عقدان من العلاقات المتوترة بين بوتين والرؤساء الأميركيين
تتَّجه الأنظار إلى يوم غد، موعد لقاء الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لأول مرة في جنيف. يأتي ذلك بعد أن مرّت العلاقات الأميركية الروسية بعقدين من التوتر بين "سيد الكرملين" والرؤساء الأميركيين المتعاقبين.
أقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علاقات متوترة بخمسة رؤساء أميركيين، تعامل معهم منذ وصوله إلى السلطة في نهاية عام 1999، بحيث من المقرر أن يلتقي بوتين نظيره الأميركي جو بايدن للمرة الأولى غداً الأربعاء، إذ وصل الأخير إلى جنيف اليوم الثلاثاء.
وهبطت طائرة الرئاسة الأميركية القادمة من بروكسل في مطار كوانتران.
ومن المقرَّر أن يتوجه بايدن مباشرة إلى فندق شديد الحراسة، سيقيم به لإجراء محادثات مع الرئيس السويسري جي بارمولان.
وقال مسؤول بارز في إدارة بايدن إنه لا يتوقع نتائج كبيرة من أول قمة لبايدن مع بوتين.
ويبدي الرئيس بايدن، منذ توليه مهماته في البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، حزماً شديداً حيال نظيره الروسي.
بيل كلينتون: ثقل مسألة كوسوفو
إذا كانت الاتصالات جيدة بين بوريس يلتسين ونظيره الأميركي بيل كلينتون، على الرغم من خطط حلف شمال الأطلسي التوسعَ شرقاً، فإن حرب كوسوفو جاءت لتُفسد علاقات ما بعد الحرب الباردة.
فور استقالة يلتسين في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999، كانت واشنطن ترتاب في خليفته فلاديمير بوتين.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، مادلين أولبرايت، في 2 كانون الثاني/يناير إنه "رجل صلب (...) حازم جداً، ويتطلع إلى العمل"، مضيفة "سنكون مضطرين إلى مراقبة أعماله بانتباه شديد".
وخلال أول قمة بين كلينتون وبوتين في حزيران/يونيو 2000، أشاد الرئيس الأميركي علناً ببوتين قائلاً إنه "رئيس قادر على بناء روسيا مزدهرة وقوية، مع حماية الحريات وسيادة القانون".
جورج دبليو بوش: من الزمالة إلى التحدّي
في ختام أول لقاء بينهما في 16 حزيران/يونيو 2001، قال الرئيس الأميركي، جورج دبليو بوش، إنه نظر إلى الرئيس الروسي في عينيه، وتمكّن من فهم روحه، وقال: "هو رجل مخلص بشدة لبلاده.. وأعتبره قائداً رائعاً".
بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001، عرض بوتين، الذي أطلق حرب الشيشان الثانية، على الفور على الرئيس بوش تضامنه في "الحرب ضد الإرهاب". لكن هذه التهدئة لم تدم طويلاً، فاعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2001 انسحبت واشنطن من معاهدة "أي بي أم" المضادة للصواريخ البالستية، والموقّعة عام 1972، لإقامة درع مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية. وهو ما نددت به موسكو.،
في عام 2003، أدانت موسكو الاجتياح الأميركي للعراق، وندَّدت بعد سنة بنفوذ واشنطن في "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا.
باراك أوباما: فرصة ضائعة لإعادة إطلاق العلاقات
في عام 2009، أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما مبدأ "إعادة إطلاق العلاقات"، وأصبح بوتين، قبل عام من ذلك، رئيساً للوزراء، وتسلّم الرئاسة ديميتري مدفيديف المقرب منه.
قبل زيارته الأولى إلروسيا في تموز/يوليو 2009، اعتبر أوباما أن بوتين "يعتمد، من جهة، الطريقة القديمة في إدارة الأمور، ومن جهة أخرى الطريقة الجديدة". وقال أوباما في موسكو "ما يهمني هو التعامل مباشرة مع نظيري الرئيس".
وعلى الرغم من النجاحات الأولية - ولاسيما التوقيع، عام 2010، على معاهدة جديدة لنزع السلاح النووي ـ فإن المحاولة فشلت.
في آب/أغسطس 2013، منحت موسكو الأميركي إدوارد سنودن اللجوءَ السياسي. وبعد أيام قليلة، ألغى أوباما قمة مع الرئيس بوتين، معرباً عن أسفه للعودة إلى "عقلية الحرب الباردة".
وأدت الأزمة الأوكرانية عام 2014 - مع ضم روسيا شبهَ جزيرة القرم وفرض عقوبات اقتصادية على موسكو - ثم تدخل روسيا في سوريا عام 2015، إلى زيادة التوتر في العلاقات الثنائية.
دونالد ترامب: شبح "التدخل الروسي"
وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعودة إلى علاقات جيدة بروسيا.
بعد انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، طغت على ولايته الاتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية. خلال مؤتمر صحافي في تموز/يوليو 2018 مع بوتين، بدا كأنه يعطي وزناً لأقوال الرئيس الروسي أكثر من استخلاصات مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي).
وقال ترامب "الرئيس بوتين قال للتو إنها ليست روسيا (...) ولا أرى لماذا قد تكون كذلك". هذه التصريحات أدّت إلى إثارة الجدل، حتى داخل المعسكر الجمهوري، إلاّ أن ترامب أوضح أنه "أُسيء فهمه".
كذلك، قال ترامب في أيلول/سبتمبر 2020، في خطاب حملته الانتخابية، "أحبّ فعلاً بوتين، وهو يكنّ لي المودة.. نحن نتّفق جيداً".