المشهد الانتخابي في "إسرائيل" بعد المحطة الأولى
تقرير أسبوعي يجمل آخر أحداث ومستجدات المشهد الانتخابي في إسرائيل خلال أسبوع مضى استعدادا لانتخابات الكنيست ال 24.
انتهت مساء الخميس الماضي المحطة الأولى والبالغة الأهمية في مسار المعركة الانتخابية في "إسرائيل" مع إنتهاء المدة المحددة قانوناً لتسجيل القوائم الانتخابية، وانتهى معها الغموض الذي لف المرحلة الماضية لجهة الاحزاب التي ستشارك في الانتخابات، وطبيعة التحالفات والقوائم الانتخابية بصورة نهائية، وبدأت معها المرحلة الفعلية للمعركة الانتخابية، وبات ممكناً من الآن الحديث عن سيناريوهات الحكومة المقبلة ربطا بموازين القوى التي تفرزها استطلاعات الرأي.
وشهدت الأيام الماضية طابوراً من الأحزاب الصغيرة التي لن يتجاوز أغلبها نسبة الحسم، التي تؤهلها لدخول الكنيست.
وفي الموازاة سُجِّل تراجع عدد من الأحزاب والشخصيات عن خوض الانتخابات، لا سيّما تلك التي فشلت في التوصّل إلى تحالفات تجمع شظاياها في قائمة يُقدّر لها تجاوز نسبة الحسم. حيث رست لائحة الأحزاب المتنافسة في الانتخابات التي ستُجرى في 23 من الشهر المقبل، على 39 قائمة، يُقدرّ لنحو 11 قائمة منها فقط تجاوز نسبة الحسم البالغة 3.25 في المئة.
التقديرات السائدة تشير إلى أن نتنياهو خرج من المرحلة الأولى بإنجازين مؤثرين جداً: توحيد أحزاب يمينية دينية متطرفة صغيرة في قائمة واحدة بما يرفع من فرص تجاوزها نسبة الحسم ودخول الكنيست، وشق القائمة المشتركة بما يهدر أصوات العرب ويضعف قوتهم ويعطيه هامش مناورة أكبر مستقبلاً.
في المقابل، فشلت الأحزاب في المعسكر المعارض لنتنياهو في تشكيل أي قائمة انتخابية، لا سيما بين الأحزاب الجديدة ما أدى إلى خروجها من السباق الانتخابي.
ثلاثة معسكرات:
انجلى غبار معركة تشكيل القوائم عن تشّكل ثلاثة معسكرات في الحلبة الحزبيّة الإسرائيلية.
معسكر نتنياهو: المعسكر الأقوى من بين المعسكرات هو المعسكر الذي يتزعّمه رئيس حزب الحكومة وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ويضمّ إلى حزبه، من يُسميهم بـ "الشركاء الطبيعيين" أي الأحزاب الحريدية (شاس و"يهدوت هتوراة")، إضافة إلى التحالف الجديد بين حزبي "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرّف و "عوتسما يهوديت" (قوة يهودية) الفاشي- العنصر.
المعسكر المناهض لنتنياهو: يضمّ المعسكر الثاني من هم ضدّ نتنياهو، وهم موزّعون على امتداد الخارطة الحزبيّة، من أقصى اليمين إلى أقصى "اليسار"، من الحزب الجديد "تِكفا حَدشا" (أمل جديد) الذي أسّسه الوزير السابق، غدعون ساعر، وصولاً إلى حزب ميرتس في أقصى "اليسار"، مروراً بحزب "يش عتيد"(يوجد مستقبل) فيما يُسمّى بالوسط.
المعسكر المحايد: يجمع هذا المعسكر أصحاب سياسة "الوقوف على التل"، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد الانتخابات، أي لا مع نتنياهو بالمطلق ولا ضدّه بالمطلق، وهؤلاء أيضاً موزّعون على امتداد الخارطة، من حزب "يمينا" برئاسة نفتالي بنيت، إلى "القائمة العربية الموحّدة" (الحركة الإسلامية الجنوبيّة) التي أعلن رئيسها منصور عباس، مراراً، أنه لا يستبعد التعاون مع نتنياهو في الحكومة المقبلة.
القوائم الانتخابية
جمع المشهد الانتخابي النهائي في طياته اتجاهيْن متناقضيْن: من جهة توحيد قوى في معسكر اليمين المؤيّد لنتنياهو، ومن جهة ثانية فشل الاتصالات في المعسكر الآخر لإنتاج قائمة تجمع أكثر من حزب، وتشكّل خطراً على حزب الليكود. ويمكن القول إن نتنياهو حقّق كثيراً مما أراد في معسكره، من جهة عبر توحيد حزبيْن على يمين حزبه، الليكود، ومن جهة ثانية عبر تفكيك القائمة المشتركة التي حصدت 15 مقعداً في انتخابات الكنيست الـ 23.
