"جبل صبيح" يقف صامداً بوجه سياسات تقسيم الضفة
المطامع الإسرائيلية للاستيلاء على "جبل صبيح" التّابع لبلدة بيتا جنوبي الضّفة ليست بالجديدة، إلاّ أنّ أهالي البلدة دائماً ما كانوا يقفون ويواجهون بناء المستوطنات داخلها ويجبرون الاحتلال على تفكيكها.
بلدة "بيتا" الواقعة جنوبيّ نابلس شماليّ الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، كانت خالية من "المستوطنات الإسرائيلية" حتى شهر أيار/مايو الماضي، على الرّغم من محاولات المستوطنين الإسرائيليين في السّنوات القليلة الماضية الاستيلاء على "جبل صبيح" التابع للبلدة، والجبال المحيطة به مثل "جبل العرمة" و"جبل النجمة"، من خلال إقامة خيم وغرف متنقلة، وتحويل الأراضي الزراعية في المنطقة إلى بؤر استيطانية، إلاّ أنّ أهالي بلدة "بيتا" دائماً ما كانوا يواجهون تلك المحاولات ويجبرون المستوطنين على إخلاء مواقعهم.
في عام 2013، وبعد قتل مستوطن إسرائيلي بعملية طعن وقعت عند حاجز زعترة، شرع المستوطنون بإقامة بؤرة استيطانية على قمة الجبل الذي يتوسط بلدات بيتا ويتما وقبلان، والّذي يبعد 3 كيلومترات إلى الشرق من حاجز زعترة، وأطلقوا على البؤرة اسم "جفعات أفيتار"، على اسم المستوطن الذي قتل عند الحاجز. لكن أمام التصدي الحازم من أهالي "بيتا" لهذه البؤرة، وتنفيذهم سلسلة فعاليات ومسيرات احتجاجية، أُجبر الاحتلال على تفكيكها.
أمّا في عام 2018، فحاول المستوطنون إحياء البؤرة على قمّة الجبل عقب مقتل حاخام يهودي قرب مستوطنة "أرئيل" شمال سلفيت، ووضعوا بيوتاً متنقلة، وأوصلوا لها الكهرباء والمياه، إلاّ أنّ أهالي البلدة تصدّوا لهذه المحاولات بقوّة، ليلجأ الاحتلال إلى تفكيكها مجدداً.
وفي أيّار/مايو من العام الجاري، عادت محاولات استيلاء المستوطنين على قمّة "جبل صبيح" إلى الواجهة، وذلك على إثر عملية إطلاق النار التي وقعت على حاجز زعترة، والتي نفذّها منتصر شلبي، حيث قتل فيها مستوطن، وأصيب إثنان آخران، واستغل المستوطنين في هذه المحاولة انشغال الفلسطينيين بهبّة القدس، وما جرى بعدها في غزّة خلال معركة "سيف القدس".
أهالي بيتا يواجهون محاولات الاحتلال للسيطرة على الضفة
تبلغ المساحة المقامة عليها البؤرة الاستيطانية في جبل صبيح 20 دونماً، ولكنها تصادر 800 دونم من أراضي الفلسطينيين الزراعية في الجبل وبلدة بيتا، 95% منها مزروعة بأشجار الزيتون. كما أنّ المنطقة الصناعية لبلدة بيتا، والتي تضم جميع أنواع الحرف ومصانع الحجارة، تقع تحت البؤرة مباشرة.
وقد أظهرت صورٌ انتشرت على مواقع التّواصل الاجتماعي، كيف حوّل المستوطنون خلال أيام قليلة المساحات الخضراء على قمة الجبل إلى بؤرة استيطان.
The occupation is carrying out crazy settlement campaigns throughout occupied Palestine , it's time to end these campaigns !#انقذوا_حي_الشيخ_جراح #انقذوا_جبل_صبيح #انقذوا_سلوان #انقذوا_لفتا #SaveSheikhJarrah #SaveBeita #SaveSilwan #SaveLifta pic.twitter.com/sANHNNf5X5
— جُــمــٰـانــه𓂆 (@jumanaa_0) June 15, 2021
الهدف من السيطرة على الجبل، هو خلق امتداد للبؤر الاستيطانية والسيطرة على المناطق المرتفعة، وإنشاء شريط يتجاوز 120 متراً من الشارع الممتد من زعترة حتى مدينة أريحا، إذ أنّ المستوطنين يحاولون إقامة بؤر استيطانية ليس فقط على جبل صبيح، بل على "جبل العرمة" و"جبل النجمة" أيضاً، لتشكل هذه البؤر الثلاث معاً مثلثاً يقسم الضفة، ويفصل شمالها عن وسطها، وذلك ضمن مخطط استراتيجي إسرائيلي للسيطرة على الضفة.
ويشهد جبل صبيح منذ بداية شهر حزيران/يونيو الحالي مواجهات متواصلة مع الاحتلال، رفضاً للاعتداءات على الجبل، وتأييداً للمقدسيين في الشّيخ جرّاح وسلوان في معركة الدّفاع عن حقهم وأرضهم وبيوتهم في القدس المحتلة.
المواجهات أدّت إلى استشهاد زكريا حمايل وعيسى برهم وطارق صنوبر، كما امتدّت إلى الشوارع الرئيسية في مدينة بيتا، الأمر الّذي دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى إغلاق مفرق البلدة جنوب نابلس بالمكعبات الإسمنتية حتى إشعار آخر.
كما أشعل عشرات الشبان مساء الأحد الفائت، النيران والإطارات المطاطية حول البؤرة الاستيطانية على الجبل، مما استدعى وصول عشرات جنود الاحتلال الإسرائيلي إلى المكان، حيث قاموا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية باتجاه المواطنين.
هذه المواجهات المتواصلة أجبرت جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق على إصدار قرار يقضي بإخلاء البؤرة الاستيطانية "أفيتار" في غضون 8 أيام، وإزالة المباني والمنشآت التي أقاموها، وعدم السّماح بإدخال أيّ مواد بناء لها خلال هذه الفترة، إلا أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو أمر في السادس من الشهر الجاري بتأجيل إخلاء المستوطنين لمواقعهم لمدة أسبوع، قبل إقصاءه من الحكومة الإسرائيلية.
ليواجه أهالي بلدة بيتا من جديد سياسات التّأجيل في البتّ بالقضايا المناهضة للاستيطان، على غرار ما يجري في حي الشّيح جرّاح وبلدة سلوان، خصوصاً وأنّه من المتوقع أن السياسات هذه ستكون أكثر تطرفاً في ظلّ الحكومة الجديدة للاحتلال برئاسة نفتالي بينيت.