إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران.. كيف ينعكس ذلك داخلياً وخارجياً؟

الشعب الإيراني يقول كلمته عبر صناديق الاقتراع، وينتخب المرشح إبراهيم رئيسي رئيساً له، والمرشد الإيراني السيد علي خامنئي يؤكد أن "الشعب هو الفائز الأكبر".

  • ينتقل الثوري المخضرم إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة الإيرانية، ممسكاً بالثوابت والمرونة معاً.
    ينتقل الثوري المخضرم إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة الإيرانية، ممسكاً بالثوابت والمرونة معاً

سجل الإيرانيون الذين توافدوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع نسبة مشاركة مرتفعة، ليرسموا مشهد نجاح الانتخابات بجدارة واستحقاق، وليثبتوا وعياً وانتماء وقدرة على اتخاذ القرار بممارسة الحق الكامل في الاقتراع والاختيار.

وتدفقوا إلى الصناديق بكل ألوانهم ومكوناتهم ليسقطوا مخططات الفتنة، ورهانات الانقسام والتشرذم، وليخطوا بأصواتهم انتكاسة كبرى لحسابات تحالف الحرب والتطبيع في المنطقة.

إبراهيم رئيسي رجل الدين المشهدي، وابن القضاء منذ شبابه، ثمّن موقف الشعب الإيراني ومشاركته في الانتخابات، واعداً بتحقيق وعوده التي قطعها، حيث قال: "أتمنى أن أكون محل ثقة الشعب الذي انتخبني، وأن أعوض هذا الأمر في أثناء خدمتي".

وأضاف: "أشكر الشعب الإيراني العزيز على فطنته، كما أشكر الله على ثقة الناس بي، بالطبع سأستفيد من تجربة حكومة السيد روحاني وسيكون لي اجتماعات مع أعضاء حكومته".

فوز رئيسي الذي خاض معترك السباق كمرشح مستقل، قد يراه البعض انتصاراً لـ"التيار الأصولي" على منافسه "الإصلاحي"، إلا أن كثيرين يرون تياراً ثالثاً يسمى التيار الثوري قد ولد فعلاً في البلاد، فنصّب رئيسي رئيساً وعلق عليه آمالاً لم يحققها الإصلاحيون والأصوليون على مر السنين.

الحدث شكلاً ومضموناً يبعث رسالة لا لبس فيها: "الجمهورية تنتصر، والثورة تنتعش، ورئيسي رئيساً".

نتائج الرئاسيات الإيرانية شكلت انتكاسة حقيقية لتحالف الحرب والتطبيع في المنطقة، ولا سيما مع احتشاد الشعب الإيراني رافعاً صور الشهيد قاسم سليماني ومردداً شعاراته.

بانتخاب رئيسي رمت إيران الكرة في ملعب الأميركيين والأوروبيين في المفاوضات النووية بكل ما يمثل رئيسي، حددت ما تريده تماماً من أي اتفاق مستقبلي.

موقع "أكسيوس" الأميركي نقل عن مسؤول أميركي رغبة الإدارة الأميركية في إبرام صفقة للعودة إلى الاتفاق النووي النهائي في غضون 6 أسابيع، أي قبل تولي الرئيس الإيراني الجديد مهامه، وإذا ما صحت هذه المعلومات ففوز رئيسي هو انتكاسة لاستراتيجية الضغط القصوى التي تمارسها واشنطن ضد طهران من حصار وعقوبات واستعمار ناعم، وهو انتكاسة لتحالف الحرب والتطبيع في المنطقة وكابوس لـ"إسرائيل".

ليس الفوز وحسب، بل هذه التظاهرة الديمقراطية الإيرانية برمتها التي شاركت فيها نسبة مرتفعة من الإيرانيين تقلق "إسرائيل"، فسواء مع رئيسي أو من دونه ستقلق تل أبيب، فكيف إذا كان رئيسي بكل ما يمثل؟

وترددت أصداء فوز رئيسي سريعاً في "إسرائيل"، وانعكس الاهتمام الإسرائيلي بالحدث من خلال تعليقات الإعلاميين والخبراء التي جاءت مشبعة بمشاعر القلق والإحباط. أولاً من فوز رئيسي من الجولة الأولى. وثانياً، من فشل رهانهم السابق على انخفاض كبير في نسب الاقتراع.

الإحباط الإسرائيلي انعكس في أولى المواقف الرسمية التي جاءت على لسان رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، حيث وصف عضو الكنيست رام بن باراك فوز رئيسي "بالتحدي الكبير لإسرائيل".

اختلاف المراقبين الإسرائيليين حول مدى تأثير رئيسي على سياسات إيران الخارجية والداخلية، لم يحجب اتفاقهم على أن فوزه يوحد كافة مستويات السلطة في بوتقة تفكير أيديولوجي واحدة، متماهية مع المرشد. كما أن رئيسي عدو لدود لـ"إسرائيل" وداعم قوي للفلسطينيين.

وتعليقاً على ذلك قال الخبير في استراتيجيات الدفاع الوطني هادي محمدي إن "الاستحقاق أظهر عودة القيم الثورية بقوة".

وأضاف محمدي في حديث للميادين أن "الانتخابات أظهرت ولادة متجددة للثورة وقيمها متجسدة بإبراهيم رئيسي"، مشيراً إلى أن "ما حصل أمس يفوق التقسيمات الإصلاحية والأصولية وهو أبعد من الاتفاق النووي بكثير".

محمدي شدد على أن "تدفق التهاني الرئاسية يعني أن العالم أدرك أهمية ما أفرزته الانتخابات"، منوهاً إلى أن "الأحداث تترابط بدءاً مما حدث في غزة مروراً بالانتخابات السورية وصولاً إلى الاستحقاق الإيراني".

واعتبر أن "إيران لديها مصادر مالية كبيرة قابلة للاستخدام رغم العقوبات"، موضحاً أن "إيران ليست متسرعة في التوصل إلى الاتفاق رغم التنازلات الأميركية".

ونوّه محمدي إلى أن "الولايات المتحدة مضطرة إلى العودة إلى الاتفاق النووي"، كاشفاً أنه "منذ 3 أشهر عقدت اجتماعات في السفارتين البريطانية والفرنسية بطهران لتكرار أحداث 2009".

وأوضح أن "الاجتماعات جرت بحضور ممثلين لدول عربية وإسلامية"، لافتاً إلى أن "جزءاً من هذه المخططات كان يشمل التحرك عبر الفضاء الافتراضي".

وأكد محمدي أنه "إذا لم يقبل الأميركيون بمندرجات الاتفاق سيسمع العالم قريباً تطورات سارة بشأن الملف النووي".

من جهته، رئيس تحرير جريدة "رأي اليوم" الإلكترونية عبد الباري عطوان قال إن "هذه انتخابات مفصلية في إيران".

عطوان أضاف للميادين أن "الولايات المتحدة تريد مغادرة الشرق الأوسط وترك حلفائها بدون حماية"، مشدداً على أن "محور المقاومة هو صاحب اليد العليا في المنطقة اليوم".

ولفت عطوان إلى أن "السلطات الـ3 في إيران أصبحت مع الجناح الثوري"، مشيراً إلى أن "إيران كانت مستهدفة من الخارج لكن المؤامرة تلفظ أنفاسها الأخيرة حالياً".

اخترنا لك