- " الصهيونية الدينية" و " قوة يهودية": أهم التحالفات الانتخابية كان في معسكر اليمين حيث جرى رصّ الصفوف وأعلن رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، التوصُّل إلى اتفاق انتخابي تقني مع رئيس حزب "عوتسما يهوديت"(قوة يهودية)، ايتمار بن غفير، لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة، وذلك قبل يوم واحد على موعد إغلاق القوائم الانتخابية. وبحسب استطلاع أُجري بعد إعلان الاتفاق، فإنَّ هذا التحالف يجتاز نسبة الحسم في حال أُجريت الانتخابات اليوم.
وكان نتنياهو قد بذل جهوداً كبيرة لتوقيع هذا الاتفاق، تفادياً لخسارة أصوات من معسكر اليمين الأيديولوجي المؤيّد له، في حال عدم تجاوز أي من أحزابه نسبة الحسم. وأفادت تقارير أن نتنياهو وعد بأنّه مقابل قائمة مشتركة بين الأحزاب الواقعة على يمين حزبه، الليكود، فإنّه سيكون مستعدًا لدفع إجراءات إقامة حي يهودي جديد في عطروت شمالي القدس المحتلة. كما وعد سموتريتش بتعيينه وزيراً وحجز لأحد شخصيات حزبه معقداً محصّناً في قائمة الليكود (بعد فوزه يعود إلى حزب سموتريتش).
ووعد نتنياهو أيضاً رئيسة حزب "البيت اليهودي"، حاغيت موشيه، بالتوزير إذا تحالفت مع سموتريتش، إلا أنها اختارت، في اللحظة الأخيرة، عدم المنافسة ودعم حزب "يمنياً" برئاسة نفتالي بنيت، مقابل منصب وزاري، مع أنّها أكدّت تأييدها لنتنياهو في رئاسة الحكومة.
-الأحزاب العربية: بعد مفاوضات ماراثونية تعذّر التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب ذات الغالبية العربية (القائمة المشتركة) على خوض الانتخابات معاً، وفيما اتفقت الأحزاب: "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" (حداش)، والتجمّع الوطني الديمقراطي (بلد)، والحركة العربية للتغيير(تاعل)، على خوض الانتخابات للكنيست المقبلة بقائمة مشتركة، قرّرت "القائمة العربيّة الموحّدة"(راعم- تمثل الحركة الاسلامية- الجناح الجنوبي) برئاسة منصور عباس الانفصال عن القائمة وخوض الانتخابات على نحو منفردٍ. وعلى ضوء هذا الانقسام أظهر استطلاع رأي نُشر يوم الجمعة، أن القائمة المشتركة ستحصل على 10 مقاعد، فيما "الموحدة" لن تتجاوز نسبة الحسم، وحصلت على 0.9% فقط.
- حزب " يش عتيد": قدَّم حزب "يش عتيد"(يوجد مستقبل) برئاسة يائير لابيد قائمة حزبه للانتخابات بشكل منفرد، وكذلك فعل حزب "هعفودا" (العمل) برئاسة ميراف ميخائيلي، وحزب ميرتس برئاسة نيتسان هوروفيتش، وحزب "كاحول لفان"(أزرق – أبيض) برئاسة بني غانتس، والحركة الإسلامية الجنوبية "القائمة العربية الموحدة" برئاسة منصور عباس.
الأحزاب المنسحبة
شهدت الساعات الأخيرة التي سبقت إقفال اللوائح الانتخابيّة، التي ستخوض الأحزاب المختلفة الانتخابات على أساسها، تطوّرات متسارعة، وقبل ساعات من موعد اقفال اللوائح عند العاشرة من مساء أمس، الخميس، أعلنت عدّة أحزاب عن انسحابها من المنافسة، مع العلم أنه لم يمضِ على دخولها المعترك السياسي سوى أسابيع معدودة، والّلافت أن بعض هذه الأحزاب وصل في استطلاعات الرأي لحظة تأسيسه إلى نحو 8 مقاعد. وفي هذا الإطار:
- أعلن رئيس حزب تيليم عضو الكنيست، موشيه يعالون، انسحابه مع حزبه من السباق الانتخابي. وقال يعالون إن قراره الانفصال عن "يش عتيد"(يوجد مستقبل) لم يحقّق هدفه بتعزيز معسكر "المركز- اليسار". ويشار إلى أن استطلاعات الرأي تُظهر أن حزب "تيليم" منفرداً لن يتمكّن من تجاوز نسبة الحسم.
