"إسرائيل" والسّاحة الفلسطينية: تصعيد متوقع.. وقلق من معادلات جديدة
التقديرات الإسرائيلية تتوقع تزايد التصعيد مع الفلسطينيين في المناسبات الدينية والسياسية المقبلة، وتعرب عن قلق الاحتلال من ربط القدس بقطاع غزة.
الاهتمام الإسرائيلي بقي منصبّاً على الوضع الفلسطيني في ضوء التطوّرات السياسية والأمنيّة الأخيرة في ساحتي الضفة الغربية والقدس المحتلتيْن. وتركّز الاهتمام، من جملة أمور، على التحذير من تسليم "إسرائيل" بمعادلة حركة "حماس" الجديدة القاضية بالربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة، وعلى استمرار التقديرات الأمنية بأن "إسرائيل" مقبلة على أيام تصعيد وتوتر، من جهة ثانية، في ضوء جدول زمني حافل بالمناسبات الدينية: الإسلامية واليهودية، لا سيّما الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، ويوم "القدس الإسرائيلي" [ذكرى توحيد القدس بعد احتلال شرقها].
يأتي ذلك في ظلّ استمرار المواجهات والصمود الفلسطيني في وجه ممارسات الاحتلال ومستوطنيه في حي الشيخ جرّاح، في القدس الشرقيّة المحتلة، الأمر الذي توقّف عنده خبراء ومعلّقون على اعتبار أنه قلب القضية، مع التشديد على أن القدس المحتلة هي برميل البارود المركزي، وضابط الإيقاع العام على السّاحة الفلسطينية.
المؤسسة الأمنية: تنتظرنا أيام متوترة
تنطوي الأيام المقبلة التي تحفل بالعديد من المناسبات الدينية والوطنية الفلسطينية على إمكانيّة تصعيد عالية. هذا ما تؤكده تقديرات المؤسّسة الأمنيّة الإسرائيليّة، التي تنشغل في هذه الأيام في رسم صورة التوقّعات فيما تبقّى من أيام شهر رمضان المبارك: من يوم القدس العالمي، إلى ليلة القدر وعيد الفطر، وبعد ذلك يوم النكبة.
مجمل التقديرات التي انعكست في الإعلام الإسرائيلي، تشير إلى منحى تصعيدي متوقع خلال هذه الأيام. ووفقاً لمصادر أمنية نقلت عنها صحيفة "معاريف"، اليوم الجمعة، فإن "حركة حماس تشخّص فرصة في القدس وتحاول الدفع إلى تصعيد. التهديد المُسجّل لقائد الذراع العسكرية لحماس، محمد ضيف، يهدف لإثارة الجمهور الفلسطيني للنزول إلى الشوارع وتنفيذ هجمات في الضفة الغربية".
وخلافاً للاتجاه العام الذي عبّر عنه معظم المراقبين، أشار محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إلى أن "الجيش الإسرائيلي لا يرصد في الضفة احتمالاً واضحاً لموجة عمليات إيحائية وتقليدية، كما لا يرصد موجة تظاهرات حاشدة"، ولكنّه أشار في المقابل إلى أن "القدس هي برميل البارود المركزي" الذي قد يفجّر الوضع برمته.
وتحسّباً لمزيد من التوتر، استمرّت تعزيزات واستعدادات الاحتلال الأمنّية والاستخبارية في الضفة الغربيّة والقدس المحتلتيْن، ذلك على الرغم من أسر منفّذ عملية حاجز زعترة (تبوّح) منتصر شلبي. حيث أن التعزيزات الإسرائيلية التي خُصّصت لفرقة الضفة الغربية ستبقى على حالها، كما أُفيد أن الجيش يستعدّ لإمكانية أن تُترجم أجواء التوتر المتصاعد في الضفة الغربية في اشعال جبهة قطاع غزة، الأمر الذي دفع الجيش إلى تعزيز منظومات القبة الحديدية في مناطق مختلفة.
