً من مؤتمر الرياض2 المقرر في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، الذي تعمل السعودية على إقناع المنصات الأخرى بالمشاركة فيه للاتفاق على الموقف السياسي الموحد والوفد المفاوض الموحد.
لكن هذه الرؤية لاقت رفضاً تاماً من جهة منصة موسكو، التي ترى أن تشكيل وفد موحد يجب أن يتم على أساس برنامج سياسي واضح يوافق عليه الجميع، وشرط هذه المنصة لتشكيل هذا الوفد هو عدم طرح أي شروط مسبقة، كرحيل الرئيس السوري أو العمل بدستور مؤقت قبل الاتفاق بين السوريين على دستور جديد، وترى منصة موسكو أن الدستور الحالي يصلح، مع بعض التعديلات للمرحلة الانتقالية ريثما يضع السوريون دستورهم الجديد. مصير محادثات جنيف الفشل الذي منيت به لقاءات الرياض سيؤثر، بحسب أوساط أممية، على مسار محادثات جنيف، وكان ستافان دي مستورا، المبعوث الأممي قد عوّل كثيراً على مساعي توحيد المعارضة، وبدا في آخر مؤتمر صحافي عقده في جنيف الخميس الماضي متفائلاً جداً بامكانية التوصل إلى ذلك قبل الجولة القبلة من المحادثات، ودعا الجميع إلى انتظار "التغييرات الهامة التي ستحصل في أكتوبر المقبل".
وأشارت الأوساط الأممية للميادين أن دي مستورا سيضطر للعودة إلى السيناريو المعمول به سابقاً في الجولة المقبلة، أي عقد لقاءات ثنائية مع كل وفد بمفرده.