ماذا بعد فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة؟
نتنياهو يعيد كتاب التكليف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية إلى الرئيس ريفلين، فيما الترقب يسود في الأيام الثلاثة القادمة حول قرار الرئيس وإن كان سيكلف يائير لبيد أو يعيد الخيار للكنيست.
أعاد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، إلى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، كتاب التكليف الذي منحه إياه الأخير، معلناً بذلك فشله في مهمة تأليف الحكومة خلال المهلة القانونية المحددة بـ 28 يوماً.
فشل نتنياهو كان متوقعاً، ولم يفاجئ أحداً، على الرغم من المغريات التي قدمها والضغوط التي مارسها، ولا سيما على رئيسي الحزبين اليمينيين "يمينا" برئاسة نفتالي بينت، و"الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش.
إعلان نتنياهو، أعاد الكرة إلى ملعب الرئيس ريفلين، الذي شرع في مشاوراته مع قادة الأحزاب والكتل الممثلة في الكنيست، ليتخذ أحد قراريْن؛ تكليف عضو كنيست آخر بالمهمة، والمرجّح أن يكون، رئيس حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل)، يائير لبيد، وإما أن يعيد التكليف إلى الكنيست ليختار مرشحاً لديه حظوظ مضمونة بتشكيل حكومة، ومنح ذلك المرشح مهلة 3 أسابيع لجمع تواقيع 61 عضو كنيست.
يُشار إلى أنه بحسب القانون، لدى الرئيس الآن 3 أيام ليقرّر فيها من هو المرشح الذي سيكلّفه بتأليف حكومة، أو إعادة التفويض إلى الكنسيت.
مع هذا، وبالاستناد إلى جهات متابعة، فالمتوقع أن يقوم بتكليف لبيد. في هذه الحالة، الإمكانية الأفضل للبيد لإقامة حكومة تشمل التناوب مع نفتالي بنيت على رئاستها، وائتلاف لتشكيلها، مع دعم أو امتناع الأحزاب العربية عن التصويت عليها.
لماذا فشل نتنياهو
في الأيام القليلة الماضية، انصبّ الحراك السياسي على أكثر من خط؛ الأول محاولة الاتفاق على تشكيل حكومة تناوب بين بينت ولبيد؛ والثاني، محاولات نتنياهو إحباط هذه الإمكانية عبر الحديث عن نيته التوصية على بينت بتشكيل الحكومة؛ الثالث هو محاولة تمرير قانون انتخابات رئاسة الحكومة مباشرة من الجمهور ولو أن حظوظه ضئيلة، لعدم ضمان الأغلبية.
وفي غضون ذلك، انصبّ الجهد على تحليل الأسباب التي أدت إلى فشل نتنياهو في مهمته، ولا سيّما رفض حزبي "يميناً" و "الصهيونية الدينية" عروضه لتشكيل حكومة أقلية بدعم "القائمة العربية الموحدة" برئاسة منصور عباس، رغم كل المغريات التي قدّمها لهما والضغوط التي مارسها عليهما.
الجدير بالذكر أن عوامل عديدة ساهمت في وصول أزمة تشكيل الحكومة إلى حائط مسدود، منها:
- عوامل شخصيّة - قضائية: تتعلق بشخص نتنياهو، ورفض أحزاب يمينية المُشاركة في حكومة برئاسته على خلفية ملفاته القضائية (كما تعلن هي)، وهذا حال حزب "تكفا حدشا" (أمل جديد)، برئاسة غدعون ساعر؛ وما يعّقد المشهد هو رفض نتنياهو التنحّي جانباً، وإفساح المجال لشخصية أخرى من حزبه، الليكود، لتولي رئاسة الحكومة، الأمر الذي يجلب ساعر إلى الحكومة، ويجبر بينت على المشاركة.
- عوامل أيديولوجية - سياسية: على رأسها استمرار رفض حزب "الصهيونية الدينية"، برئاسة بتسلئيل سموتريتش، المشاركة في حكومة أقلية بتغطية من حزب "القائمة العربية الموحدة" (الحركة الإسلامية الجنوبية).
