"إسرائيل" والنوويّ الإيرانيّ: خلاف سياسيّ في توقيت إشكاليّ
التوقيت الإشكاليّ الذي طرح فيه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، موضوعَ "النووي الإيراني" والعلاقة بالأميركيين، أثار سجالاً سياسيّاً وإعلامياً، بشأن خلفيّات هذه التصريحات ودلالاتها.
مستغلاً حفلَ تسلُّم وتسليم بين رئيسَي الموساد الجديد والمنصرف، يوسي كوهين ودافيد برنيَع، أعاد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استحضار الملف النووي الإيراني، مشدّداً على "ضرورة إزالته، ولو بثمن الاحتكاك بالأميركيين"، الأمر الذي أثار سجالاً مع وزير الأمن بني غانتس، الذي سارع إلى التصدّي لهذه التصريحات عشيّةَ توجّهه إلى واشنطن، بالقول إنّ هذا "كلامٌ مُتَحَدٍّ"، و"لا يصبّ في مصلحة إسرائيل".
التوقيت الإشكالي الذي طرح فيه نتنياهو موضوع "النووي الإيراني" والعلاقة بالأميركيين، أثار سجالاً سياسيّاً وإعلامياً، بشأن دوافع هذه التصريحات ودلالاتها، وأيضاً بشأن خلفيات زيارة غانتس الخاطفة لواشنطن، اليوم الأربعاء، بحيث من المتوقّع أن يناقش مع المسؤولين الأميركيين عدة ملفات، منها طلب مساعدة عسكرية أميركية طارئة لـ"إسرائيل"، والاتفاق النووي الإيراني، ووقف إطلاق النار مع قطاع غزة.
سجال بين نتنياهو وغانتس
في كلمته التي ألقاها في حفل تسلُّم وتسليم بين رئيسَي الموساد الجديد والمنصرف، يوسي كوهين، ودافيد (دادي) برنيَع، قال نتنياهو "إذا اضطررنا إلى أن نختار بين احتكاكٍ بصديقتنا الكبرى الولايات المتحدة، وإزالة التهديد الوجودي (الإيراني)، فإن إزالة التهديد الوجودي تتغلّب".
تصريحات نتنياهو، الذي يخوض صراعاً مصيرياً على حياته السياسيّة والشخصيّة، أتت بالتزامن مع الإعلان عن توجّه غانتس إلى واشنطن في زيارة عاجلة وخاطفة ومهمّة، الأمر الذي دفع الأخير إلى الردّ من خلال تأكيده أهمية حُسن العلاقة بواشنطن ومصيريته، مضيفاً أنه "حتى لو كانت هناك خلافات، فإنّها تُحَلّ في حوارٍ مباشر في الغرف المُغلَقة، وليس في كلامٍ مُتَحدٍّ يمكن أن يُلحق الضرّر بأمن إسرائيل"، في إشارة الى ما قاله نتنياهو.
غانتس يزور واشنطن على عَجَل
بشأن زيارة غانتس الأولى لواشنطن في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، أشار مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع إلى أن من المتوقع أن يبحث غانتس مع نظيره الأميركي لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، في ملف المساعدات الأميركية العاجلة لـ"إسرائيل"، وعملية "حارس الأسوار"، وخطّة المؤسّسة الأمنية حيال قطاع غزة، وإعادة الأسرى والمفقودين.
وأضاف يهوشع أن غانتس سيطلب مساعدة أميركية طارئة بقيمة مليار دولار، بُغية شراء صواريخ اعتراض لبطاريات "القبّة الحديدية". وذكر أن "إسرائيل تحتاج إلى صواريخ اعتراضيّة للقبة الحديدية، بحيث يوجد جزء من خطّ الإنتاج في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ذخائر دقيقة لسلاح الجو".
وفي قراءة خلفيات زيارة غانتس العاجلة، ظهر تبايُن بين المعلِّقين الإسرائيليين. ففي حين قال معلِّق الشؤون السياسية في موقع "والاه" باراك رافيد، إن الزيارة أتت على خلفية مخاوف أميركية من أن يستخدم نتنياهو الهجوم على إيران لمنع إطاحته سياسياً، أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إلى أن سفر غانتس ليس مرتبطاً بتهديد إسرائيلي جديد إزاء إيران، وإنما بصورة رئيسية بضرورة ملحّة متعلقة بملء المخازن بالذخائر.
تشكيك في خلفيات كلام نتنياهو وجدواه
في ضوء إشارات عدم رضاً أميركي، توقّف معلّقون وخبراء عند الكلام "الإشكالي"، في الشكل والمضمون، والذي قاله، أمس الثلاثاء، نتنياهو، بشأن الملف النووي الإيراني والعلاقة بالأميركيين.
وأشار معلّقون إلى أن الإدارة الأميركية كانت تفضّل حلّ الخلافات مع "إسرائيل" في الغرف المُغلَقة، وليس عبر مواقف علنية، كالتي صدرت عن نتنياهو.
وبينما أشار معلق الشؤون العسكرية في "يديعوت أحرونوت" إلى أن هجوماً إسرائيلياً ضدّ إيران ليس مطروحاً ـ على ما يبدو - على جدول الأعمال، في مقابل استمرار الهجمات السريّة ضد البرنامج النووي الإيراني، شكّك محلّلون في خلفيات "نداء الاستغاثة" الذي أطلقه نتنياهو، أمس الثلاثاء، والذي جاء ـ بحسب رأيهم - على خلفية محاولات استبداله، وتشكيل "حكومة تغيير" ترسله إلى مقاعد المعارضة.
وثمة شكّ كبير، في رأي معلِّقين، فيما إذا ما كانت "إسرائيل" قادرة على معالجة التهديد النووي الإيراني،بنفسها تماما، من الناحية العسكرية. كما يصعب جداً، وفقاً للمعلِّقين، تخيُّلُ نجاح نتنياهو في فرض عملية كهذه على القيادة الأمنية، في ذروة مواجهة سياسيّة قد تنتهي هذه المرّة بخسارته.
وفي السياق عينه، أكّد خبراء أن "إسرائيل" لا يمكنها التأثير في الأميركيين فيما خصّ الاتفاق النووي المتبلور، وأن كلّ ما يمكنها فعله هو توضيح موقفها، وأنها تحتفظ لنفسها بحرية التصرّف حيال هذا التهديد.