في فترة صعبة جداً.."هرتسوغ" رئيساً جديداً لـ"إسرائيل"
يعدّ هرتسوغ من داعمي حلّ الدولتين، وهذا بغية الحفاظ على الغالبية اليهودية في "إسرائيل". في نهاية العام 2015 أعلن أنه لا يوجد إمكانية لتنفيذ حلّ الدولتين، حتى تحدث تغييراتٍ سياسيةٍ ضروريَّةٍ في الشرق الأوسط.
شَهِد جدول الأعمال الإسرائيلي الداخلي، أمس، حدثاً رسميّاً هامّاً، تمثل بتنصيب الرئيس الإسرائيلي الحادي عشر، إسحاق هرتسوغ، الذي انتُخب الشهر الماضي خلفاً للرئيس المُنصرف، رؤوفين ريفلين، لولاية من 7 سنوات.
الولاية الحالية والسابقة، ترافقت مع واقع التشظيّ والانقسامات الاجتماعية والسياسية غير المسبوقة، وهو ما وجد تعبيره في مضامين الكلمات التي أُلقيت في مراسم التنصيب في الكنيست، وعكست -بوضوح- مخاوف القادة والمسؤولين الإسرائيليين من خطورة الوضع الداخلي في المجتمع الإسرائيلي، حيث عبّر كل الخطباء عن مخاوفهم من خطر هذا الانقسام، حتى عدّه بعضهم تهديداً وجودياً يتجاوز النووي الإيراني.
خطابات تُحذر من خطورة الانقسامات
شّهِدت الهيئة العامة للكنيست، أمس الأربعاء، جلسة خاصة لأداء "رئيس الدولة" المنتخَب إسحاق هرتسوغ، يمين الولاء، ومباشرةِ مهام منصبه كالرئيس ال 11 لـ"إسرائيل".
وعكست الخطابات التي أُلقيت في المراسم الاحتفالية، مخاوف القادة الإسرائيليين من خطر الانقسامات والتصدعات الاجتماعية في "إسرائيل". وشدّد كل من الخطباء الثلاثة في الاحتفال: الرئيس الإسرائيلي الجديد إسحاق هرتسوغ، ورئيس الكنيست، ميكي ليفي، والرئيس المُنصرف رؤوفين ريفلين، على أهمية دور الرئاسة في رأب الصدع الداخلي، محذرين من اتجاهات مقلقة وخطرة تسلكها الصراعات والسجالات الداخلية.
رئيس الكنيست افتتح الجلسة الاحتفاليّة بالقول إنه: "في دولة مرّت بالحروب والأزمات والانقسامات والتي فيها تنوّع ثقافي ديني وطائفي كدولتنا، فإن مؤسسة الرئاسة هي ضرورية وإلزامية. إنّها الصوت الموحِّد والرسمي الذي يجعل جميع المواطنين يشعرون بأنهم جزء منها".
ومتوجِّهاً بالحديث للرئيس الجديد قال ليفي: "أنت تباشر مهام منصبك في فترة صعبة، حيث أن المجتمع أكثر انقساماً وتشرذماً من أي وقت مضى". وأضاف "الحديث يدور عن تهديد وجودي حقيقي.. إنه خطر أكبر حتى من البرنامج النووي الإيراني".
الهواجس نفسها عبّر عنها الرئيس المُنتخَب، بالقول إن "هذه الأيام ليست أياماً عادية إنّما أيام تنهزم فيها التصرّفات الرسمية أمام الاستقطاب. أيام فيها الروح الموحِّدة والقيم المشتركة أكثر هشاشة من أي وقت مضى". وحدّد هرتسوع سلّم أولوياته للمرحلة المقبلة بالقول :"سأشرع في رحلة بين الخلافات والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي.. رحلة تهدف إلى إيجاد القواسم المشتركة ضمن الخلافات"، وتابع هرتسوغ: "في كل يوم يزداد الشعور بالاغتراب، والاغتراب بين الأفراد والمجموعات من شأنه أن يتسبّب، لا سمح الله، في الشعور بالاغتراب بين المواطنين ووطنهم."
