إيران ترفع تخصيب اليورانيوم.. قلق إسرائيلي وتسارع أميركي للعودة إلى الاتفاق النووي
قلق في تل أبيب من سرعة التطور الإيراني وامتلاك القدرة لإنتاج قنبلة نووية، والإعلام الأميركي يتحدث عن احتمال استخدام إيران مستوى التخصيب في المفاوضات، وعزم بايدن على العودة إلى الاتفاق النووي، فهل المنطقة أمام موازين قوى جديدة؟
تضرب إيران من حيثما ضُربت، فمنشأة نطنز التي قيل إنها توقفت عن التخصيب بعد العمل التخريبي الذي استهدفها، تواصل عمليات إنتاج اليورانيوم المخصب ولكن هذه المرة بطاقة ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سابقاً.
الصدى الأول للإعلان الإيراني عن إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 60% تردد في "إسرائيل"، فهناك النقاشات تعبر عن قلق كبير تجاه السرعة لدى العلماء الإيرانيين في الوصول إلى نسب تخصيب عالية، ما يعني اختصار الزمن لإنتاج قنبلة نووية بحسب الاسرائيليين.
وتعيش "إسرائيل" صراعات سياسية داخلية صعبة، وتشهد سجالات حادة حول استغلال نتنياهو الملف الإيراني لحسابات داخلية وشخصية، فوجدت نفسها في معضلة استراتيجية، فكل محاولاتها لضرب البرنامج النووي الإيراني باءت بالفشل.
يضاف إلى ذلك، تحذيرات جدية من داخل "إسرائيل" من خطورة المغامرة بحرب السفن والناقلات البحرية مع إيران، حيث يؤكد الخبراء العسكريون الإسرائيليون أنها حرب خطرة وشبه خاسرة لـ"إسرائيل".
الأصداء ترددت أيضاً في واشنطن، فالصحف الأميركية تتحدث عن إطار جديد للتفاوض قد تلجأ إليه إيران ليس عنوانه الاتفاق القديم بل النسب العالية للتخصيب التي وصلت إليها. وإن كان الإعلام الأميركي غير متأكد من الخيارات الإيرانية إلا أنه كان على ثقة بأن إدارة بايدن راغبة بالعودة للاتفاق معها.
وتساءلت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن كان استهداف نطنز حافزاً لإيران للانطلاق في التخصيب بمستوى 60%، وإن كان مع إعلانها قرار بتركيب ألف جهاز طرد مركزي من الجيل الأول قريباً، فهل انتقلت طهران إلى التفاوض على هذه المرحلة من التخصيب وليس على البرنامج النووي؟
الصحيفة لفتت إلى أن كشف إيران عن إنتاجها كميات صغيرة من معدن اليورانيوم الذي يستخدم في تصنيع الأسلحة النووية يشير إلى عزمها إبقاء خياراتها مفتوحة وجعل وقف الإنتاج كورقة مساومة.
ويبدو الرئيس الأميركي جو بايدن عازماً على استعادة الاتفاق النووي مع إيران، حيث بدأ كبير مفاوضيه روبرت مالي بوضع خارطة طريق حول كيفية تأمين ذلك، وفق مجلة "فورين بوليسي".
ونقلت المجلة الأميركية عن مصادر قريبة من المفاوضين الأوروبيين والأميركيين توقعات بأن يعرض مالي على طهران صفقة لتخفيف العقوبات بما يكفي حتى تعود إيران إلى الاتفاقية، ولكن ليس لدرجة تجعل بايدن عرضة لهجمات المتشددين في بلاده.
وفي هذه المفاوضات كباش؛ لكل طرف حلفاء إلى جانبه، انحياز تام وأكيد من روسيا والصين للموقف الإيراني. في المقابل تبدو أوروبا حليفة واشنطن في ضياع بين التصلب الأميركي ومصالحها الخاصة، فكيف ستكون الخواتيم؟
وبإيجابية وحذر، تخوض إيران المحادثات حول ملفها النووي، وفق شروط يكررها مسؤولوها بأن رفع كامل العقوبات الأميركية البالغة 1500، هو المدخل للعودة إلى الاتفاق.
وعاود المرشد خامنئي تحديد الضوابط للوفد الإيراني والجهات الإيرانية المعنية بضرورة عدم إطالة أمد المحادثات، وهو ما عبر عنه مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي بقوله إن إيران لن تخوض مفاوضات استنزافية.
وحيال هذا الملف، قال أستاذ العلاقات الدولية إدمون غريب في حديث للميادين إن "الهجمات الإسرائيلية ضد إيران تهدف لتقويض المفاوضات"، مؤكداً أن "كل المحاولات الإسرائيلية لاستهداف المفاوضات لم تنجح".
وأشار غريب إلى أنه "يوجد انقسام داخل الإدارة الأميركية حول الملف النووي الإيراني، ويجري الحديث عن اتفاق إسرائيلي أميركي عنوانه صفر مفاجآت".
وأكد أن "بايدن وكل أطراف الاتفاق النووي يرغبون بالعودة إلى الاتفاق النووي".
أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت اعتبر في حديث للميادين أن "التحليلات الإسرائيلية تتحدث عن مأزق بخصوص الاتفاق النووي الإيراني، وتقول إن ما يحدث يضع "إسرائيل" أمام مفترق طرق استراتيجي".
وأضاف شلحت أن "إعلان إيران إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 60% أمر بالغ الأهمية، ويوجد قلق كبير في "إسرائيل" من الإعلان الإيراني".
ورأى أن "إدارة بايدن تريد العودة للاتفاق النووي وحكومة نتنياهو تبذل كل جهدها لمنع ذلك".
من جهته، قال مدير المركز الأوروبي لدراسات التطرف مكرم خوري مخول في حديث للميادين إن "أوروبا تريد البقاء في الاتفاق النووي"، مشيراً إلى أن "أوروبا كانت تعارض ترامب لكنها الآن في تناغم مع بايدن".
وأضاف مخول أن "بعض المواقف كانت للاستهلاك ومنها الحديث عن مشاركة السعودية بالمفاوضات النووية"، معتبراً أن "اللاعب المخرب الوحيد للموضوع النووي الايراني هو نتنياهو".
واعتبر أن "أميركا وأوروبا لن تفوتا الفرصة للعودة إلى الاتفاق النووي قبل الانتخابات الإيرانية"، مشدداً على أنه "لا توجد دولة كبرى في المنطقة يمكن أن تواجه أميركا كما إيران".