- أعلن كل من رئيس حزب "الإسرائيليون" رون خولدائي، ورئيس حزب "تنوفا"(زخم)، عوفر شيلح، وهما حزبان جديدان، عن انسحابهما من السباق. جاء ذلك في أعقاب فشل الاتصالات الثنائية التي خاضها الطرفان، كل على حدة، مع رئيسة حزب العمل، في محاولة للتوصّل إلى اتفاق لخوض الانتخابات في قائمة واحدة. ويذكر أن استطلاعات الرأي، الأخيرة، على اختلافها دلّت على عدم تجاوز حزب "الإسرائيليون" نسبة الحسم، علماً بأنه حصل في استطلاعات الرأي فور الإعلان عنه على 8 مقاعد. كما أجمعت استطلاعات الرأي على فشل حزب "تنوفا"(زخم) في تجاوز نسبة الحسم.
- بعد أقلّ من شهر على تأسيسه حزباً جديداً تحت اسم "فاتيكي يسرائيل" (قُدامى إسرائيل) أعلن رئيس الموساد السابق، داني ياتوم، عن عدم تنافس حزبه في الانتخابات المقبلة.
استطلاعات الرأي
- تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة استقراراً في قوة حزب الليكود الذي يتزعّمه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كالحزب الإسرائيلي الأكبر، فيما استقرّ حزب "يش عتيد""(يوجد مستقبل) برئاسة يائير لبيد (رئيس المعارضة) خلال الأسبوع الأخير في المرتبة الثانية، ويليه حزب"تكفا حدشا" برئاسة جدعون ساعر في المرتبة الثالثة. ويحتل حزب "يمينا" برئاسة نفتالي بنيت المرتبة الرابعة، تليه القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة رغم خسارة القائمة المشتركة نحو ثلث قوّتها، لا سيما بعد انقسامها إلى قائمتين.
- يتأرجح رئيس حزب "كاحول لفان"(أزرق – أبيض) بني غانتس عند حدود نسبة الحسم. وتُظهر الاستطلاعات أن عدد القوائم التي يتوقّع لها أن تجتاز نسبة الحسم قد تصل إلى 11 قائمة، في حين أن عددا كبيرا من القوائم المحسوبة على المعسكر المعروف بـ "الوسط- يسار" لن تتجاوز نسبة الحسم، مقابل عدد أقلّ في معسكر اليمين بشكل عام.
-وفي آخر استطلاعات الرأي التي نُشرت مساء الجمعة، بعد تقديم قوائم مرشحي الأحزاب إلى لجنة الانتخابات المركزية وإغلاق باب الترشيح لانتخابات الكنيست التي ستجري في آذار المقبل، تبيّن أنه لو جرت الانتخابات الآن، فستكون النتائج كالتالي:
-حزب الليكود على 29 مقعداً، بتراجع مقعد عن الاستطلاع السابق؛ حزب "يش عتيد"(يوجد مستقبل) برئاسة يائير لبيد، 17 مقعداً؛ حزب "أمل جديد" برئاسة غدعون ساعر، 14 مقعداً؛ وحصل حزب "يمينا" برئاسة نفتالي بنيت على 11 مقعداً؛ القائمة المشتركة التي ستخوض الانتخابات بتحالف أحزاب "الجبهة" و"التجمع" و"العربية للتغيير"، ستحصل على 9 مقاعد، بينما لن تتجاوزالحركة الإسلامية الجنوبية (القائمة العربية الموحدة) نسبة الحسم.
- وحصل حزب "شاس" على 8 مقاعد، وحزب "يسرائيل بيتينو"(إسرائيل بيتنا) برئاسة أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد، ، وحزب "يهدوت هتوراة" على 7 مقاعد، و"هعفودا" (العمل) 6 مقاعد، ميرتس 4 مقاعد، تحالف "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت" (قوة يهودية) برئاسة بتسلئيل سموتريتش على 4 مقاعد، وكذلك حزب " كاحول لافان" ( أزرق أبيص) برئاسة وزير الأمن بني غانتس، على 4 مقاعد.
- حول الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة، رأى 47% أن نتنياهو الأنسب لتولي رئاسة الحكومة، مقابل 42% الذين رأوا أن ساعر الأنسب لتولي المنصب. وقال 56% إن نتنياهو الأنسب لتولي المنصب مقابل لبيد الذي حصل على تأييد 36%. وتراجع التأييد لنتنياهو إلى 43% مقابل 39% لبنيت.