ماكين واحتمالات النهاية: تهور وتطرف السيناتور الجمهوري يلاحقانه انتخابياً
تحفل وسائل الإعلام العربية المختلفة باهتمام كبير للسيناتور الجمهوري جون ماكين، وتعج بالمبالغات لدور هذا السياسي المخضرم، وتسند له ميزات قد لا يستحقها، وترسم حوله هالة سياسية غير عادية لشخص يهوى الأضواء. بيد أن هناك شبه اجماع على دوره كممثل وفيّ للنخبة السياسية الأميركية وتيارها الأشد عدوانية واستعداداً للمغامرات العسكرية الأميركية في المنطقة العربية والتي تصب في خدمة الكيان الصهيوني.
ماكين والعرب
يعتبره البعض، عن حق، بأنه وزير الحرب المتنقل لاحداث "الربيع العربي،" وله دور ظاهر في كافة الاحداث العالمية، اذ "بعد ظهوره في اي مكان نشهد اراقة الدماء." وكان تحركه لدعم الجماعات المسلحة بارزاً في كل من سورية وليبيا، قبل وبعد اندلاع المواجهات ضد حكومتي البلدين. يشتهر ماكين ايضا بتهوره وتصريحاته الجادة بلغة السخرية، وهو الذي طالب الرئيس اوباما "اقصف اقصف ايران." كما قارن على حساب تغريده الخاص الرئيس الايراني السابق، محمود احمدي نجاد، بالقرد قائلا "اذن احمدي نجاد يريد ان يصبح اول ايراني يزور الفضاء، ولكن ألم يكن هناك منذ أسبوع مضى؟".
مستقبل ماكين
الانتخابات المحلية في ولاية اريزونا لها ما يميزها من تعقيدات واجراءات. اذ من المتوقع ان تصدر المحكمة العليا الفيدرالية قراراً حول شرعية اعادة ترسيم الخريطة الانتخابية في اريزونا، كما ارادها الحزب الجمهوري. القضية امام المحكمة تضع قطبين في الحزب الجمهوري في مواجهة بعضهما: كونغرس الولاية تحت سيطرة الجمهوريين ولجنة اعادة ترسيم خريطة التمثيل التي صادق عليها الكونغرس عينه. كيركباتريك استبقت القرار المنتظر صدوره خلال بضعة اسابيع ربما لاحراج قادة حزبها الديموقراطي وكسب تأييده مبكرا. القراءة الاولية لمداولات المحكمة العليا تشير، وان ليس يقينا، بميلها للمصادقة على حق برلمانات الولايات المحلية اعادة ترسيم خرائطها وفق ما تقتضيه النسب الديموغرافية؛ وفي حال اريزونا فانها تميل لصالح الحزب الجمهوري. عندئذ سيذهب مقعد كيركباتريك لصالح مرشح عن الحزب الجمهوري وفق خريطة التمثيل المستحدثة التي تحرم تواجد اغلبية شعبية مؤيدة للحزب الديموقراطي في الدوائر المختلفة. احدث استطلاعات الرأي، 1-3 أيار الجاري، اشارت الى تقدم جون ماكين بنسبة 42% على خصمه كيركباتريك 36%، واحجام نحو 23% من الناخبين عن تأييد اي منهما في الوقت الراهن. كما ان ماكين حافظ على نسبة تفوقه امام مرشحين ديموقراطيين آخرين. يشار الى ان اغلبية الناخبين المصنفين بالمترددين تميل الى تأييد الحزب الجمهوري في المحصلة النهائية. يتفوق ماكين ايضا على خصمه كيركباتريك ماديا، اذ لديه سيولة نقدية يبلغ حجمها 3,6 مليون دولار مقابل 297,000 لخصمه. جولة الانتخابات الابتدائية، للمرشحين الجمهوريين، ستعقد قبل الانتخابات العامة في شهر تشرين الثاني المقبل؛ وهي الجولة التي سيواجه فيها ماكين تحديا ومنافسة داخلية عقب توجيه اللوم له من قبل اعضاء الحزب في الولاية، منتصف العام الماضي، للاعراب عن عدم الرضى لسياساته نحو مسالة الهجرة. اعرب عدد من المرشحين المحتملين عن الحزب الجمهوري نيتهم دخول السباق الانتخابي لمنافسة ماكين، معلقين امالاً على غضب القواعد الانتخابية واحجامها عن تأييد ماكين. في الجولة السابقة، استطاع ماكين سحق منافسيه داخل حزبه. مقاطعة ماريكوبا الكبرى التي تضم العاصمة فينكس تعد معقلا لعدد من معارضي ماكين. خزينة ماكين وسيولة النقد الجاهزة قد تسعفه في تجاوز عقبة المرحلة الابتدائية، وتؤهله دخول الجولة النهائية اكثر اطمئناناً خاصة وان ولاية اريزونا تميل بغالبيتها لتأييد مرشحي الحزب الجمهوري.
ماكين في السياسة الخارجية
يتهمه البعض بالتهور وجاهزيته للمغامرة العسكرية وهو الداعي الدائم لاستخدام تفوق سلاح الجو الاميركي لمواجهة اي تحديات تتراوح بين الدولة الاسلامية وتشمل سورية وايران. ويعتبر افضل تجسيد للمأثور الشعبي الاميركي "ان لم يتوفر لديك سوى مطرقة، تصبح كافة العقبات امامك مسمارا." يولي ماكين اهمية عالية لهيكلية سلاح البحرية على خلفية خدمته الالزامية كقائد طائرة مقاتلة في سلاح البحرية الاميركية، ويمارس نفوذه في المصادقة على تعيين قادة البحرية الى اقصى الحدود. كما يمثل امامه كافة المرشحين لمناصب سياسية وديبلوماسية رفيعة طمعا في نيل مصادقة لجنته وفق النصوص الدستورية. الأمر الذي يضاعف نفوذ وهيبة ماكين في نظر الجميع، لنهاية العام المقبل على الاقل. ما ينتظر ماكين بعد 2016 يبقى رهن نتائج الانتخابات المقبلة، وهو يدنو من عامه الثمانين ان فاز بالانتخابات. اقطاب حزبه الجمهوري تسعى لفرز مرشح اصغر سنا دون المساس بهيبة ماكين، الأمر الذي ستحسمه الايام المقبلة داخل فرع الحزب في ولاية اريزونا. اعرب ماكين مرارا عن عدم قلقه من "الربيع العربي،" خاصة امام تنامي الخشية من بروز تيارات اسلامية متطرفة. ويكرر على مسمع مؤيديه ان الوضع الراهن "يشكل فرصة للتحرر من الديكتاتوريات سواء رغبت الولايات المتحدة ام لا."