ماذا لو كانت المقاومة تمتلك أنظمة دفاع جوي؟
التفوق الوحيد الذي ما زال يعتمد عليه جيش الاحتلال هو سلاح الجو الذي يشكل عماداً أساسياً في أي معركة مقبلة، وفي حال تم تحييده فإن هذا يعني اختلالاً خطيراً لا يُعوّض في المعادلة العسكرية.
أبقى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله موضوع امتلاك المقاومة لأنظمة دفاع جوي في دائرة الغموض والمفاجآت العسكرية. في "حوار العام" مع رئيس مجلس إدارة الميادين غسان بن جدو، لمّح ولم يشأ أن يصرّح، لكنه دعا الإسرائيلي إلى "القلق في البرّ والبحر والجوّ ومن كل أنواع الأسلحة التي لدى المقاومة، وليس فقط الصواريخ الدقيقة".
فهم الإعلام الإسرائيلي ما ألمح إليه السيد نصر الله بأن "تقدماً مهماً في مجال الدفاع الجوي لحزب الله سيفاجئ إسرائيل في المواجهة المقبلة".
سياسة الغموض التي يتبعها حزب الله تجاه هذه المسألة ليست جديدة. كان السيد نصرالله مهّد لها للمرة الأولى منذ 11 عاماً عندما شدّد على أن من حق المقاومة امتلاك أي سلاح في مواجهة "إسرائيل" بما فيه سلاح الدفاع الجوي. كانت تلك أول إشارة إلى احتمال امتلاك المقاومة لسلاح مضاد للطائرات.
وقال حينها في مناسبة "الوفاء للقادة الشهداء" عام 2009: "لدينا الحق في امتلاك سلاح دفاع جوي ولنا الحق في استخدام هذا السلاح للدفاع عن أرضنا وشعبنا". وأضاف أن الإسرائيليين "لديهم تفوق في سلاح الجو لكنهم قلقون ما إذا كان عندنا سلاح مضاد.. أنا لا أنفي ولا أثبت".
إشارة أخرى أطلقها الأمين العام لحزب الله في بدايات العام 2019 عندما أبدى استعداده علناً من موقعه "كصديقٍ لإيران"، أن يستورد سلاح دفاع جوّي للجيش اللبناني، "والذهاب إلى إيران للإتيان بكلّ ما يريده الجيش اللبناني ليُصبح أقوى جيش في المنطقة".
لكنه أشار ضمن "حوار العام" الأحد مع بن جدو إلى أن الحزب يعمل منذ العام 2000 من أجل الحصول على أي قدرة تعزّز قدرته للدفاع عن لبنان، مؤكداً على أن "هناك أسلحة عند المقاومة لا يعرف الإسرائيلي عنها شيئاً".
ما يقلق "إسرائيل"
بناء على النتائج والخلاصات المستقاة من حرب تموز 2006 يمكن القول إن حزب الله تمكن في آخر معاركه مع "إسرائيل" قبل 14 عاماً من تحييد سلاح البحرية الإسرائيلية. حصل ذلك بعد المفاجأة التي حققها بضرب البارجة التي تعتبر فخر الصناعة الإسرائيلية "ساعر 5".
على مستوى المواجهة البرية لا تزال المراجعات مستمرة في الجانب الإسرائيلي من أجل تحديث خطط جيش الاحتلال. خطة "تنوفا" التي اقترحها رئيس أركان العدو أفيف كوخافي ما زالت عالقة وتتضمن عدداً من الثغرات، يُضاف إليها وجود مشكلة جدية في حافزية جيش الاحتلال على القتال.
جيش راقب قادته عن كثب تكتيكات المقاومة وما سربته في معاركها التي خاضتها في سوريا وسط تضاريس وبيئة قتالية صعبة ومتنوعة، كذلك في معارك تحرير الجرود اللبنانية شرقي البلاد. صواريخ الكورنيت ومجزرة الدبابات في سهل الخيام لا تزال ماثلة منذ حرب تموز. خلاصة القول إن التفوق الوحيد الذي ما زال يعتمد عليه جيش الاحتلال منذ ذلك الحين هو سلاح الجو، وهو سلاح يشكل عماداً أساسياً في أي معركة أو حرب مستقبلية يخوضها.
ما معنى ذلك؟
يرد الجواب على لسان السيد نصرالله عام 2009 عندما لفت إلى أنه "إذا تغيرت معادلة سلاح الجو تغيرت المعادلة كلها لأن المقاومة تملك إرادة وشجاعة استخدامه".
في هذا الإطار يؤكد خبراء عسكريون أن التفوق في سلاح الجو لدى "إسرائيل" هو مفتاح أي نصر محتمل، وهو ما يعطي تصريحات السيد نصرالله الأهمية التي اكتسبتها. هذا يعني تعطيل التفوق الاسرائيلي وإصابة جزء أساسي من الاستراتيجية الإسرائيلية بالعطب، ما من شأنه الإخلال بالتوازن العسكري مع "إسرائيل" لصالح المقاومة إلى حد خطير.
وما بات معروفاً وبحكم المؤكد في أوساط الخبراء والمتابعين أن حزب الله يمتلك أنظمة معينة من الدفاع الجوي اليوم لكنه لم يعلن عنها ولم يحدد طبيعتها، وقد استخدم بعضها سابقاً في إسقاط مسيّرات إسرائيلية. لكن ما يقلق الإسرائيلي هو أن يكون بحوزة حزب الله أنظمة متقدمة وحديثة من الدفاع الجوي. قلق له ما يبرّره في ضوء ما رصده الإسرائيلي في أداء محور المقاومة سواء في اليمن أو إيران.
وللتذكير فإن الطائرة من دون طيار "غلوبال هوك" التابعة للبحرية الأميركية التي أسقطتها إيران منتصف عام 2019 لم تكن طائرة بسيطة، فهي من أحدث الطائرات الأميركية وتتيح التشويش الإلكتروني على الدفاعات المعادية.
أما في اليمن فقد استطاع الجيش اليمني واللجان الشعبية تطوير عدد من المنظومات وأسقطت عشرات الطائرات التابعة للتحالف السعودي، من بينها مروحيات أميركية من طراز "أباتشي" التي تم التأكيد على إسقاط ما لا يقل تسعة منها. كما تم إسقاط مروحيات نقل من نوع "إس 70 ديزرت هوك"، ، و"إيه إتش 60 باتل هوك" ومروحية قتالية من نوع "أن أس أيه 407".
وعلى مستوى طائرات الجناح الثابت، حازت القاذفات المقاتلة الأوروبيَّة "تورنيدو" المركز الأول كأكثر نوع تم إسقاطه في الأجواء اليمنية، وتأتي في المرتبة الثانية المقاتلات الأحدث في الترسانة السعودية، وهي المقاتلات الأميركية "أف-15"، التي تم إسقاط مقاتلتين منها.
يضاف إلى ما سبق طائرات متنوعة أخرى، من بينها مقاتلة من نوع "أف-16"، وقاذفة خفيفة تابعة لسلاح الجو الإماراتي من نوع "أيه تي 802"، ومقاتلة إماراتية من نوع "ميراج 2000"، ومقاتلة سعودية من نوع "تايفون".