الانتخابات اللبنانية.. خلط الأوراق في الساحة السياسية
توصف انتخابات 2022، في حال جرت فعلاً في موعدها، بأنها ستكون "محطة أساسية لقوى دولية وعربية وإقليمية، لكي تستعيد التوازن الذي تعتبر أنه اختلّ في السنوات الماضية لمصلحة حزب الله وحلفائه".
في ظلّ المراوحة التي يعيشها لبنان، والأزمات الحادّة التي تطوّقها، والاستعصاء في عملية تأليف الحكومة برئاسة سعد الحريري، بدأت القوى السياسية "التقليدية" والقوى التي أفرزها حراك 17 تشرين الأول/أكتوبر، من أحزاب ومجموعات وحركات معارضة، التحضير جدياً للانتخابات النيابية في أيار/مايو 2022، وذلك بالاستناد إلى معطيات داخلية وخارجية تؤشر إلى ضرورة -بل حتمية - إجرائها في موعدها بعد ما يقارب سنة من الآن.
وفي معلومات "الميادين نت"، أنَّ كل القوى والأحزاب الوازنة في البلد صارت مقتنعة بأن الحل السياسي للأزمة يمر عبر الاستحقاقات الدّستورية والعودة إلى صناديق الاقتراع، وما ستنتجه يومئذ من موازين قوى داخليّة تساهم في سحب الاعتراض من الشّارع، وتعيد تكوين السّلطة وفق ما تفرزه من نتائج.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر عن "قيام أحزاب وحركات وتيارات موجودة في السلطة وخارجها، وكذلك أحزاب ومجموعات الحراك، بعقد اجتماعات أولية وتحضيرية لماكيناتها الانتخابية، لوضعها في أجواء مفادها أن الاتجاه لدى القوى الأساسية يميل حالياً إلى إجراء هذه الانتخابات في موعدها، وسيكون لبنان بعد عيد الفطر أمام دخول سريع في أجواء انتخابية مبكرة بدأت ملامحها تظهر منذ الآن".
كما لفتت المصادر إلى أن "الإصرار الخارجي" تقاطع مع ما يمكن وصفه داخلياً بالحماسة للانتخابات من جهة، وعدم الممانعة من جهة ثانية، وكشفت أنّ المسؤولين العرب والأجانب وسفراء "الدول الكبرى" توافقوا على مطلب أساسي في لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين الشهر الفائت، وهو "احترام موعد الانتخابات وعدم تأخيرها، ولو ليوم واحد".
وأكدت المصادر أنَّ "الأميركيين والأوروبيين لوّحوا فعلياً بعقوبات تطال المسؤولين اللبنانيين في حال تأجيل هذا الاستحقاق أو التمديد للمجلس النيابي الحالي، لأن الأميركيين والفرنسيين يعولون كثيراً على هذه الانتخابات لخلق واقع داخلي جديد وموازين قوى داخلية جديدة".
وعن القانون الذي يمكن أن تُجرى الانتخابات على أساسه، قالت المصادر عينها: إن القانون الحالي "النسبية مع الصوت التفضيلي نافذ، إلا إذا اتفقت الكتل الكبرى على تعديله أو تغييره وإقرار قانون جديد"، ولكنها استبعدت هذا الخيار، "لصعوبة الاتفاق على قانون جديد، استناداً إلى تجربة تأليف الحكومة والتعقيدات التي تواجهها، في ظل انعدام الثقة بين الأفرقاء وحالات خلط الأوراق التي تشهدها الساحة السياسية".
ورأت المصادر أنَّ "احتمال إشراف حكومة تصريف الأعمال على هذه الانتخابات أصبح وارداً، وخصوصاً إذا تأخّر الاتفاق على تأليف الحكومة لأشهر مقبلة، الأمر الَّذي سيدفع الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط إلى تفضيل خوض الانتخابات من خارج السّلطة، ومحاولة تعويض خسائرهم الشعبية بفعل 17 تشرين والأزمة الاقتصادية بخوض المعركة الانتخابية من موقع المعارضة، تناغماً مع الشارع والحركات الاحتجاجيّة".
وتتوقّع المصادر أن "تشهد البلاد الكثير من الاحتدام السياسي والشعبي إذا بقي لبنان بلا حكومة ومعالجات اقتصادية، وفي ظل تلويح برفع الدعم. ومع الوقت، حتى أواخر الصيف، وصولاً إلى ربيع الانتخابات في العام المقبل، قد نشهد أحداثاً وتطورات ومزيداً من المعارك السياسية والإعلامية".
كذلك، رأت المصادر أن "بعض القوى السياسية بدأت معركتها الانتخابية فعلياً داخل مؤسَّسات الدولة وخارجها، ولا يوجد أكثر وضوحاً من المعركة التي خاضها تيار المستقبل والتيار الوطني الحر في مؤسسة القضاء، لجهة قيام الطرفين بشد العصب في الشارع وخلق انقسام شعبي على قضية فساد لا شكّ في أنّ القاضية غادة عون محقة فيها، رغم عدم انصياعها للانتظام المؤسساتي، وبمعزل عن جوهر خلافها الوظيفي مع مدّعي عام التمييز غسان عويدات".
وفي قراءة أوّلية ربما تتغير بعض ملامحها جراء أحداث هذا العام المتبقي على موعد الانتخابات، ترى المصادر أن "المعركة ستكون قاسية في الشارع المسيحي، فالمجلس المنتخب في أيار/مايو 2022 سينتخب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول من العام نفسه، وسيضطرّ التيار الوطني الحر إلى منافسة عدة أطراف، من بينها الأطراف التقليدية، كالقوات والكتائب وغيرها، ومنها أيضاً منظّمات المجتمع المدني ومجموعات الحراك التي راكمت من شعبيتها في البيئة المسيحية بناء على بعض الأحداث، ومنها انفجار 4 آب/أغسطس، والوضع الاقتصادي المتردّي، واحتجاز الودائع في المصارف، وكذلك أخطاء القوى التقليدية".
وسيكون جوهر المعركة، بحسب المصادر عينها، "أن يخسر التيار الوطني أكبر عدد من النواب في الدوائر المسيحية الصافية، وبالتالي تخسير حزب الله حليفاً قوياً كان الأكثر تمثيلاً عند المسيحيين منذ انتخابات العام 2005 وحتى انتخابات أيار/مايو 2018".
وتوصف انتخابات 2022، في حال جرت فعلاً في موعدها، بأنها ستكون "محطة أساسية لقوى دولية وعربية وإقليمية، لكي تستعيد التوازن الذي تعتبر أنه اختلّ في السنوات الماضية لمصلحة حزب الله وحلفائه. كلّ ما جرى بعد 17 تشرين الثاني مرتبط بهذا الجانب".
"قالها الأميركيون صراحة، وقالها السعوديون بشكل أوضح. لذلك، ستكون السنة الفاصلة من الآن حتى أيار/مايو 2022 ساخنة ومليئة بالأحداث الاجتماعية والسياسية، وسيشتدّ الضغط فيها. ألم يكتشف السعوديون مؤخراً أن المخدرات تُهرّب إليهم في صناديق الفاكهة اللبنانية؟ إنه نموذج من الأسلحة التي تستعمل وسوف تستعمل في هذه المعركة"، تختم المصادر.