معادلة ربط الضفة بقطاع غزة
تربعت أحداث شرق القدس بشكل خاص والضفة الغربية بشكل عام على صدارة الاهتمام الإعلامي الذي عكس بوضوح قلق المؤسّسة الأمنية والسياسيّة من إمكانيات التفجير التي تنطوي عليها السّاحة الفلسطينية.
ومن جملة أمور شدّد الإعلام الإسرائيلي على الخطّ الواصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة: أي مدينة القدس المحتلة، وفيما شبهّها معلّقون بـ "النموذج المصغّر للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني"، قال خبراء إنها الخيط الأهم الذي يربط غزة بالضفة الغربيّة.
نقطة في غاية الأهميّة توقّف عندها المراقبون الإسرائيليون، كمنبع كبير للقلق، هي ما يتعلّق بمعادلة فصائل المقاومة الفلسطينية القائمة على الربط بين القدس وقطاع غزة، حيث حذّر بعضهم من خطورة تسليم "إسرائيل" بهذه الاستراتيجية التي ستضع "إسرائيل" أمام أيام قاسية جداً. إذ إن "حماس" برأيهم: "تعرف التوقيت السياسي الحساس جداً لدى إسرائيل، وتعرف أن لديها هامش مناورة فنحن بين الحكومات، وحماس ستشدّ الحبل".
وسُجّل اتفاق بين المتابعين على أهميّة ما يجري من مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال والمستوطنين في حي الشيخ جرّاح تحديداً. ويعتقد خبراء أنّ حي الشيخ جراح يكمن في قلب القضية.
وحول التوتر في الشيخ جرّاح قال رئيس معهد أبحاث الأمن القومي اللواء احتياط عاموس يدلين: "يجب بل يمكن اجتياز الأسبوع المقبل إذا عرفنا كيف ندير ذلك بشكل تكتيكي".
وأضاف: "هذا لا يحلّ أي مشكلة استراتيجية، لكن على المستوى التكتيكي، أعتقد أنّ القلب هو حي الشيخ جرّاح، حيث هناك ينوون التحريض، ومن يطلع على الشبكات الاجتماعية يرى الكثير من رسائل التحريض، من الأردن ومن كل العالم العربي". ودعا يدلين إلى تأجيل قضية الشيخ جرّاح إلى وقت أكثر هدوءاً.
ونقل محللون عسكريون عن رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في مركز ديّان في جامعة "تل أبيب" الإسرائيلية ميخائيل ميلشتاين قوله إن إعلان قائد الذراع العسكري في حركة "حماس" محمد ضيف "يعكس تطلع حماس إلى معادلة جديدة في الصراع"، وأن الأخيرة "مستعدّة للرد على إسرائيل في سياقات ليست دينية أيضاً، لتصوير نفسها كحامية المصالح الفلسطينية وفي مقدمتها الدفاع علن القدس".
في الموازاة أعرب معلقون في الشؤون العربيّة عن خشية المؤسسة الأمنية من ما أسموه محاولات حركة "حماس" إيجاد أيقونة البطل والرمز لمنفّذ عملية حاجزة زعترة منتصر شلبي، نهاية الأسبوع الماضي، خاصة أنّه راوغ بمفرده المؤسّسة الأمنية لفترة غير قليلة من الزمن.
في المقابل انتقد معلّق الشؤون العسكرية في "القناة 13" ألون بن دافيد تسجيل الفيديو الذي انتشر، أمس الخميس، وأظهر جنود الجيش الإسرائيلي يحتفلون بابتهاج بعد اعتقال شلبي كما لو أنهم "حرّروا على الأقل حائط المبكى [البراق]".
وأضاف بن دافيد أن ذلك "يقدّم فكرة عن صورة الجيش الإسرائيلي الحالية، وما هي لحظات الذّروة في خدمة جنديّ إسرائيلي في الجيش".