- عوامل نفسيّة: على رأسها فقدان الثقة - شبه المُطلق - بنتنياهو، وهذا حال بيني غانتس، رئيس حزب "كاحول لفان" (أزرق أبيض)، الذي يُشكل انضمامه حلاً لمشكلة نتنياهو، وحشر نفتالي بينت في الزاوية.
- تعقيدات الخلاف العلماني – الديني: وهذه حال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" (إسرائيل بيتنا) الذي يرفض الجلوس في حكومة واحدة مع الأحزاب الحريدية، كما أنه لا يثق بنتنياهو.
معضلات نفتالي بينت
حتى الآن، أجاد رئيس حزب "يميناً"، نفتالي بينت، استغلال ورقة "بيضة القبان" في هذه الانتخابات، في الاقتراب من تحقيق حلمه بالوصول إلى رئاسة الحكومة ولو بالتناوب.
بييت، الذي "يرقص في العرسيْن"، أدار طوال الفترة الماضية، مفاوضات مزدوجة، من جهة مع نتنياهو، ومن جهة ثانية مع معسكر تغيير نتنياهو، الأمر الذي جعله محط الأنظار، ووضعه قاب قوسين أو أدنى من ترأس الحكومة بالتناوب (الأول في التناوب)، إمّا مع نتنياهو وإمّا مع لبيد.
تحدثت صحيفة "هآرتس" عن معضلات تعترض طريق بينت قبل حسم قراره بتشكيل حكومة بالتحالف مع الأحزاب المناوئة لنتنياهو. المعضلة الأولى تتمثل بالضرر الانتخابي المحتمل الذي سيصيب بينت في ضوء معارضة غالبية ناخبيه خياره هذا، وتفضيلهم خيار الائتلاف الحكومي مع نتنياهو.
المعضلة الثانية تتعلق بطابع الحكومة وأجندتها، في ظل وجود أحزاب يسارية وأُخرى وسطية لا تتفق وأجندة اليمين، وهذا سينعكس في الخطوط العامة للحكومة وعلى أدائها. المعضلة الثالثة التي تواجه بينت هي المعارضة الشرسة المتوقعة من نتنياهو ومن أحزاب معسكره، والتي سترخي بظلالها على عمل بينت طوال مشاركته في حكومة يتحالف فيها مع أحزاب يسارية ووسطية.
تحالف " لبيد - بينت" أو انتخابات جديدة
بفعل فقدان تأثير سحره السابق على "بينت" و"سموتريتش"، انصبت جهود نتنياهو على منع تشكيل حكومة بديلة من ما بات يُعرف بـ"معسكر التغيير"، الذي يضمّ مناوئي نتنياهو من اليمين والوسط واليسار.
نتنياهو، ولقطع الطريق على تكليف لبيد (زعيم معسكر التغيير)، درس فكرة أن تقوم أحزاب معسكره بالتوصية على "بينت" لتشكيل الحكومة، على الرغم من أنه يملك فقط 7 مقاعد، ذلك كي يشكّل الأخير حكومة يمين بالتناوب مع نتنياهو.
وبعد فشل نتنياهو في المهمة، صبّ حزب الليكود جام غضبه على "بينت"، وألقى عليه مسؤولية إفشال تشكيل حكومة يمين، وهم اتهموه طوال الفترة الماضية بخيانة ناخبيه من اليمين.
في المقابل ردّ "بينت" التهمة، بالقول إن أصوات حزبه في جيب نتنياهو إن كان قادراً على تشكيل حكومة، ويتهم "بينت"، نتنياهو، بأنه غير جاد في تشكيل حكومة، وأن وجهته الحقيقة هي انتخابات خامسة؛ وهي تحديداً الذريعة التي يستخدمها بينت لتبرير مشاركته أو ترأسه حكومة غير يمينية.
الأنظار باتت مشدودة إذاً إلى قرار الرئيس الإسرائيلي ريفلين لجهة نقل التكليف إلى لبيد، فيما تزدحم التقديرات بشأن السيناريوهات المتاحة، التي تتراوح بين تشكيل حكومة تضم كل الأحزاب المناوئة لنتياهو من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على مبدأ التناوب على رئاسة الحكومة بين بينت ولبيد، وفي حال فشل هذا السيناريو، يبقى قائماً خيار الذهاب إلى انتخابات جديدة تُدخل "إسرائيل" مجدداً في متاهة البحث عن حكومة.