بعد 10 أيام ... الأميركيون تذكّروا أن هناك"بيتاً أبيض"!

الرئيس الأميركي جو بايدن يعمل على إلغاء قوانين قام سلفه دونالد ترامب بتفعيلها على مختلف الأصعدة، والأميركيين يتذكرون في العشرة الأيام الماضية من إدارة بايدن أن وجود بيت أبيض لا تحدث فيه أمور غير متوقعة.

  • بايدن في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض في واشنطن - 28 يناير 2021 (أ ف ب).
    بايدن في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض في واشنطن - 28 يناير 2021 (أ ف ب).

عادت الأجواء الاعتيادية لتطغى على وتيرة عمل الإدارة الأميركية داخل البيت الأبيض في ظل "أسبوع حافل"، على حد تعبير الرئيس جو بايدن أمس الخميس.

وكان بايدن يشير إلى عدد من الأوامر الرئاسية التي وقّع عليها منذ توليه مهامه في 20 كانون الثاني/يناير، وإلغاء قوانين قام سلفه دونالد ترامب بتفعيلها على مختلف الأصعدة من الهجرة إلى الرعاية الصحية.

لكن الإنجاز اللافت في العشرة أيام الماضية كان وببساطة تذكير الأميركيين بوجود "بيت أبيض" لا تحدث فيه أمور غير متوقعة.

فقد غابت فورات الغضب على موقع تويتر، ولم يوصَف الصحافيون بأنهم أعداء الشعب، ولم تتم شيطنة الحزب المعارض. ونُظمّت إيجازات صحافية يومية ومفصلة ومليئة بالحقائق بل حتى مملة، لخبراء حول فيروس كورونا والاقتصاد وغيرهما.

ومع رئيس ينشد الوحدة ويظهر أحياناً بين الناس، ولكن دائماً بشكل معد له بانتباه وليس لفترة طويلة، فإن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، يطمئن دبلوماسيي دول العالم بأن الولايات المتحدة التي ظنوا أنها ولّت، قد عادت. كل ذلك يرقى إلى تغيير كبير، لكن أّيّا منها ليست غير عادية .

وكما قال معد برنامج "ذي لايت شو" ستيفن كولبرت ساخراً حول الفرق بين خطة بايدن للتعامل مع الفيروس وخطة ترامب: "توجد خطة".

ويبرز السؤال، ماذا سيحصل عندما تصطدم الحملة الإعلامية الذكية لبايدن بواقع صعب؟ وكما اعتبرت حملة بيل كلينتون الرئاسية أن "كل شي يتعلق الاقتصاد"، فإن "كل شيء الآن يتعلق بالفيروس".

فحصيلة فيروس كورونا تقترب من نصف مليون وفاة في الولايات المتحدة.

وأمس الخميس، أظهرت بيانات حول أكبر انكماش للاقتصاد منذ 1946، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3,5% عام 2020، التداعيات المالية لإغلاق المطاعم وانخفاض حركة الطيران وتسريح العمال. لذا فإن رئاسة بايدن قد تكون مرهونة بما يحدث لاحقاً.

والنجاح في تلقيح الأميركيين وقيادة انتعاش اقتصادي يمكن أن يساعدا بايدن في تحويل كارثة إلى نصر. والإخفاق في ذلك يمكن أن يحمله معه حتى نهاية ولايته.

ويرى استاذ السياسة في جامعة جورجتاون مارك كارل روم أن "النجاح في كل مسألة أخرى يتوقف فعلاً على ذلك".

ومع توقع بايدن حملات تلقيح واسعة بحلول الصيف، يقول روم إن الرئيس سيواجه قريباً اختباراً بسيطاً وجلياً.

والتحدي الآخر أمام بايدن سيكون إرساء الوحدة في بلد قسمته رئاسة ترامب. فالرئيس الديموقراطي تحدّث يومياً تقريباً عن تلك المهمة، وغالباً ما كان مؤثراً. واتخذ خطوات لتبريد الأجواء بعد فترة انتخابية انتهت باقتحام أنصار ترامب مقر الكونغرس.

فمثلاً عندما سئل مراراً عن رأيه في محاكمة ترامب المرتقبة، رفض بايدن والمتحدثة الإعلامية للبيت الأبيض جين ساكي الوقوع في المصيدة، وقالا إن المسألة بيد المشرّعين.

كما رفض بايدن الدخول في معركة في مجلس الشيوخ، عندما حاول بعض الديموقراطيين التخلّص من إجراء يجبر الديموقراطيين والجمهوريين على العمل سوياً لتمرير مشاريع قوانين. ولا يزال ذلك الإجراء مطبقاً.

لكن أميركا لا تزال في حالة اضطراب، لأسباب ليس أقلها وسائل الإعلام المحازبة بشدة وشبكات التواصل الاجتماعي المليئة بالأخبار المضللة. ولم يعين بايدن أي جمهوري بارز في حكومته، كما كان قد توقع البعض.

ويتعرض للانتقاد بسبب كل تلك الأوامر التنفيذية التي تتجاوز الكونغرس، ويعتبر منتقدون انها تتخطى الصلاحيات. وحتى مجلس التحرير في نيويورك تايمز انتقده الخميس وقال "هذه ليست طريقة لسن قوانين".

وتحت ضغط اليسار لإعطاء الضوء الأخضر لمسائل مهمة، مثل التمويل الفدرالي لتقديم استشارة تتعلق بالإجهاض والذي أقره الخميس، وضغط من اليمين للتذكير بأن ترامب فاز بـ 74 مليون صوت، فإن بايدن في موقع صعب.

واختباره الكبير التالي سيكون الحصول على دعم الحزبين في مجلس الشيوخ لقراره الرئاسي الأول: خطة انقاذ ضخمة بقيمة 1,9 تريليون دولار لمساعدة المتضررين من كوفيد-19. والمؤشرات حتى الآن ليست جيدة.

لكن البيت الأبيض يشدد على أن بايدن، السناتور السابق لسنوات طويلة، في موقع يسمح له بتقريب الجانبين.

وقالت ساكي الخميس إن "توحيد البلد هو معالجة المشكلات التي يواجهها الشعب الأميركي، والعمل لمد اليد للديموقراطيين والجمهوريين ليفعلوا هذا بالضبط". وحتى الآن فإن الأجواء تعمل في صالح بايدن.

وقد لا تعني نسبة تأييد من 54% أظهرها استطلاع لجامعة مونماوث ونشر الأربعاء، الكثير. لكن أي شي فوق نسبة 50 لا ينبغي الاستخفاف به هذه الأيام.

وأظهر آخر استطلاع لغالوب حول ترامب لدى مغادرته المنصب نسبة تأييد لا تتعدى 34%.

اخترنا لك