محامي أهالي "الشيخ جراح": الوثائق الأردنية والعثمانية تثبت فلسطينية الحي
يؤكد محامي أهالي حي الشخ جراح في القدس المحتلة أن ملكية أرض الحي تعود لعائلة فلسطينية عربية وهي عائلة حجاز السعدي. وورثة هذه العائلة موجودون في القدس الشرقية.
ينشط المحامي الفلسطيني حسني أبو حسين (70 عاماً) منذ ربع قرن في الدفاع عن حقوق أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، ويتولى اليوم إلى جانب المحامي سامي أرشيد وكالة الدفاع عنهم في مواجهة المستوطنيين الذي يحاولون احتلال منازلهم ومن ورائهم محاكم الاحتلال الإسرائيلي.
"الميادين نت" أجرى حواراً موسعاً مع المحامي أبو حسين عبر الهاتف للإطلاع على كل التفاصيل القانونية التي تثبت ملكية الفلسطينيين لحي الشيخ جراح، حيث شدد على أنه حصل على أوراق ملكية لمنازل الحي موثقة لدى الدولة العثمانية.
يروي أبو حسين أنه زار تركيا عدة مرات منذ عام 2003، وأن الأتراك سمحوا له بشكلٍ استثنائي بالدخول إلى الأرشيف العثماني للإطلاع على الوثائق التي تخص ملكية حي الشيخ جراح.
ويضيف أنه اطلّع على وثائق تعود إلى أكثر من 400 سنة في الأرشيف العثماني المحفوظ تثبت ملكية منازل الحي لسكانه الحاليين.
ويقول: "حصلنا على نسخ معتمدة ووصلنا إلى اتفاقيات نسخة طبق الأصل وقعها وزير الإنشاء والتعمير الأردني مع سكان حي الشخ جراح، أي أرباب العائلات فيها وهم 28 عائلة في الحي"، ويوضح أن الوحدات السكنية الموجودة داخل الحي بنتها وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية وبمساعدة الأونروا حينذاك.
ويلفت أبو حسين إلى أنه بعد بناء هذه الوحدات لم يتم تمليكها ولا التفويض بملكيتها بسبب العدوان الإسرائيلي عام 1967 وما تلاه من احتلال للضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويشرح المحامي الفلسطيني أنه من وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي فإن "السيادة على حي الشيخ جراح بعد الأردن أصبحت للحكومة الإسرائيلية، بحسب القانون الإسرائيلي"، وأضاف أنه "بحسب القانون الدولي فإن صاحب السيادة الجديد أي "إسرائيل" ورث التزامات صاحب السيادة القديم أي الأردن، ولذا نطلب من سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ الالتزامات كما ورد في الإتقاقيات بين الأردن وسكان حي الشيخ الجراح العائدة لسنة 1956".
ودعا أبو حسين الحكومة الأردنية إلى الضغط على "إسرائيل" للقيام بالتزاماتها بحسب القانون الدولي.
الوثائق تثبت ملكية الحي لعائلة فلسطينية
يؤكد محامي أهالي حي الشخ جراح على أن أرض الحي تعود ملكيتها لعائلة فلسطينية عربية مسلمة كانت تسكن في حي حارة السعدية في البلدة القديمة في القدس، وهي عائلة حجاز السعدي. وورثة هذه العائلة موجودون في القدس الشرقية في حي شعفاط.
ويكشف أن هذه المعلومات موثقة في حجج شرعية صدرت من قبل المحكمة الشرعية في القدس تعود لسنة 1149 هجرية والى سنة 1313 هجرية بما في ذلك سند عثماني، يثبت أن الأملاك هي للفسطينيين، وكل هذه الوثائق تشير إلى أن أرض الحي هي ملك مواطن فلسطيني وهذه الوثائق معتمدة أمام المحاكم الإسرائيلية.
ويضيف أبو حسين أنه من الناحية الأخرى تم تسجيل أراضي الحي بمساحة 18 دونماً و800 متر باسم جمعيتين استيطانيتين يهوديتين هما: جمعية اليهود الشرقيين وجمعية اليهود الغربيين، والجمعيتان قامتا بنقل حقوقهما التي تدعيانها إلى شركة أميركية يهودية اسمها "نحلات شمعون".
ويتابع: إن التسجيل باسم الجمعيتين اليهوديتين تم بناء على وثائق مزورة وغير صحيحة وهذه الوثائق أُبرزت أمام مسجل الأراضي والعقارات في القدس عام 1972. وبعد حصولنا على هذه الوثائق قمنا بالإتصال بالأرشيف العثماني في أنقرة، الذي بحث في أصل هذه الوثائق وخاصة الوثيقة رقم 37 التي تعود لعام 1291 هجرية، وأعلمنا أن وثيقة ملكية الأرض التي تدعيها الجمعيتان اليهوديتان ليس له أصل.
ويؤكد أبو حسين "وصول كتاب من من وزارة الخارجية التركية ومفاده أن لا أصل لهذه الوثيقة، كما أن أنه حين ترجم على يد السلطات التركية أقروا أن هذه الوثيقة لا تشكّل إثبات ملكية وإنما هذه وثيقة لاستعمال أرض بشكل مؤقت".
ويكمل المحامي مطالعته بقوله: إن مسجّل الأراضي الإسرائيلي لم تُترجم له هذه الورقة الوثيقة واستنتج أنها وثيقة تمليك أراضٍ.