من جهته ذكّر الرئيس المنصرف رؤوفين ريفلين بـ "خطاب القبائل الأربع"، الذي ألقاه في بداية ولايته: "عندما توليتُ منصبي، ألقيت خطاباً، نال اسم "خطاب القبائل"، هو نال الاسم بسبب جزئه الأول الذي عكست فيه الواقع الديمغرافي والثقافي المتغيّر الذي تحيا فيه"، وأضاف أن "القبائل المختلفة في المجتمع الإسرائيلي موجودة هنا لتبقى".
آمال وفرص
رأى معلقون أن "هرتسوغ" قد يُدرج في غضون وقت قصير على لائحة الرؤساء الأقوياء والمؤثرين. وبالنظر إلى الظروف السياسية في "إسرائيل"، ومعرفته بزعماء العالم (بحكم موقعه السابق) يمكن أن تساعده في أن يتحوّل إلى شخصية أساسية في الشأن العام الإسرائيلي خلال السنوات السبع المقبلة.
أزمة الحكم في "إسرائيل" والائتلاف الهشّ الذي تشكّل، أيضاً قد يضعا "هرتسوغ"، المخضرم والمتمرّس، في مركز المساعي لإعادة الاستقرار الحكومي. وقد يُصبح شخصية مرغوبة في مكاتب زعماء العالم، من جملة أمور بسبب الأهلية السياسية الضعيفة لرئيس الحكومة الجديد، نفتالي بينت، والصعوبة في تقديم عملية سياسية في الولاية المقبلة.
ويشير معلقون إلى أنه في المؤسسة السياسية، بعد أربع عمليات انتخابية متتالية وإمكانية تفكّك الحكومة الجديدة في أي لحظة، فإن لدى "هرتسوغ" ميزة كبيرة: أمامه سبع سنوات آمنة في المنصب. لا يخشى الإقالة وولايته ستكون جزيرة الاستقرار في الساحة العامة التي تغلي. يوجد لذلك انعكاسات كبيرة: رئيس دولة معتاد على مدى سنوات الحفاظ على الموضوعية السياسية. هرتسوغ لا يمكنه تفضيل طرف على غيره في الخارطة السياسية، لكن في ظل الأزمة المستمرة وحقيقة أنها حكومة تعكس آراء متنوعة واسعة، باستطاعته أن يشمّر عن ساعديه ويتخذ مبادرات موضع خلاف في محاولة لمنع انهيارها. وفي ظروف معيّنة، يمكن أن يسرّع دخول الكتل الحريدية إلى الائتلاف، انطلاقاً من رغبة بإعطاء هذا الجمهور مكاناً للتعبير من على منصة الحكومة.
من ناحية أخرى، يبدو، بحسب معلقين، أن قضية واحدة ساخنة، قد تحدّد ولايته: القرار الذي قد يتدحرج أمامه حول إعطاء عفو لنتنياهو، في حال أدين بالجرائم الخطرة المنسوبة إليه.
مواقف هرتسوغ
يعدّ هرتسوغ من داعمي حلّ الدولتين، وهذا بغية الحفاظ على الغالبية اليهودية في "إسرائيل". في نهاية العام 2015 أعلن أنه لا يوجد إمكانية لتنفيذ حلّ الدولتين، حتى تحدث تغييراتٍ سياسيةٍ ضروريَّةٍ في الشرق الأوسط.
عرض هرتسوغ مطلع عام 2016 في خطته السياسية التغييرات والخطوات التي يجب أن تجري بناء "خطة الفصل" عن الفلسطينيين.
دعم بشكلٍ متتالٍ مواجهة البرنامج النووي الإيراني، سواء في عمليات إسرائيلية مستقلة أو عبر تحالف دولي.
عمل على توثيق العلاقات مع الدول العربية "المعتدلة"، وخلال خدمته كرئيسٍ للمعارضة التقى سرّاًَ مع زعماء بارزين لهذه الدول.
عرض هرتسوغ خطته الاقتصادية في كتابه "خطّة عمل- وصفة لرفاهية اقتصادية"، الذي نشره خلال خدمته كوزيرٍ للرفاهية (2010). بحسب وجهة نظره، على الدولة تحمّل مسؤولية حيال مواطنيها في مجالاتٍ محدّدة ومن بينها الصحة، الثقافة، الرفاهية وتشجيع التشغيل.