كما قدمّت الجمعيتان اليهوديتان وثيقتين كتب عليهما باللغة العبرية أن هذه وقفيات أو حجج وقفية صادرة عن المحكمة الشرعية في القدس تعود لسنة 1303 هجرية، وحين نقرأ نص هذه الوثائق بالعربية يتبين أنها ليست حجج أو وقفيات شرعية.
وحين ترجمت هذه الوثائق إلى العبرية سجلوا في رأس الصفحة وبالعبرية أن هذه وقفيات تعود للطائفة اليهودية الشرقية والطائفة اليهودية طائفة الأشكيناز، ويعني ذلك أن الطائفتين حين توجهتا إلى مسجّل الأراضي الإسرائيلي عام 1972 توجهتا بطريق الغش والخداع وسجلّتا أرض الحي باسمي هاتين الجمعيتين الإستيطانيتين.
وأضاف: كما أن مسجّل الأراضي لم يقم بدراسة هذه الوثائق ومعاينتها كما ينص عليه القانون. ومن هنا بدأت ملاحقة أهالي الشيخ جراح لإخلائهم من منازلهم. ولذا تقدمنا بطلبات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لمنع إخلاء السكان الفلسطينيين من الحي وإلغاء التسجيل.
وأوضح أبو حسين أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت أخيراً أمراً بتجميد أوامر الإخلاء حتى صدور قرار نهائي في القضية المعروضة أمامها.
اتفاقية رودس واتفاقيات الهدنة
يقول المحامي أبو حسين إنه كانت بحوزة الأردن في خمسينيات القرن العشرين وثائق تشير إلى أن الجمعيات الإستيطانية كانت مسجلة في زمن الانتداب البريطاني في دائرة الأملاك، وبناء على هذه الوثائق كان الأردن صاحب السلطة على الضفة الغربية والقدس الشرقية بعد اتفاقية "رودس" واتفاقيات الهدنة.
في ستينات القرن العشرين بدأت أعمال التسوية في حي الشيخ جراح لإقرار من هو مالك أراضي الحي، وحين بدأت أعمال التسوية تقدم أحد المواطنين واسمه حنا الياس البندك، من بيت لحم، بطلب تسجيل أرض الحي باسمه بناء على الادعاء أن هذه الأرض قام بشرائها من عائلة حجاز السعدي سنة 1934 وقدم حجته الشرعية لمدير تسوية الأراضي في القدس. وفي نهاية 1961 قام ببيع أراضٍ بما فيها أرض الحي وطلب حينها شخص اسمه سليمان درويش حجازي تسجيله كمالك لهذه الأرض.
ويضيف: مسجّل الأراضي في الأردن يومها لكي يريح نفسه ولا يقر من هو المالك أو ينقل الملف إلى المحكمة لتقر هوية المالك، أصدر قراراً نشر في الجريدة الرسمية الأردنية واستثنى أرض الشيخ جراح من التسوية.
ويوضح أبو حسين السبب بأن المسجّل كانت أمامه وثائق متناقضة وعلى أرض الواقع توجد أشياء متناقضة، لذلك نحن نطالب المحكمة أن تفرض على الحكومة الإسرائيلية القيام بالتزاماتها التي ورثتها من الأردن أي حسب اتفاقيات 1965، ونطلب من المحكمة الشروع في التسوية لإقرار من هو المالك لأرض الحي.
وبحسب قانون الاحتلال فإن كل من له ملكية في أرض الشيخ الجراح يتقدم بأوراق للمحكمة ذات الاختصاص للإقرار الملكية النهائي، وحتى يتم ذلك لا يصح ولا يجوز شرعاً ولا قانوناً إخلاء أهالي الشيخ جراح من منازلهم.
ويؤكد المحامي: بما أن محكمة الجنايات الدولية أقرت أخيراً أن القدس الشرقية هي أرض محتلة فلا يجوز إخلاء السكان الفلسطنيين من منازلهم وإسكان مستوطنين بدلاً عنهم.
ويرى أن هذا يعد من ناحية القانون الدولي جريمة حرب بحسب اتفاقية روما، وإذا حدث ذلك من الممكن ملاحقة كل من له يد في عملية الإخلاء ويصبح مجرم حرب ويمكن ملاحقته في كل دول العالم. ولذا لكي نمنع هذه الإشكالات والفوضى العارمة يكفي أن تقوم السلطة الفلسطنية أو الحكومة الأردنية أو أي من الدول العربية بالتلويح أنها سوف تتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية بشكوى ضد من يساعد في إخلاء سكان حي الشيخ حراج من منازلهم.
أبو حسين يقول إن نحو 28 عائلة تعيش في حي الشخ جراح، وهم يقيمون على قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 19 دونماً، تضم 29 بناية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي لإخلائها بالكامل، تمهيداً لبناء حي استيطاني وتمدده نحو المسجد الأقصى والبلدة القديمة.
ويؤكد أن هذه العملية الاستيطانية التي يحاول الاحتلال تطبيقها في الحي هي من أكبر عمليات الإقتلاع والتهجير التي تشهدها المدينة المقدسة المحتلة منذ نكسة 1967.
وكانت وزارة الخارجية الإردنية أعلنت في بيان لها عبر تويتر (7 أيار 2021) أن ترحيل أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة من بيوتهم جريمة يجب أن يتحرك المجتمع الدولي فوراً وبفاعلية لمنعها، وأضافت "الفلسطينيون المهددون بالرحيل هم المالكون الشرعيون لبيوتهم كما تثبت وثائق رسمية سلمها الأردن للأشقاء في دولة فلسطين".